أخبار لبنان

الانهيار يتدحرج.. وإجراءات مالية رهن الإختبار

تم النشر في 15 كانون الأول 2021 | 00:00

كتبت صحيفة " النهار " تقول: ‏‎فيما يواصل سعر الدولار الأميركي في السوق السوداء اللبنانية ‏قفزاته "التاريخية" مقارباً ‏خرق سقف الثلاثين ألف ليرة ربما في الساعات المقبلة، وبعدما تجاوز ‏أمس سقف الـ 28 ‏ألف ليرة من دون فرامل ولا ضوابط ولا روادع، لم يعد السؤال محصوراً ‏بالتداعيات المالية ‏والاقتصادية والاجتماعية لهذا الإنهيار المتدحرج وإنما إتسع أيضاً، وبقلق ‏موضوعي ومبرّر، ‏إلى الجانب الأمني - الاجتماعي وما يمكن ان ينشأ عنه من فوضى أمنية ‏يصعب ضبطها. ‏ذلك ان مشهد الإنهيار بدا في ذروة دراماتيكيته في ظل اشتعال سعر الدولار ‏من جهة، ‏وبداية حصول مؤشرات على تفلت أمني يستهدف المصارف والمتاجر مع حادث ‏محاولة ‏السرقة المسلحة التي استهدفت فرع مصرف بيبلوس في الزلقا، كما مع حادث ‏سطو ‏مسلح على متجر لبيع أجهزة الهاتف الخليوي في سن الفيل في وضح النهار، كما مع ‏معالم ‏نزول متجدد وفوضوي إلى الشارع وقطع الطرق في موسم الأعياد بما ينذر بمزيد من ‏شلّ ‏الحركة. كل ذلك يجري فيما اركان السياسة الرسمية يتعاملون مع الانهيار المتدحرج ‏برتابة ‏قاتلة على نحو إطلاق مواقف "تبرئة الذمة" التي أطلقها رئيس الجمهورية ميشال ‏عون ‏أمس، وكأن هاجسه الوحيد الدائم رمي الكرة في مرامي الجميع فقط من دون ان ‏يعلم ‏اللبنانيون أي خطوة يمكن ان يتخذها في مواجهة حليفه الذي يعطل مجالس الوزراء. ‏وإذا ‏كان عون أيد انعقاد مجلس الوزراء ولو قاطعه البعض، فإن ثمة من سأل هل يكفي ‏هذا ‏الموقف الكلامي أولاً للضغط على معطلي مجلس الوزراء واإثبات ان أقلية لا تتحكم ‏بأكثرية؟

في أي حال تعيش البلاد على وقع الإنهيار المالي المتدحرج الذي أجهز تماماً على بقايا ‏ملاءة ‏الليرة اللبنانية، اذ فرض تحليق الدولار أمس متخطياً عتبة الـ28 الف ليرة، إيقاعه على ‏مجمل ‏الوضع الداخلي فيما لا يبدو أن ثمة أي افق للإفراج عن مجالس الوزراء لحكومة لا ‏تزال ‏محتجزة على يد شريك أساسي فيها، هو الثنائي الشيعي في انتظار تنفيذ شرطه بتنحية ‏المحقق ‏العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار الذي يستمر في ‏تحقيقاته. وبرز في ‏هذا السياق تطور سيكون قيد الاختبار من اليوم على امل ان يؤدي إلى ‏فرملة تفلت سعر الدولار. ‏اذ أعلن مصرف لبنان مساء أمس في بيان انه بدعوة من رئيس ‏مجلس الوزراء عقد اجتماع في ‏السرايا الحكومية حضره وزير المال يوسف الخليل وحاكم ‏مصرف لبنان رياض سلامة، ‏‏"وجرى التداول فيه في السبل العائدة للجم تدهور سعر صرف ‏الليرة اللبنانية، وعلى أثر ذلك ‏اتخذ مصرف لبنان التدابير الاتية‎:‎

‎ ‎سيقوم مصرف لبنان بتزويد المصارف العاملة حصتها النقدية لما تبقى من هذا الشهر ‏بالدولار ‏الأميركي النقدي بدلا من الليرة اللبنانية، وذلك على سعر صرف منصة صيرفة. ‏وسوف يطلب ‏مصرف لبنان من المصارف بيع الدولارات المشتراة على سعر صيرفة كاملة ‏إلى مختلف ‏عملائها عوضاً عن الليرات اللبنانية التي كانت مرصودة لدفعها بالليرة‎.‎

‎‏ سوف يقوم مصرف لبنان بتنظيم سداد القروض التجارية بالعملات الاجنبية نقداً بالليرة ‏اللبنانية ‏على السعر المحدد في التعميم 151 أي 8000 ل.ل. حاليا ما يساعد على خفض ‏الطلب على ‏الدولار ويزيد الطلب على الليرة اللبنانية في الأسواق‎".‎

واما في تداعيات الموجة الجديدة للانهيار المالي فبرزت مخاوف جدية للمرة الأولى على ‏الامن ‏الاجتماعي والاقتصادي مع حادث تعرض بنك بيبلوس في فرعه في الزلقا لمحاولة ‏للسرقة ‏والسطو المسلح وإطلاق النار الامر الذي أدى إلى إصابة مدير الفرع بجروح وأشاع ‏أجواء من ‏القلق والخوف حيال الامن المصرفي كلا من الان وصاعداً‎.‎

