أثارت الصدمة التي خلفها موقف وزير الخارجية جبران باسيل في عشاء التيار" الوطني الحر" بذكرى ١٤ آذار أسئلة وعلامات استفهام بلغت حد القلق على مصير الحكومة قبل أن يمر شهر على تشكيلها، كما على برنامجها الحافل بانجازات وأولويات موعودة من مشاريع "سيدر" الى ملفي الكهرباء والنفايات. وما زاد المشهد ارباكا الغموض الذي لف خلفيات هذا الموقف خصوصا بعد تأكيد أوساط رئيس الحكومة من جهة،وأوساط الوزير باسيل من جهة ثانية،أن لقاءهما الأخير الذي سبق زيارة الحريري لبروكسل كان "جيدا".
إذاً ما هي خلفية هذا الموقف الذي بدا موجها ضد رئيس الحكومة؟
أربعة نواب في تكتل "لبنان القوي" نفوا ل "مستقبل ويب" أن يكون الرئيس الحريري مقصودا في كلام باسيل،
بالإستناد إلى "تعميم"وردهم من ألأخير. إلا أن في كواليس الوزير كلام آخر ،يتبنى ما نفاه النواب الأربعة ،لكن مع إضافات تشير إلى أزمة أعمق وربما أخطر .
فما لم يقله وزير الخارجية مجموعة من الملاحظات ،أرادها أن تبقى مكتومة ،أبرزها:
١- أن عدم اشراك رئيس الحكومة وزير النازحين صالح الغريب في وفده إلى مؤتمر النازحين في بروكسل "يخالف" التزام الرئيس الحريري المتكرر في العلن وفي اللقاءات الخاصة بمعالجة ملف النازحين وإعادتهم إلى سوريا.
٢- أن الحكومة لم تضع يدها بعد على الملفات-الأولويات مثل ملف النازحين وغيره من الملفات الاقتصادية التي تحتّم تحول الحكومة إلى ورشة اقتصادية تضع الحلول على السكة.
٣-إن الوزير باسيل سبق و أبلغ رئيس الحكومة أن وزراء
التيّار "الوطني الحر" إذا لم يلمسوا تقدما ملموسا في الملفات المشار إليها خلال المئة يوم الأولى فهم مستعدون للاستقالة من الحكومة.
أما في كواليس رئيس الحكومة فكلام آخر ،لكل سؤال فيه جواب، أراده أيضا أن يبقى مكتوماً حرصا على تماسك الحكومة وعلى قدرتها على إنجاز ما وعدت به:
١-في ملف النازحين لم تقفل الحكومة الحالية كما الحكومة السابقة الباب أمام أي قناة رسمية بين لبنان وسوريا لإعادة النازحين، بدليل أن مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم تولى هذه المهمة منذ ثلاث سنوات ولم يعد بنتجتها واحد او اثنان% من النازحين. كما أن النظام السوري درج على حذف مئات الأسماء التي كان يرفعها إبراهيم بحيث لا يبقى منها الا الفتات. وإذا كان أي وزير لبناني قادراً على إعادة النازحين فلم ولن يمنعه أحد من ذلك. اما إذا كان المطلوب التطبيع مع النظام وابقاء النازحين في لبنان فهذا غير وارد.
٢- في الجانب الاقتصادي المتعلق ب "سيدر "لا يقصّر لا رئيس الحكومة ولا الوزراء المعنيون أو فريق عمله المتابع لهذا الملف، وهم يتابعون الاتصالات مع الجهات الدولية المعنية بصورة يومية تمهيدا لوضع هذا البرنامج على السكة.
٣- أما إذا كان المقصود بالملفات الاقتصادية الأخرى التي تمثل أولوية للحكومة كما ورد في بيانها الوزاري، الكهرباء والنفايات، فإن الأمانة العامة لمجلس الوزراء ما زالت تنتظر أن تتقدم وزيرة الطاقة بخطتها للكهرباء (ومجلس الإدارة)لعرضها على الحكومة و مناقشتها لاقرارها. وهذا ما لم يحصل حتى اليوم. وكذلك في ملف النفايات فإن وزير البيئة المعنيّ بهذا الملف لم يقدم الى الحكومة حتى اليوم خطته في هذا الصدد، سواء كانت جديدة أو الخطة السابقة ،وهو اكتفى بعرض حل مؤقت للمقالع والكسارات على مجلس الوزراء.
على أن رئيس الحكومة سبق وأكد مرارا وتكرارا، سواء في جلسات الحكومة أو في لقاءاته مع كل الوزراء،إصراره على وضع كل هذه الملفات على السكة خلال أسابيع ،وليس بالضرورة الانتظار مئة يوم.