عرب وعالم

غضب الطبيعة العابر للقارات .. الفيضانات تبتلع آسيا

تم النشر في 20 كانون الأول 2021 | 00:00

لا تكاد تقف أنباء الفيضانات والأعاصير المدمرة حول العالم، بدءًا من بلدان أميركا الشمالية ‏مرورا بالشرق الأوسط، وإلى جنوب شرق آسيا، كما لو أن غضب الطبيعة بات عابرا للقارات.‏

في منطقة الشرق الأوسط، مثلا، شهد العراق وتحديدا مدينة أربيل وضواحيها، شمالي البلاد، ‏سيولا مدمرة، أسفرت عن خسائر بشرية ومادية.‏

وفي الولايات المتحدة، أدت الأعاصير والفيضانات لسقوط نحو 100 قتيل في 6 ولايات، في ‏وسط البلاد وجنوبها، فضلا عن مئات الجرحى وآلاف المشردين وتدمير مئات المنازل والمباني، ‏وخسائر مادية جسيمة بمليارات الدولارات.‏

وتضررت المرافق العامة والخاصة وشبكات الكهرباء والمواصلات والبنى التحتية، في كارثة ‏وصفها الرئيس الأميركي، جو بايدن بـ"مأساة تفوق التصور".‏

أما في آسيا، فلقي أكثر من 375 شخصا في الفيلبين مصرعهم، من جراء إعصار "راي" الأشد ‏الذي يضرب البلاد هذه السنة، وفق آخر حصيلة رسمية صدرت الاثنين.‏

في غضون ذلك، تسعى فرق الإغاثة والإنقاذ في الفلبين جاهدة لتوزيع المياه والمواد الغذائية ‏والدوائية في الجزر والمناطق المنكوبة .‏

وأظهرت إحصاءات الشرطة الفلبينية، أن نحو 500 شخصا على الأقل أصيبوا، وفقد 56 ‏آخرون، بعد أن اجتاح الإعصار المناطق الجنوبية والوسطى من الأرخبيل.‏

وضرب الإعصار مصحوبا برياح بلغت سرعتها 195 كلم في الساعة وسط الفيليبين وجنوبها، ‏يومي الخميس والجمعة، وأدى لاقتلاع أسقف المنازل، ودمر أبراج اتصالات، وأسقط أعمدة ‏كهرباء، كما اقتلع أشجارا .‏

وأظهرت صور جوية نشرها الجيش الفلبيني دمارا هائلا في المناطق المتضررة، واضطر أكثر ‏من 300 ألف شخص إلى ترك منازلهم.‏

ويضرب الفيليبين، إحدى أكثر الدول هشاشة في مواجهة تداعيات التغير المناخي، سنويا نحو ‏‏20 إعصارا تشيع الدمار في المساكن والمرافق العامة، وتقضي على محاصيل وبنى تحتية في ‏مناطق تعاني أصلا الفقر والعوز.‏

كوارث في كل مكان

أما في جارتها ماليزيا، فقد تم إجلاء أكثر من 22 ألف شخص، يوم الأحد، بسبب أسوأ فيضانات ‏تشهدها البلاد منذ 7 سنوات، وفقا للأرقام الحكومية، خاصة في 8 ولايات من البلاد.‏

وتسببت الأمطار الغزيرة المنهمرة منذ الجمعة في ماليزيا المعرضة للعواصف الموسمية نهاية ‏العام، بفيضان أنهار وغمر المناطق الحضرية الآهلة، مما أدى لاضطراب حركة المرور في ‏الطرق الرئيسية.‏

وأعرب رئيس الوزراء الماليزي، إسماعيل صبري يعقوب، عن دهشته لرؤية سيلانغور، أغنى ‏ولاية في البلاد والمحيطة بالعاصمة كوالالمبور، مغمورة بالفيضانات، مما أجبر آلاف من ‏سكانها على مغادرة منازلهم.‏

وتمت تعبئة أكثر من 66 ألف فرد من عناصر الشرطة والجيش وإدارة الإطفاء في مختلف ‏أنحاء البلاد، للمساعدة في إنقاذ من تقطعت بهم السبل بسبب الفيضانات ونقلهم إلى ملاجئ آمنة .‏

وكانت ماليزيا قد شهدت أسوأ فيضانات في تاريخها عام 2014، أجبرت نحو 120 ألف ‏شخص على مغادرة منازلهم.‏

ويحذر علماء وخبراء مناخيون وبيئيون منذ سنوات، من أن الأعاصير والفيضانات تزداد عنفا، ‏مع تفاقم الاحتباس الحراري.‏

‏"بضاعتنا ردت إلينا"‏

وفي هذا الإطار، يقول تحسين الموسوي، الخبير المائي والزراعي، في حديث مع موقع "سكاي ‏نيوز عربية"، إن هذه الكوارث؛ من فيضانات ومواسم جفاف، ناجمة عن تداعيات وتراكمات ‏التغيرات المناخية السلبية على مدى العقود الماضية، والتي باتت تتصاعد نذرها بشكل غير ‏مسبوق لحد الانفجار، وهذا ما يفسر درجات التدمير العالية التي تمتاز بها أعاصير وفيضانات ‏هذه الآونة الأخيرة في الكثير من الدول".‏

ويتابع الموسوي "من العراق في منطقتنا العربية وعلى امتداد العالم ثمة تصاعد مقلق في ‏الفيضانات والأعاصير العنيفة، والتي تحدث سنويا تقريبا في العديد من دول العالم، لكن الملاحظ ‏طيلة السنوات الماضية، ولا سيما هذا العام، أنها تبدو متطرفة جدا وقوية، بحيث أنها تخلف ‏دمارا واسعا وأضرارا هائلة في الأرواح والمرافق العامة والخاصة، ولا يقتصر الأمر على بلدان ‏نامية كالفيلبين مثلا فقط، بل حتى أكثر دول العالم تطورا مثل كندا والولايات المتحدة الأميركية، ‏لأنها تعاني أيضا تعاني تحت وطأة هذه الكوارث المناخية".‏

من جهته، يقول الخبير المناخي، دارا حسن، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية"، "تلعب ‏جملة عوامل متداخلة؛ وخاصة الجغرافية منها، دورا حاسما في تشكيل خارطة الدول الأكثر ‏تضررا وتعرضا للفيضانات والأعاصير الهائجة، فمثلا البلدان الشاطئية التي تمتاز بسواحلها ‏الطويلة، أو الدول الجزر أو المكونة من أرخبيل جزر، عادة ما تكون أكثر عرضة بالطبع لمثل ‏هذه الظواهر المتطرفة، بحسب ما نلاحظ في الفيلبين وغيرها من دول في جنوب شرق آسيا وفي ‏منطقة البحر الكاريبي مثلا".‏

لكن عوامل التغير المناخي والاحتباس الحراري وتدمير التوازن البيئي، كما يشرح حسن بالقول ‏‏"تبقى هي العوامل الحاسمة المتسببة في زيادة وتيرة عنف وقوة مختلف الظواهر الطبيعية من ‏أعاصير وسيول وفيضانات وحرائق، ومن يدفع الثمن في المحصلة نحن البشر ولنجني بذلك ما ‏زرعناه عبر إسهامنا في تدمير الطبيعة، وتلويثها واستنزاف مواردها وخيراتها بنهم وجشع".‏



سكاي نيوز عربية