عون.. الآخرون‎!‎‎

ووسط "غربة" تامة للدولة بكل أركانها ومؤسساتها عن هذا الانهيار وما يتركه من تداعيات ‏لدى ‏الناس، جاءت رزمة مواقف جديدة لرئيس الجمهورية أمس خلال استقباله المجلس ‏المنتخب لنقابة ‏المحررين اشبه بجردة يراد لها إلقاء اللوم وتحميل التبعات الروتينية للآخرين. ‏وأعلن في هذا ‏السياق انه يؤيد الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء حتى ولو تمت ‏مقاطعتها، "وبتنا امام ‏وجوب الاختيار بين السياسة والقضاء، فلمن الغلبة؟ للصفة التمثيلية ‏ام القضائية؟"، مشدداً على ‏انه "لا يمكن ابقاء الحكومة معطلة، فهناك امور تحتاج إلى البت ‏بها، ومنها مثلاً اقرار الموازنة ‏لتسهيل مسائل الكهرباء وغيرها من المواضيع‎".‎

وأوضح عون "ان التفاهم قائم بشكل كبير مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، وان ‏وجود ‏اختلاف في الرأي احياناً لا يعني الخلاف ولا يجب ان يسمى بذلك. اما عن العلاقة مع ‏حزب ‏الله، "فهناك امور يجب ان تقال بين الاصدقاء، ونحن ننادي بما يقوله الدستور، لان ‏عدم ‏احترامه يعني ان تسود الفوضى‎."‎

وتساءل "عما إذا كان تسليم الاموال إلى الشعب مباشرة من دون المرور بالدولة، هو ‏لتمويل ‏الانتخابات النيابية وايصال من ليس لديه تجربة إلى الندوة البرلمانية". ولفت إلى ‏انه "طالب منذ ‏سنة ونصف السنة بالتدقيق الجنائي، لمعرفة مسار المال العام، من سرقه ‏او أهدره او من أخطأ ‏بشكل فظيع في ادارته، مشيراً إلى انه كان مرتاحاً ان المجتمع بلغ ‏نضجاً يشجعه على المضي في ‏الاصلاح، انما اليوم "لم اعد اسمع اي صوت ينادي بالاصلاح، ‏بل اسمع من يهاجمني ويتهمني ‏باعادة النظام الرئاسي". وأمل بعد هذه الاحداث، "نهاية ‏حقبة معيّنة تخطى عمرها الـ30 سنة، ‏وباتت تحتاج إلى تغيير"، مؤكداً من جهة ثانية ان ‏الانتخابات ستحصل، "والأمر الذي غيّرته هو ‏تاريخ اجرائها من 27 آذار إلى 8 او 15 أيار، ونحن ‏سنتفق على ذلك. " ورأى انه مضى على ‏المتحاورين 30 سنة وهم يتحاورون من دون ‏الوصول إلى نتيجة، "يجب تغيير المتحاورين ولو ‏كنت انا من بينهم". وفيما بدا اتهاما ضمنيا ‏ثلاثيا لوزارة المال وحاكمية مصرف لبنان ورئيس ‏مجلس النواب قال عون "ما من أحد ‏يستطيع مد يده إلى الخزينة الا من يحكمها ومن يحميه‎".‎

في المقابل غرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مساء أمس عبر "تويتر" ‏قائلا: ‏‏"إلى متى سننتظر التسوية المطلوبة والتي تقضي باجتماع الوزارة فوق كل اعتبار ‏للمباشرة ‏بعملية الاصلاح والتفاوض مع صندوق النقد الدولي؟ إلى متى ستبقى الحسابات ‏الفئوية الصغيرة ‏اقوى من مصلحة الوطن؟ ماذا ينتظرون وقد بدأ الهيكل ينهار على رؤوس ‏الجميع؟‎".‎

‎ ‎المجلس الدستوري

‎ ‎وسط هذه الأجواء يبدو ان ثمة تطوراً بارزاً سيسجل في ملف مراجعة الطعن الذي قدمه ‏‏"تكتل ‏لبنان القوي" امام المجلس الدستوري. اذ ان معلومات توافرت لـ"النهار" أكدت ان ‏المجلس ‏الدستوري سيجتمع غداً الخميس ليقدم جوابه النهائي على ان يصدره ويعلنه قبل ‏‏21 الجاري. ‏وفي التفاصيل ان التوجه هو بنسبة 95 يتجه نحو خلاصة جواب هو اللاقرار أي ‏عدم التوصل ‏إلى الاتفاق على قرار بمعنى ان التعديلات على قانون الانتخاب التي اقرها ‏مجلس النواب ‏وصدرت في قانون وقدم التكتل الطعن فيها ستأخذ طريقها إلى التنفيذ، ‏ولن يتم الاخذ بالمندرجات ‏التي قدمها الفريق النيابي الذين يأمل في تثبيت الطعن في ‏مرمى القانون. ومن هنا لم يحصل ‏المؤيدون للطعن في نهاية الرحلة التي خاضها المجلس ‏الدستوري الا على 5 أصوات من اصل ‏‏10. ومن المستبعد التوصل إلى قرار في جلسة ‏الخميس حيث سيتم التوجه إلى اتخاذ موقف ‏يتضمن اصدار قرار يقول بأن الاعضاء لم ‏يتفقوا ويجب اصداره في 21 الجاري أي يوم الثلثاء ‏المقبل. وسيقول الاعضاء انهم اجتمعوا ‏مرات عدة وتوصلوا إلى هذه الخلاصة. وهذه هي النتيجة ‏التي توصل اليها اعضاء ‏‏"الدستوري" الا إذا حصلت مفاجاة مدوية وغير متوقعة وبدّلت خيارات ‏اثنين من ‏المعترضين من أصل خمسة في الساعات الاخيرة التي تسبق يوم الثلثاء المقبل




النهار ‏