إقتصاد

رداءة الإنترنت.. هل تدولر فواتيركم؟

تم النشر في 11 كانون الأول 2021 | 00:00

زادت فواتير اشتراكات الإنترنت على المواطنين بأكثر من نصف ما كانت عليه سابقاً. وبدأ ‏المزوِّدون بتحضير مشتركيهم نفسياً لرفع الأسعار منذ شهر تموز الماضي، على وقع تبلُّغِهم من ‏الشركات المزوّدة للإنترنت قرار رفع الأسعار وقبض دولارهم على سعر 3900 ليرة مرحلياً. ‏علماً أن الشركات المزوّدة تشتري خدمة الإنترنت من هيئة أوجيرو بالدولار الرسمي. ومع كل ‏ذلك، لا يتلقّى المشتركون خدمات كافية، بل يتحمّلون التراجع المستمر لجودة الإنترنت، إن على ‏مستوى الأفراد أو الشركات.‏

رفع الأسعار وتراجع الخدمات

ارتفعت الأسعار وأُجبِرَ المشتركون على قبولها، نظراً لحاجتهم للإنترنت، والتي زادها واقع ‏العمل والتعليم من بُعد تحت وطأة انتشار فيروس كورونا. فارتفع الضغط على الشبكات ومعها ‏شكاوى المشتركين، التي تبدأ عند المزوّع المباشر للمشتركين، مروراً بشركات التوزيع، وانتهاءً ‏بالشركات المزوّدة.‏

تبرير الشركات المزوّدة لتراجع الخدمة بحسب "المدن"، هو عدم إفراج أوجيرو عن المزيد من ‏حزمات الإنترنت. ويصل التبرير إلى المشتركين الذين يضعون اللوم على أوجيرو، انطلاقاً من ‏سخطهم على الدولة التي نجحت في اكتساب سمعة سيئة. وعليه، استمر المشتركون بدفع كلفة ‏مرتفعة لقاء خدمة تتراجع باستمرار.‏

أوجيرو تُبرِّر

ترفض هيئة أوجيرو إلقاء اللوم عليها، لأن المشكلة لدى الشركات وليس الهيئة. "نوعية الإنترنت ‏التي تأخذها الشركات ما زالت هي نفسها"، يقول المدير العام لهيئة أوجيرو، عماد كريدية. ‏ويشرح لـ"المدن"، بأن الشركات الموزّعة للإنترنت "تطالب أوجيرو بزيادة حزمة الإنترنت، لكن ‏أوجيرو ترفض لأن الشركات لم تقدّم للهيئة تبريراً للزيادة، كارتفاع عدد مشتركيها مثلاً".‏

ويوضح كريدية أن المشكلة التي يعاني منها المشتركون تبدأ من التوزيع غير المتكافىء ‏للحزمات. فالشركات تعطي الحزمات لعدد أكبر مما ينبغي، فيزيد الضغط وتتراجع الخدمة. كما ‏تحاول أوجيرو من خلال الرفض أن تتفادى "التوزيع غير الشرعي".‏

‏"أوجيرو غير مسؤولة عن طريقة توزيع حزم الانترنت التي تشتريها الشركات"، يقول كريدية. ‏فالشركات "هي التي تقرر كيفية توزيع الانترنت على الموزعين لتضمن ربحها". وحول الربح، ‏يكشف كريدية أن الشركات "لم تخسر في مسألة الأسعار، بل خسرت من معدل أرباحها. ولذلك، ‏تحاول رفع الأسعار باستمرار، وهو أمر مبرر لأن الأكلاف ترتفع بالدولار بشكل جنوني".‏

إذاً، للزبون خيار واضح وهو أوجيرو. إذ يدعو كريدية الزبائن للاستفادة من خدمات أوجيرو ‏التي تقدم إنترنت بجودة جيدة.‏

