كتبت صحيفة " النهار " تقول : على أهمية انجاز إقرار #الموازنة من الجوانب المالية والاقتصادية والاجتماعية، كما من الجانب التشريعي الإصلاحي، ولو متأخرة عن موعدها عشرة اشهر، تبدو المفارقة التي ستواكب جلسات مجلس النواب من اليوم ولثلاثة أيام ما لم يرجئ رئيس المجلس نبيه بري جلسة اليوم، في ان الرؤية الغالبة على هذه الجلسات تطبعها بطابع ملء الوقت السياسي الضائع ضمن المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية أي ان انتظار “التوافق” الذي يؤمن أكثرية الثلثين لاولى جلسات انتخاب رئيس الجمهورية سيطول بما يملي ملء زمن العد العكسي “بالتشريع أولا”. ومع ذلك ستضع جلسات مناقشة الموازنة وإقرارها، ان استغرقت الأيام الثلاثة المخصصة لها، من اليوم الى مساء الجمعة، الكتل النيابية كافة امام اختبار دقيق في تصويب الكثير من مضمون مشروع الموازنة الذي تصاعدت حياله الاعتراضات في جلسات لجنة المال والموازنة وسواها، او في القدرة على تحويل هذه الجلسات محطة دافعة بقوة لاقرار مشاريع القوانين الإصلاحية الأخرى التي يتطلبها إقرار الاتفاق النهائي بين لبنان وصندوق النقد الدولي. واما “القيمة المضافة” التي يفترض ان توفرها المناقشات النيابية مدى الأيام الثلاثة للموازنة فمن شأنها ان تبرز المناخ النيابي العام، بكل تلاوين الكتل النيابية والقوى السياسية حيال الملفات الأشد وطأة وتأثيرا على خيارات النواب اجمعين في انتخاب رئيس الجمهورية باعتبار ان هذه الجلسات يفترض ان تسبق الاعداد الحاسم لجلسة او جلسات انتخاب رئيس الجمهورية قبل نهاية المهلة الدستورية في 31 تشرين الأول المقبل.
ومن منطلق هذه الابعاد والدلالات لجلسات الموازنة التي تتجاوز موضوعها الأساسي الى الأجواء المحيطة بالاستحقاق الرئاسي، بدا لافتا للغاية ان جميع القوى السياسية تقريبا تجاهلت “العزف المنفرد” الذي يدأب عليه رئيس الجمهورية ميشال عون في محطات متعاقبة ومتعمدة ليصعد وتيرة كلامه المتكرر بانه قد لا يترك قصر بعبدا في 31 تشرين الأول، الامر الذي صار اشبه بتهويل لا يكتسب أي مقدار من الصدقية، اقله كما ينظر اليه معظم القوى الداخلية بدليل عدم اثارة هذه المواقف المتكررة أي ردود فعل بارزة.
واعتبر النائب مروان حماده في هذا السياق ان” الرئيس عون جدّي مع كلّ ما يُخالف الدستور والأعراف وغير جدّي مع كل ما يتطابق مع مصلحة البلد”. واكد ان “حزب الله” لن يغطي عون في محاولته البقاء في قصر بعبدا بعد 31 تشرين الأول وان “عون سيعود الى الرابية متل الشاطر”.
الملف الحكومي
لكن ذلك لم يحجب دلالات عودة الملف الحكومي المجمد والعالق الى التحرك في الساعات الأخيرة بما يعكس الكثير من التحسب للتهويل المتعدد الجانب بالفراغ الرئاسي، وهو الامر الذي سيكون له “حضور” ضمني او علني في مناقشات مجلس النواب حول الموازنة والمشاريع الإصلاحية في مواكبة حال الترقب للاستعدادات النيابية والسياسية لجلسات الاستحقاق الرئاسي “الافتراضية”! وتحدثت معلومات عن عودة طرح اقتراحات تتصل بتعديلات وزارية ويجري جس النبض في شأنها بين بعبدا والسرايا قبل ان يعقد لقاء جديد محتمل بين الرئيسين عون وميقاتي. وفي سياق متصل توافرت معلومات لـ”النهار” ان الرئيس عون لن يشارك في افتتاح اعمال الدورة العادية للأمم المتحدة في نيويورك كما كان مقررا سابقا، وان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي سيشارك في افتتاح الدورة مع وفد.
وعشية جلسات درس الموازنة العامة التي تنطلق اليوم في ساحة النجمة، بدا ان كتلا عدة لن تشارك فيها وهي كتلتا “الجمهورية القوية “والكتائب لمصادفتها الذكرى الـ 40 لاغتيال الرئيس الشهيد بشير الجميل. كما دعت مساء امس “كتلة تجدد” رئيس مجلس النواب الى ارجاء موعد انعقاد الجلسة اليوم احتراما للشهادة ولموقع #رئاسة الجمهورية والا فلن تشارك في جلسة اليوم. كما ان “تكتل لبنان القوي” تمنى بدوره على رئيس المجلس “الموافقة على الدعوات التي اطلقت لتأجيل الجلسة يوماً واحداً تزامناً لبدئها مع ذكرى 14 ايلول، تاريخ استشهاد الرئيس بشير الجميل، وهو يتضامن بالكامل مع هذه الدعوات، احتراماً للشهادة وللتوازن الوطني في تكريم شهداء الوطن”.
