أشارت "النهار" إلى أن مع ان المناخ الانتخابي كان يفترض ان يهيمن الى حدود قصوى على الاستحقاقات الداخلية نظرا الى دخول البلاد في العد التنازلي لفترة الأربعين يوما الأخيرة الفاصلة عن موعد 15 أيار فان البلبلة الواسعة التي تسببت بها رئاسة الجمهورية منذ مساء الثلثاء حيال زيارة البابا فرنسيس للبنان ظلت تتقدم أولويات المشهد السياسي والديبلوماسي على نطاق واسع . وما بدا غريبا غداة استباق بعبدا الفاتيكان في تحديد حزيران موعدا للزيارة البابوية وتحفظ الفاتيكان عن تثبيت الموعد هو ان الالتباس ظل سيد الموقف حيال الموعد النهائي في ظل عدم صدور أي موقف فاتيكاني رسمي بعد ولو ان المؤشرات والمعطيات المتوافرة تشير الى ان الموعد سيكون في حزيران فعلا ، وكانت ابرز الإشارات الى ذلك اعلان مجلس المطارنة الموارنة بعد اجتماعه الشهري الترحيب بالزيارة على أساس انها ستحصل في حزيران.
اما بعبدا فلزمت الصمت امس ولم تصدر أي بيان توضيحي لاستباقها الفاتيكان في الإعلان عن الزيارة ولكن مصادرها تمسكت بان الرسالة الخطية التي تسلمتها اول من امس من السفير البابوي تتضمن موعدا مقترحا للزيارة وان بعبدا لم تكشفه في انتظار ان يعلن الكرسي الرسولي عن اليوم والتاريخ المقررين للزيارة. كما تمسكت أوساط بعبدا بروايتها قائلة أن السفير البابوي المونسنيور جوزف سبيتري قصد بعبدا في زيارة علنية، حاملاً رسالة رسمية، وجرى التوافق معه حول صيغة الاعلان عن الزيارة في حزيران من دون التفاصيل الدقيقة. وأضافت أنه جرت العادة بعد إبداء البابا رغبته في زيارة بلد بأن تشكّل لجنة من الطرفين لتحديد التاريخ الدقيق وبرنامج الزيارة، وبعد انجاز البرنامج الأولى يجري الاعلان الرسمي المشترك. ورداً على قول مصادر الفاتيكان الاعلامية بأن الزيارة “قيد الدرس”، قالت أوساط بعبدا: “نعم صحيح لأن البرنامج الدقيق لم ينجز بعد، لكن هناك توافقاً مشتركاً على موعد الزيارة”.
يشار في هذا السياق الى انه في حال ثبت ان الزيارة ستحصل خلال حزيران المقبل أي غداة شهر الانتخابات فسيكون البابا فرنسيس البابا الثالث الذي يزور لبنان خلال 25 سنة بعد انتهاء الحرب فيه . اذ ان الزيارة الأولى بعد الحرب كانت للبابا يوحنا بولس الثاني في 10 و11 أيار عام 1997 في عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي حيث سلم الإرشاد الرسولي من اجل لبنان، فيما كانت الزيارة الثانية للبابا بنديكتوس السادس عشر بين 14 و16 أيلول 2012 في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان حيث حمل أيضا الإرشاد الرسولي من اجل كنائس الشرق الأوسط . وقد بدأ رصد زيارة البابا فرنسيس من زوايا عدة خصوصا انها في حال حصولها في حزيران ستأتي وسط ظروف بالغة التعقيد والدقة والغموض في لبنان غداة الانتخابات النيابية التي يفترض ان تجرى في ايار وعشية بدء الأشهر الأخيرة من ولاية العهد الحالي بما يعني ان زيارة شخصية دينية ومعنوية عالمية بهذا الوزن الذي يمثله البابا فرنسيس للبنان ستطلق العنان لتأثيرات لا يمكن الا ان تترك تداعيات كبيرة على واقعه الدراماتيكي من جوانب كثيرة.
وفي سياق متصل، أوضح مصدر مقرّب من الكرسي الرسولي لصحيفة "نداء الوطن" ان البابا فرنسيس أكثر من واضح في مواقفه ويعبّر عنها في عظاته أو في بياناته، فهو أولاً ناقم على السلطة الحاكمة من رأس الهرم حتى أصغر مسؤول، وهو أول من بارك انتفاضة الشباب اللبناني في 17 تشرين ودعا إلى الإستماع إلى مطالبهم، ولذلك فإنه يعتبر أن جميع الحكّام مسؤولون عمّا وصل إليه الوضع اللبناني ومن ضمنهم رئيس الجمهورية. اضافة الى أن الكرسي الرسولي يدعم الدولة والجيش اللبناني كقوّة وحيدة قادرة على حماية الجميع.
النهار