تشهد السوق الأميركية حالة من الاضطراب والتعثر مع دخول العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا شهرها الثالث، حيث تزايدت الاحتمالات بأن يصاب أكبر اقتصاد في العالم، أي الاقتصاد الأميركي، بحالة من الركود من جراء رفع سعر الفائدة وزيادة معدل التضخم.
وتأتي هذه الاحتمالات في وقت خفض فيه صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو اقتصاد الولايات المتحدة إلى 3.7 بالمئة في 2022 و2.3 بالمئة في 2023، بانخفاض 0.3 بالمئة منذ آخر توقعاته.
وسجلت الولايات المتحدة أعلى معدل للتضخم في 40 عاما، مع انتهاء الشهر الأول من العملية الروسية في أوكرانيا.
وتتوقع مجموعة "غولد مان ساكس"، احتمالات انكماش الاقتصاد الأميركي بنسبة 35 بالمئة تقريبا خلال العامين المقبلين؛ ولأن "الكل خاسر في ميزان الحروب"، توقع صندوق النقد أيضا تراجع اقتصاد روسيا بواقع 8.5 بالمئة في العام 2022 و2.3 بالمئة في 2023.
وينصح خبراء الاقتصاد بأن تكون هناك محاولات لترشيد الاستهلاك والسيطرة الشرائية والتأثير على طلب السلع، بطرق تؤدي إلى الضغط الهبوطي وتقليل الضغط على التضخم.
القادم أسوأ
تزايدت الاحتمالات بأن يصاب اقتصاد أميركا، وهو الأكبر في العالم، بحالة من الركود جراء رفع سعر الفائدة في محاولة مواجهة التضخم.
وفي توصيات طالب بها مسؤولون أميركيون، بينهم عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر، الذي يرى ضرورة رفع أسعار الفائدة بمعدل أسرع من المتوقع في يونيو ويوليو المقبلين، لمواجهة التضخم بصورة فعالة.
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي، الدكتور وائل بركات، إن هناك توقعات كبيرة بحدوث ركود اقتصادي في أميركا خلال الـ12 شهرا المقبلة بنحو 15 بالمئة، بخلاف مواجهة الاحتياطي الفيدرالي صعوبة في تشديد السياسة النقدية بما يكفي لتهدئة التضخم دون التسبب في ركود كبير.
وفي استطلاع أجرته وكالة "بلومبرغ" الأميركية، خلال الأسبوع الأول من أبريل 2022، توقع 27.5 بالمئة انكماشا اقتصاديا، وتضمنت نتائج الاستطلاع أن يبلغ متوسط مؤشر أسعار المستهلك 5.7 بالمئة في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام، ارتفاعا من التقدير السابق البالغ 4.5 بالمئة.
ويرى الخبير الاقتصادي، وائل بركات، خلال حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الولايات المتحدة فشلت في خفض أسعار النفط رغم استخدامها لمخزوناتها النفطية.
وحول الصورة السلبية، قال صندوق النقد "إنه يتوقع أن تتسبب الحرب في إبطاء النمو وزيادة التضخم"، منوها بأن توقعاته تأتي في ظل "ضبابية مرتفعة بشكل غير عادي".
وقد يزداد النمو تباطؤا والتضخم ارتفاعا بفعل فرض مزيد من العقوبات على قطاع الطاقة الروسي، واتساع نطاق العملية العسكرية في ظل تزايد حالة عدم اليقين بشأن موعد انتهائها.
أثر العقوبات على اقتصاد واشنطن
لجأت الدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا، للضغط على روسيا بكل السبل لوقف عملياتها العسكرية في أوكرانيا التي لا يكف رئيسها فولوديمير زيلينسكي، عن طلب إمدادات الأسلحة من الدول الغربية لمواصلة القتال ضد الجيش الروسي، حسب الباحث الروسي في الشؤون العسكرية، آندريه جاسانوف.
ويقول جاسانوف لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن واشنطن خسرت نتيجة هستيريا العقوبات نفوذها وأوراقها أيضا في الضغط على موسكو، فأميركا الآن لم يعد لها نفوذ اقتصادي، كما كان الحال منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
ويضيف جاسانوف أن واشنطن وحلفاءها الأوروبيين تكبدوا خسائر فادحة نتيجة العقوبات غير المنطقية التي فرضت على موسكو، بخلاف أنه حال استمرت الولايات المتحدة في سياساتها الاقتصادية الحالية، فإن آفاق إدارتها الاقتصادية قاتمة، فمن المحتمل أن تبدأ الدول الأخرى قريبا في تجاهل أو رفض الإجراءات العقابية التي تتخذها واشنطن دون تأييد دولي.
وكلما زادت رغبة الدول الأخرى في التحايل على هذه العقوبات أو تجاهلها، تحملت الولايات المتحدة وحدها عبء متابعة وتطبيق هذه العقوبات.
ويقول الخبير الاقتصادي وائل بركات: "يبدو أن التردد الأوروبي في فرض حظر على النفط الروسي لا يصب في صالح إنهاء العملية العسكرية في أوكرانيا، بل أدى إلى تفاقم الأزمة وخنق الدول الغربية وأميركا، وليس العكس، فالجميع خاسر نتيجة تلك العقوبات".
سكاي نيوز عربية