ومع الشروع في مناقشة الموازنة ازداد المشهد الاجتماعي والمعيشي قتامة مع ازدياد الاوضاع المعيشية صعوبة، اذ سجل امس ارتفاع اضافي في أسعار المحروقات غداة رفع الدعم نهائيا عنها، وذلك قبيل اقتراب لبنان من الدخول مجددا في العتمة الشاملة غدا الخميس .
ووسط هذه الأجواء وعقب “هدنة” قصيرة تجدد الخلاف العلني امس بين الرئاستين الاولى والثالثة حول الملف الحكومي. فبعد تكرار مطالبة رئيس الجمهورية باضافة 6 وزراء الى حكومة تصريف الاعمال ، أكد الرئيس المكلف نجيب ميقاتي “استمراره في كل الجهود الرامية الى تشكيل الحكومة الجديدة” معتبرا ان “المطلوب في المقابل مواكبة من جميع المعنيين لهذه الجهود، وعدم الاستمرار في وضع الشروط والعراقيل، في محاولة واضحة لتحقيق مكاسب سياسية ليس أوانها ولا يمكن القبول بها”. وقال ميقاتي “فلنتعاون جميعا لحل الملف الحكومي بما يساعد في ارساء المزيد من الاستقرار السياسي وتجنب سجالات عقيمة لا فائدة منها، خصوصا وان الدستور واضح في كل الملفات، ولا مكان للاجتهاد في معرض النص”.
من جانبه كرر رئيس الجمهورية امام وفد الهيئات الاقتصادية اللبنانية برئاسة الوزير السابق محمد شقير الذي سلمه خطة التعافي المالي والاقتصادي التي وضعتها الهيئات والتي تتضمن “سبل إعادة أموال المودعين على مراحل، وذلك لاعادة البلاد الى طريق النهوض من جديد”، التشديد على “ضرورة بذل كل جهد لتشكيل حكومة جديدة او تدعيم الحكومة القائمة بستة وزراء دولة جدد من السياسيين، الامر الذي طرحه رئيس مجلس الوزراء المكلف في البداية، ثم تبدل الموقف”، واكد “ضرورة ان يكون النظام منتجا ولا يسمح بالاهمال وعدم الكفاية لمعالجة الخلل القائم على المستويات كافة”. وابدى”تأييده “الجهود والحلول المنطقية لمعالجة الازمة الاقتصادية الراهنة”، معربا عن امله في “ان ينقل انجاز ترسيم الحدود البحرية الجنوبية واستخراج الغاز من المياه الإقليمية البلاد الى مرحلة من الامل الواعد بالمستقبل”.
تحرك “التغييريين”
اما في التحركات الرئاسية، فواصل “ال#نواب التغييريون” لقاءاتهم امس. وفي هذا السياق، التقى وفد منهم رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل واعلن بعد اللقاء انه “تم الاتفاق على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية وجعل الاستحقاق لبنانياً لا غير وعدم حصول الفراغ في موقع الرئاسة”.
وخلال الاجتماع غادرت النائبة سينتيا زرازير اللقاء ، وقالت: “لا أقبل الاستخفاف بعقلي وكمّ النفاق خلال الاجتماع فغادرت”. واعلنت زرازير لـ”النهار” أنّ سبب تركها الجلسة هو “استخفاف باسيل بعقلي وبعقل الموجودين، خصوصاً بعد تحدّثه عن عيشه براتب متدنٍ كسائر المواطنين اللبنانيين”. وتركت زرازير اللقاء بعدما أنهى النائب ملحم خلف عرضه الخطّة الرئاسية أمام باسيل، وبدء تحدّث الأخير لمدة خمس دقائق عن “إنجازاته السابقة والهموم التي يمرّ فيها اليوم حاله حال اللبنانيين”. وأضافت زرازير: “هناك تمنٍ من تكتّلنا على أن تكون جولاتنا ضمن إطار المبادرة الرئاسية فقط دون الدخول بالخلافات بيننا، ولم أتمكّن من أن أكون شاهدة على الزور من دون الانفعال”.
كما التقى وفد “نواب التغيير” نواب “كتلة تجدد” ، وقال النائب مارك ضو:” نحن قادمون على استحقاق رئاسي يجب أن يتم بموعده والنقاش مع كتلة تجدد أتى في هذا السياق وسوف نتابع هذا النقاش لزيادة منسوب لبننة هذا الاستحقاق من أجل حماية هذا البلد ودستوره.” وقال النائب فؤاد مخزومي : “لمسنا المقاربة بالشكل والمضمون مع نواب قوى التغيير وهدفنا الوصول الى انتخاب رئيس سيادي قادر على فرض حلول مناسبة لهذه الأزمة”. والتقى الوفد ايضا نواب من كتلة “التنمية والتحرير” في عين التينة. وقال النائب علي حسن خليل بعد اللقاء:” رحّبنا بإيجابية عالية بعرض برنامجهم حول الانتخابات الرئاسية وكالعادة نحن حريصون على ان نسمع بكل من التركيز والانتباه وجهة نظرهم حول الاستحقاق”. اما النائبة بولا يعقوبيان فقالت: “اللقاء مثمر جيّد يبنى عليه ونتمنى أن يترجم الكلام بانتخاب رئيس”. والتقى الوفد لاحقا رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة ” محمد رعد ومن ثم النائب جميل السيد .
على صعيد آخر، سجلت امس زيارة لافتة قام بها وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حميّة الى الديمان حيث استقبله البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. وأكد حمية “أنني لست موفداً رسمياً من حزب الله ولا أحمل أي رسالة رسمية، ولكن زيارتي من حيث الشكل رسالة بحد ذاتها”.