أخبار لبنان

القنبلة المستترة لأنظمة الصناديق الضامنة

تم النشر في 22 آذار 2022 | 00:00

النهار/أوكسيجين - مازن عبّود



خاطب الرئيس جون كندي الشعبي الأميركي في حفل تنصيبه في العشرين من ‏كانون الثاني 1961 قائلا: " المجتمع الذي لا يستطيع مساعدة غالبية من هم اقل ‏يسرا لن يتمكن من حماية القلة ممن هم أكثر يسرا". ‏

في خضم الانهيار الحاصل نسأل هل ستتمكن الصناديق الضامنة في لبنان من ‏الاستمرار في تأدية مهماتها في ظل تدهور العملة، وارتفاع اكلاف الاستشفاء، ‏وشح التغذية، وارتفاع معدلات العمالة غير المسجلة او غير القانونية؟ ‏

‏"تقييم عواقب الشيخوخة الديموغرافية في لبنان على ديناميكيات الاقتصاد الكلي ‏للبلد واستدامة نظام المعاشات التقاعدية" دراسة أعدها ريكاردو ماجناني من جامعة ‏السوربون وماري كلود قمر من كلية الاقتصاد في جامعة القديس يوسف في بيروت ‏في العام 2018. وقد خلصت الى انّ نظام التعليم اللبناني لا يلبي احتياجات السوق. ‏وبأنّ ما يتوفر من وظائف في سوق العمل عندنا لا يتطلب كفاءات عالية، مما يدفع ‏شبابنا الى الهجرة. وتناولت الفروقات الكبيرة ما بين تقديمات الصناديق الضامنة ‏للمتقاعدين في كل من القطاعين العام والخاص، بحيث انّ ما يناله متقاعدو الدولة ‏أكثر بكثير. واعتبرت بانّ لبنان سيواجه تحولا ديمغرافيا نتيجة انخفاض حاد في ‏معدلات الخصوبة يترافق مع زيادة حادة في من يتوجب تغطيتهم (62٪ العام مع ‏حلول العام 2100). مما يضع ضغوطا على الصناديق الضامنة. وتجدر الإشارة ‏الى الشباب المتعلم يدخل سوق العمل متأخرا (قريب 23 سنة) ويخرج منها عند ‏‏64 سنة. كما انّ تزايد العمالة غير المقوننة او المسجلة مقرونا بتزايد معدلات ‏متوسط الاعمار للمضمونين الى 90.3 للنساء و88 للرجال (بحلول العام 2100)، ‏يعني واقعيا اطالة امد التغطية للمتقاعدين وتوسعتها أكثر، مع ما يترتب من تزايد ‏اكلاف وتضاؤل مداخيل. فتتحوّل الشيخوخة الى كارثية على الاقتصادي ‏والاستثمار. وبيّنت انّ معدلات اسهامات موظفي القطاع العام لا تتوافق مع ‏التقديمات السخية التي ينالونها، والتي تنتقل الى الورثة احيانا. واقترحت زيادة ‏معدلات الاشتراكات، وتخفيض نسب الرواتب التقاعدية، والالغاء التدريجي ‏لمعاشات الورثة، ووقف التقاعد المبكر، بغية ضمان استدامة هذه الصناديق.‏

وأظهرت أنّ النظام المتبع في القطاع الخاص مستدام لكنّ بمستوى معيشة منخفض ‏جدًا مقارنة بمن يعملون. واوصت بضرورة تحسين ظروفهم المعيشية عبر زيادة ‏المساهمات، والانتقال الى نظام أكثر انصافا. واوصت باشراك أكبر للنساء في ‏سوق العمل لتأمين موارد إضافية. ‏

لا اعلم كيف سيتمكن من بلغوا السن القانونية عموما وفي القطاع الخاص خصوصا ‏من تحمل كل هذه الضغوطات التي تفاقمت بفعل ازمة تدهور العملة وأزمة ‏المصارف وأزمة فقدان السيولة وتبخر الودائع. ‏

الا انّ الانهيار يبقى أيضا فرصة لتصحيح مسار مرفق أساسي له تأثيرات على ‏صحة اللبنانيين وصحة اقتصادهم. مع كل ما يتطلبه ذلك من توحيد للمعايير ‏وعصرنتها. لذا، فانه يتوجب انشاء صندوق ضامن موحد يدار وفق منهجية القطاع ‏الخاص وبروحية الدولة الراعية. يأخذ بعين النظر كل ما تضمنته الدراسة ومع ‏رفع السن القانونية للتقاعد. ‏

انّ أي خطة إصلاحية لدرء التدهور وإعادة تصويب الاقتصاد لا تكتمل الا بمعالجة ‏هذه المسألة الأساسية. كما يتوجب على الحكومات والوزارات المعنية بدء العمل ‏بشكل جدي للجم الفوضى التربوية، وإعادة التوازن الى العلاقة ما بين سوق العمل ‏والجامعات كي نضمن رغدا فقدناه. فالضمان الاجتماعي والتعليم هما السبيل ‏لضمان كرامة الانسان وبناء غد أفضل وفق نعوم شومسكي. وهذا ما يلزم...‏