كتبت صحيفة النهار تقول: فصل جديد من فصول إذلال المواطنين واحتقارهم بدأ أمس بأزمة محروقات مفتعلة أبطالها شركات استيراد نهمة وكارتيلات شرهة ووزارة طاقة عاجزة ولاهية ومدعية والنتيجة واحدة عودة الطوابير على محطات المحروقات بلا سبب جوهري واحد يبرر هذا التلاعب بالناس.
كأن لبنان وحده من دون كل دول العالم تأثر ويتأثر بتداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا فتنشأ أزمة توزيع المحروقات تحت زعم الارتفاع العالمي لسعر النفط وعدم إصدار جدول تسعير جديد في اليومين الأخيرين ويجري تخويف الناس بانقطاع المازوت والبنزين بعد أقل من خمسة أيام فيما يتطوع الوزير المعني لنفي أزمة استفحلت وصارت في قلب البيت.
هذه الفوضى بدت نموذجاً متقدماً عما سيشهده اللبنانيون في زمن العبور إلى الانتخابات مع ضياع الحقائق الذي تتسبب به السجالات بين الجهات المعنية كافة بقطاع المحروقات. ذلك أن ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا زعم أن مخزون المحروقات في لبنان يكفي لأربعة أو خمسة أيام، مشيراً إلى أن اتصالات عدة حصلت مع الشركات ووزير الطاقة. وأشار إلى أنه لم يصدر بعد جدول أسعار المحروقات وفق الارتفاع العالمي لسعر النفط، مؤكداً أن الارتفاع في أسعار المحروقات ليس محليًا إنما عالمياً.
ولكن وزير الطاقة وليد فياض سارع مساء أمس إلى الجزم لـ"النهار" بأن البنزين متوافر وبكميات تكفي السوق اللبنانية. وعزا ما يحصل الآن في محطات المحروقات إلى أزمة مفتعلة، لأن سعر برميل النفط العالمي ارتفع "لكن لا يمكننا أن نحدد للشركات المستوردة للنفط التاريخ الذي سنصدر فيه الجدول الجديد للأسعار". ولكن مصدراً رسمياً في قطاع النفط أكد لـ"النهار" أن جدول أسعار المحروقات الجديد سيصدر غداً الإثنين ومن المتوقع أن تكون الزيادة على سعر البنزين نحو عشرين ألف ليرة وقال إن الكميات الموجودة حالياً تكفي السوق لسبعة أيام.
وقال مصدر مطلع على ملف توزيع المحروقات لـ"النهار" إنّ "جدول الأسعار الأخير الصادر عن وزارة الطاقة والمياه- المديرية العامة للنفط لا يناسب الشركات المستوردة للوقود، بخاصة بعد صعود سعر برميل النفط العالمي، الأمر الذي دفعهم إلى التوقف عن توزيع المادّة أمس إلى حين تعديل التعرفة من جديد، فارضين هذا التعديل على وزارة الطاقة".
ولا يقف الأمر عند المحروقات، إذ أن التلويح بأزمة خبز استمر وقال المدير العام للحبوب والشمندر السكري في وزارة الاقتصاد جريس برباري "نحن في خضم أزمة عالمية والمخزون في لبنان صفر وهو لا يتجاوز الموجود في المطاحن، ولكن أدعو المواطنين ألا يتهافتوا لشراء وتخزين البضائع فنحن ندير الأزمة".
وأعلن أن المخزون من القمح يكفي لبنان لمدة شهر أو شهر ونصف. أما على صعيد المشهد السياسي فغابت أي تطورات بارزة أمس. ورجحت معلومات أن يتفاعل ملف ترسيم الحدود البحرية في أعقاب توافق رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي على تشكيل لجنة تقنية – قانونية – فنية، لدراسة عرض الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، تضم ممثلين عن قصر بعبدا، بينهم مستشار رئيس الجمهورية سليم جريصاتي وعن السرايا الحكومية بينهم المستشار الدبلوماسي للرئيس ميقاتي السفير بطرس عساكر، أما الرئيس نبيه بري فقد رفض تسمية ممثل عنه في حين رفض "حزب الله" المشاركة في أي لجنة ستجتمع بوفود أميركية.
وستضم اللجنة ممثلين عن وزارتي الخارجية والطاقة والهيئة الناظمة لقطاع النفط، وستسمي قيادة الجيش ممثلاً عنها من مصلحة الهيدروغرافيا. وفي هذا السياق، اعتبر أمس رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد أن "كل ما يجري الحديث عنه من ترسيم للحدود البحرية لا يعنينا، ونحن قلنا أنها مسؤولية الدولة، لكن ما يعنينا هو التسلل التطبيعي بالاستفادة من موضوع ترسيم الحدود من أجل بداية أخذ ورد مع العدو الإسرائيلي، فالوسيط الأميركي يحاول أن يسوق ذلك من خلال أطروحاته وما تستبطنه من إشارات تطبيعية حاضراً ومستقبلاً". أما الموقف اللافت في كلام رعد فكانت مرافعته الحماسية في الدفاع عن الدستور إذ دعا إلى "تطبيق وثيقة الوفاق الوطني ومبادئ ومواد الدستور بحرفيتها ليعاد بناء الدولة".
وأضاف: "كلنا نعلم أن الثورة في هذا البلد لا تتحقق إلا بتضافر كل مكونات أهل البلد، نحن أخذتنا موجة الانفعال لنطبّل لثورة، الآن رموزها الانتخابية سياسيون من الطاقم العتيق، والآن سيمثّل من نزل إلى الشارع في تشرين أبناء وأحفاد الطاقم السياسي العتيق في الانتخابات المقبلة، نحن لا نريد أن نغير شيئاً في تسويتنا السياسية، وليس لنا أي مطلب بأن نغيّر ونمسّ بشيء لا في دستورنا ولا في وثيقتنا وليس لنا أي استعداد حتى نسمح بأي مسّ بأي بند أو مادة في الوثيقة أو في الدستور إذا لم يكن هناك إجماع وطني على ذلك".
ودعا رعد لـ"تطبيق وثيقة الوفاق الوطني ومبادئ ومواد الدستور بحرفيتها ليُعاد بناء الدولة التي يمكن أن تؤمّن استقراراً لمدى بعيد عسى أن نتمكن في هذا المدى من أن نُحسن التحاور فيما بيننا وأن نستطلع ونستشرف آفاقاً واعدة لوطننا من أجل تطويره وتعزيز قدراته وتشكيل درع حماية له، وبناء علاقاته مع من يصدُقنا في العلاقات".
وعلى خط أزمة أوكرانيا يغادر الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء الركن محمد خير قبل ظهر اليوم إلى بولندا، على متن طائرة تابعة لخطوط طيران الشرق الأوسط "ميدل إيست" لمتابعة عملية إجلاء الرعايا اللبنانيين الذين غادروا أوكرانيا، نتيجة الاحداث هناك، بناء على قرار رئيس مجلس الوزراء، وتنفيذاً لقرار مجلس الوزراء وبالتعاون مع وزارة الخارجية، على أن يعودوا جميعاً في اليوم نفسه مساء.
وفي سياق متصل، يصل أشخصاً من لبنانيي أوكرانيا آتين من بوخارست إلى مطار رفيق الحريري الدولي - بيروت فجر اليوم الأحد. ويمثل هؤلاء الدفعة الثالثة من لبنانيي أوكرانيا، استكمالاً للدفعتين الأولى والثانية من اللبنانيين والطلاب اللبنانيين الذين يستضيفهم أحد رجال الأعمال اللبنانيين في بوخارست.
النهار