في الطبقة الثانية من مطرانية صيدا للروم الكاثوليك في وسط المدينة ، ينهمك الأرشمندريت جهاد فرنسيس في توضيب وجبات إفطار يتم طهيها وإعدادها في مطبخ المطرانية تمهيداً لتوزيعها على عائلات محتاجة ومتطوعين أو عاملين في مؤسسات خدماتية واغاثية ومرافق عامة يومين في الأسبوع طوال شهر رمضان المبارك وذلك في اطار مشروع " افطار صائم " الذي تنفذه "لجنة أعيادنا تجمعنا " تحت عنوان " خبز وملح " .
هي واحدة من مبادرات اجتماعية وانسانية عديدة تشهدها صيدا خلال شهر الخير تأكيداً على روح التكافل والتضامن الإجتماعي والإنساني التي لطالما طبعت العمل الاجتماعي والأهلي في المدينة وخاصة في هذا الشهر المبارك .
الا أن ما يميز هذه المبادرة هو كونها الأولى من نوعها التي تنطلق في شهر رمضان من رحاب مطرانية صيدا وتحت رعاية واشراف مباشرين من راعي الأبرشية المطران ايلي حداد ، وتتزامن أيضاً مع أسبوع عيد الفصح وتستمر بعده ، حيث يتم إعداد وجبات ساخنة في مطبخ المطرانية وتوزيعها على العائلات المتعففة في منازلهم، ووفقاً لجداول اسمية معدة من قبل اللجنة عن الفئات المستهدفة في مدينة صيدا.
من رحم الحياة المشتركة الإسلامية المسيحية التي تتجلى بأروع صورها في مدينة صيدا ، خرجت "لجنة الأعياد تجمعنا" بمبادرة حينها من المطران ايلي حداد ، وتشكلت من ممثلين عن المطرانية وبلدية صيدا وجمعيات أهلية وأندية اجتماعية ناشطة في صيدا وجوارها .
يقول الأرشمندريت فرنسيس ( رئيس لجنة أعيادنا تجمعنا ) ان " عمر اللجنة اليوم 10 سنوات وكنا كل سنة نقوم بنشاطات ترفيهية وفنية ومعارض انتاجية ونساعد ربات البيوت اللواتي يشتغلن في بيوتهن لبيع انتاجهم. وكان هدف اطلاق هذه اللجنة أكثر هو التأكيد على أن العيش المشترك والعيش الواحد في صيدا هو حياة معاشة يومية وتضامن من خلال مبادرات تطلقها اللجنة انطلاقاً من هذا المكان اي المطرانية التي دائما يقول سيادة المطران حداد أنها بيت الكل وهي مفتوحة لكل الناس".
ويضيف " وبتوجيهات سيادة المطران وبركته كانت لنا هذه السنة وقفة وجدانية كلجنة أنه امام هذه الضائقة الاقتصادية والوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به لبنان ومدينتنا ومنطقتنا تحديداً ، لا بد أن يكون هناك مبادرة في شهر رمضان الكريم تدعم وتقوي هذا المبدأ الذي كلنا نعمل تحت غطائه وهو مبدأ العيش الواحد ، فكانت فكرة مشروع " افطار صائم" وهو عبارة عن وجبات افطار ساخنة لمدة 6 او 7 أيام يعني مرتين أو ثلاث كل أسبوع ، وهذا المشروع الذي اخترنا له عنوان " خبز وملح " يطال اكثر من 700 شخصاً أو عائلة ونتوجه به الى العاملين في المؤسسات العامة والخدماتية مثل الدفاع المدني ومركز الاطفاء والعاملين في المستشفى الحكومي وعمال البلدية وبعض المؤسسات التي فيها ذوو احتياجات خاصة وايضا مجموعة من العائلات من ذوي الحاجة وذلك بالتعاون ايضا مع الجمعيات التي تستطيع أن تقدم وتخدم ".
ويتابع فرنسيس "اردنا من هذه الفكرة اولا ان ندعم الانسان الذي نؤمن به جميعاً مسيحيين ومسلمين وبأن خدمة هذا الإنسان واجبة على كل الناس ايا كان ايا دينه وأيا كان لونه.. هي حالة ضميرية اذا لم نعشها نكون بعيدين عن الله او عن اي شعار او خطاب نقوله في حياتنا، لذلك اردنا ان نكون منسجمين مع ما نؤمن به ونقوله بأن نذهب الى هؤلاء الأشخاص المحتاجين ، وأكثر من ذلك أننا نحن من يحتاج هؤلاء الأشخاص ونحتاج لأن نعبر عن انسانيتنا التي منحنا الله اياها بأن نقف بجانب هذا الإنسان الجائع والذي لا يستطيع ان يؤمن ما يفطر به مع اولاده ".
وعن آلية تحضير الوجبات يقول فرنسيس " يجري تحضير الوجبات في الطابق الثاني من المطرانية حيث جهزنا المطبخ بمساعدة اكثر الجمعيات الموجودة ضمن اللجنة والتي مشكورة كل جمعية تقدم ما تستطيع ان تقدمه . ونشكر الله انه يقيض لنا اشخاصا يساهمون معنا واننا استطعنا حتى الآن تأمين أكثر من نصف الكلفة والمطرانية ايضا تدعم اضافة الى انها افتتحت هذا المطبخ لتحضير الوجبات بدعم من هذه الجمعيات ، ويتم توضيبها في قاعة المطرانية ونجهزها وننقلها ونوصلها الى المؤسسات الخدماتية التي ذكرناها والى العائلات المحتاجة بالتنسيق مع البلدية والجمعيات ".
ويشير فرنسيس الى أنه " رغم أن الحاجة كبيرة ولا نستطيع لا نحن ولا غيرنا ان نغطيها ولكن أن نضيء شمعة خيراً في هذا الزمن المظلم" متوجها بالشكر بإسم المطران حداد وبإسم اللجنة الى كل الجمعيات والأفراد الذين ساعدوا ويساعدون ويساهمون في هذا العمل ".
ويختم فرنسيس بالقول " الأعياد تجمعنا وخدمة الانسان تجمعنا والبعد الوطني يجمعنا وهذا ما ورثناه من أبائنا وأجدادنا واساقفتنا ومستمرون على هذا النهج لأن هذا نهج الإنسانية الذي لا أحد أبداً يستطيع أن يغيره" .
اشارة الى ان "لجنة أعيادنا تجمعنا " اطلقت ايضاً برنامج أنشطة بمناسبة شهر رمضان المبارك والفصح سيقام بعضها في باحة المطرانية وبعضها الآخر في معالم تراثية وثقافية في المدينة القديمة .
رأفت نعيم