أوكسجين النهار - - مازن عبّود
"السياسة في السوبر ماركت: الاستهلاك السياسي كشكل من أشكال المشاركة السياسية"، دراسة نشرت في المجلة الدولية للعلوم السياسية (2005)، عالجت تأثير السياسة العالمية على سلوك المستهلك في السوبرماركت. تناولت مقاطعة البضائع الفرنسية (2003) بعيد اعتراض جاك شيراك على التدخل في العراق.
اوجه التشابه ما بين أوكرانيا وحرب الخليج كبيرة. ففي الشكل اعتداء لدولة على جارتها. وفي المضمون أسباب ترتبط بالطاقة. مع فارق انّ التسابق هذه المرة هو على تحرير أسواق الغاز في أوروبا، وليس على مصادره. فالتسابق على التحكم به.
حروب اقتصادية تتظهّر احيانا ميدانيا، وأحيانا أخرى دينيا واستهلاكيا وثقافيا وتجاريا. تسابق تسرب حتى الى الارثوذكسية. فبدأ الحديث في الاستثمار عن النسخة التي تلزم لمواجهة تمدد النفوذ الروسي عبر الارثوذكسية التي تشكل هوية روسيا. وبالفعل العمل جار على جمع التبرعات لبطريركية القسطنطينية لتعزيز جهودها في مواجهة الرئيس بوتين (ناشونال هيرالد، 24 آذار). ويبقى الهدف المستتر انتزاع الاسواق الأوروبية للغاز من سطوة روسيا وفتحها امام الغاز المسيّل الأمريكي.
حرب نورث ستريم تو اعادت احياء تحالفات تداعت. هي الشرارة التي ستفضي الى كتلتين ونظامين. روسيا خسرت من هيبة جيشها هناك، لكنّ اميركا بدأت تخسر أحادية ريادتها. أوروبا خسرت. وكلنا خسرنا...
الحرب ما أتت بالصدفة. حضّر لها. رفعت احتياطات العملات الصعبة. وخفّضت كميات الغاز الروسي الى أوروبا (2021) فوصل مخزونها الى أقل مستوياته.
"الشياطين غازات" كما يقول "ابو النسم". وكمية الغاز التي انتجت في 2020 بلغت 3.8 تريليونات مترا مكعبا. تصدرت الولايات المتحدة السوق انتاجا (914 مليار متر مكعب) وبعدها روسيا (638 مليار). صادرات الغاز الطبيعي في 2021 وصلت الى معدلات قياسية، والصين أكبر المستهلكين. تحلّ روسيا أولا باحتياطها، ومن ثمّ إيران، فقطر وأخيرا أميركا. وهذا ما يشرح التقارب الأمريكي- الإيراني حاليا.
بحسب رويترز(25آذار) ستبدأ اميركا بتصدير 15 مليار مترا مكعبا من الغاز المسيّل الى الاتحاد الأوروبي لهذا العام للحد من اعتماده على الغاز الروسي. فروسيا تزوّد أوروبا ب 40٪ من احتياجاتها، ما يتطلب استثمارات وثلاث سنوات لبناء بنى تحتية رديفة.
نعتقد في لبنان بانّ غازنا سيحلّ الازمة. ونسعى ان نثمره في الانتخابات، الا انّ غاز المتوسط كلّه لا يكفي الا قسما يسيرا. وهذا ما يفسر تجميد مهمة "آموس" المرتبطة بتطور العلاقات ما بين اميركا والغرب وإسرائيل من جهة وإيران من الجهة المقابلة. فالعيون على الغاز القطري والفارسي الجزائري...
التسويق السياسي من خلال الخطاب الانتخابي" دراسة ميدانية علمية ممتعة في كتاب للصحافية لميا شديد حول الدائرة الثالثة في انتخابات 2018. وقد خلصت الى انّ "الخطاب السياسي لم يكن مؤثرا والدافع الأساسي امام للاقتراع بل كانت الخلفية والبيئة لدى الجمهور هي الدافع للتوجه الى صناديق الانتخابات". وسيكون ذلك مؤلما ان استمر الوضع على حاله في انتخابات 2022.
"الناس في السوبر ماركت والاسعار نار، حاجاتهم كبيرة ومصرياتهم قليلة...بلغوا ربيعا بلا دفئ، وانتخابات بلا مصاري، يستمعون الى سمفونية بلا موسيقى" وفق "فريد العظيم" ابن "فوتين" جارتنا.
يطل الاستحقاق في ظل انهيار وشتاء روسي طويل وتخل، وفوضى قضائية ومصرفية، وصراع سلطة على ورقة النقد والمال ساحته الناس. لكن هذا لا يمنعنا من التأمل بتغيير. فلا فيتحوّر كلام الرئيس أبراهام لينكولن كي يصير “الاقتراع ليس اقوى من رصاصة بل فرقيعا منتهي الصلاحية ".