الشركات توفّر في أكلافها

خلف الشكاوى المتواصلة للمشتركين في كل المناطق، يكمن الهدف الأساس لشركات الإنترنت، ‏وهو توفير الأكلاف وتحقيق المزيد من الربح. وتشرح مصادر من بين مزوّدي الإنترنت ‏لـ"المدن"، بأن الشركات "تملك صحوناً وبطاريات ومحطات إرسال كثيرة. وتقسّم مشتركيها إلى ‏مجموعات وتوزّعها على محطات الإرسال التابعة لها، وكل محطة لديها قدرة معينة على ‏استيعاب عدد محدد من المشتركين، وإن زاد العدد عن الحد الطبيعي، تضطر الشركة لزيادة ‏محطة إضافية. وما يحصل اليوم هو أن الشركات تُخرِج عدداً من المحطات عن العمل، أي ‏تُطفئها، وهو أمر يحتاج إلى بضع ثوانٍ، وتُحمِّل المحطات الأخرى، عدد مشتركين أكبر، ‏فتتراجع خدمة الإنترنت".‏

الشركات غير مهتمة حالياً باعتراضات زبائنها، بل تقع أولويتها في حدود "توفير المازوت ‏وتفادي الأعطال وإجراء عمليات الصيانة وشراء المعدات بالدولار". وهذا الهَم، ينفي مسؤولية ‏أوجيرو عن تراجع جودة الإنترنت، بل يؤكد من ناحية أخرى أن "الشركات المزوّدة تقوم بلعبتها ‏بالتكافل والتضامن، وهو ما يبيّنه ضعف الإنترنت لدى كل اللبنانيين في الوقت نفسه. فهل يُعقل ‏أن الشركات المزوّدة تعرّضت لأزمة واحدة في اللحظة عينها؟ كما أن أي شركة لن تسمح في ‏الوضع الطبيعي، أن تتراجع الخدمة لديها، لأن المزوّدين سينتقلون إلى شركة أخرى، وهو ما لم ‏يحصل اليوم، ما يشي بوجود قرار مخفي مشترك لدى الشركات".‏

على المقلب الآخر، توضح المصادر أن "حجّة أوجيرو ضعيفة أيضاً. إذ لا يمكنها التذرّع بعدد ‏المشتركين لزيادة حزمة الإنترنت، فالشركات المزودة تدفع ثمن الحزمة، بعيداً من عدد ‏المشتركين. فالحقيقة في مكان آخر".‏

الحقيقة برأي المصادر مرتبطة بسعر الدولار. فكما تبحث الشركات عن زيادة أرباحها، كذلك ‏تفعل الدولة، عبر هيئة أوجيرو، وهو أمر منطقي. فالشركات "تسارع إلى حجز حزم إضافية من ‏الإنترنت لدى أوجيرو، استباقاً لإمكانية رفع أوجيرو الكلفة عن طريق رفع سعر صرف الدولار. ‏وأوجيرو أيضاً، لا تريد بيع حزم إضافية بالسعر الرسمي الحالي، فربما تتوافق القوى السياسية ‏على رفع سعر الصرف الرسمي، فتحقق الدولة أرباحاً إضافية".‏

أرباح الكارتيلات

تشكّل الشركات المزوّدة للإنترنت كارتيلاً واحداً، يبحث عن زيادة أرباحه بأي وسيلة. ولأن ‏زيادة أسعاره غير ممكنة بشكل رسمي، لأن عقوده مع الدولة بأسعار ثابتة، "تلجأ الشركات ‏لطرق ملتوية، إذ تدخل بتسوية مع موزّعي الإنترنت الذين يأخذون الخدمة من المزوّدين. ‏فالموزّعون يمكنهم زيادة فواتيرهم على المشتركين، وبالتالي، يأخذ المزوّدون نسبة من أرباح ‏الموزّعين".‏

يلاحظ المشتركون أن الإنترنت يتراجع في ساعات مختلفة، حسب سرعة سحب الإنترنت. لكن ‏بشكل عام، تزيد سرعة الإنترنت بعد منتصف الليل وصولاً إلى منتصف النهار، وتبدأ بالتراجع ‏الواضح من الساعة 2 بعد الظهر إلى منتصف الليل. وهكذا تتكرر العملية "إلى أن تحين اللحظة ‏المناسبة لزيادة الأسعار مرة أخرى، وهو أمر حاصل في المستقبل القريب، لا محالة".‏



المدن