ندّدت الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي ودول عربية وغربية اليوم، بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنّ الولايات المتّحدة ستعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان المحتلّة.
وكان ترامب كتب في تغريدة، مساء أمس "بعد 52 عاماً، حان الوقت لكي تعترف الولايات المتحدة بالكامل، بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان"، مشيراً إلى أن "هذه المنطقة الاستراتيجيّة التي احتلتها إسرائيل من سوريا في حرب 1967 وضمّتها، في خطوة لا يعترف بها المجتمع الدولي، تُعتبر «ذات أهمّية استراتيجيّة وأمنيّة بالغة لدولة إسرائيل واستقرار المنطقة".
After 52 years it is time for the United States to fully recognize Israel’s Sovereignty over the Golan Heights, which is of critical strategic and security importance to the State of Israel and Regional Stability!
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) March 21, 2019
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، مساء أمس، إن "التصريحات الصادرة عن أقطاب الإدارة الأميركية، والتي تمهد لاعتراف رسمي أميركي بسيادة إسرائيلية على الجولان السوري المحتل، تعتبر خارجة بشكل كامل عن القانون الدولي". وتابع في تصريحات صحافية "كما أنه اعتراف - إن حصل - لا ينشئ حقوقاً أو يرتب التزامات، ويعتبر غير ذي حيثية قانونية من أي نوع". وأكد أنّ "الجولان أرضٌ سورية محتلة، بواقع القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وباعتراف المجتمع الدولي".
وتابع أن "قرار مجلس الأمن 497 لعام 1981 صدر بالإجماع، وأكد بصورة لا لبس فيها عدم الاعتراف بضم إسرائيل للجولان السوري، ودعا إسرائيل إلى إلغاء قانون ضم الجولان، الذي أصدرته في نفس ذاك العام". وأكد أبو الغيط أن "الجامعة العربية تقف بالكامل وراء الحق السوري في أرضه المحتلة... ولدينا موقف واضح مبنيّ علي قرارات في هذا الشأن، وهو موقف لا يتأثر إطلاقاً بالموقف من الأزمة في سوريا". ودعا الأمين العام للجامعة العربية الولايات المتحدة إلى مراجعة موقفها "الخاطئ والتفكير بعمق في تبعاته القريبة والبعيدة".
وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف الزياني عن أسفه لتصريحات ترامب بشأن مرتفعات الجولان، وقال إنها لن تغير من الحقيقة الثابتة التي يتمسك بها المجتمع الدولي والأمم المتحدة وهي أن مرتفعات الجولان العربية أراض سورية احتلتها إسرائيل بالقوة العسكرية في الخامس من يونيو (حزيران) 1967. وأوضح الزياني إن تصريحات الرئيس الأميركي تقوّض فرص تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في منطقة الشرق الأوسط، والذي لن يتحقق إلا بانسحاب إسرائيل من كافة الأراضي العربية التي احتلتها في العام 1967 ، بما في ذلك مرتفعات الجولان السورية، وفقا لقرارات مجلس الأمن الدولي.
وقال الدكتور عبداللطيف الزياني إن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 497، الصادر بالإجماع عام 1981، دعا إسرائيل إلى إلغاء ضم مرتفعات الجولان السورية، معتبرا قوانينها، وولايتها، وإدارتها في الجولان لاغية وباطلة وليس لها أثر قانوني دولي، داعيا المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي إلى الالتزام بقرارات الشرعية الدولية باعتبار مرتفعات الجولان السورية أرضاً عربية محتلة.
من جهتها، أكدت مصر موقفها الثابت باعتبار الجولان السوري أرضاً عربية محتلة، وفقاً لمقررات الشرعية الدولية، وعلى رأسها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 497 لعام 1981 بشأن بطلان القرار الذي اتخذته إسرائيل بفرض قوانينها وولايتها القضائيّـة وإدارتها على الجولان السوري المحتل، واعتباره لاغياً، وليست له أي شرعيّة دولية. كما شددت وزارة الخارجية المصرية، في بيان، على ضرورة احترام المجتمع الدولي لمقررات الشرعية الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، من حيث عدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة.
وفي السياق نفسه، قال الكرملين اليوم، إنه لا يزال يأمل أن تظل دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان مجرد "دعوة"، وألا تتحول إلى إعلان رسمي. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في مؤتمر صحافي "إنها مجرد دعوة حتى الآن. دعونا نأمل أن تظل كذلك".
وأضاف أن "مثل هذه الدعوات تهدد بزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط على نحو خطير، وتضرّ جهود التوصل إلى تسوية سلمية في المنطقة".
وكانت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، قالت في وقت سابق، إن تغيير وضع هضبة الجولان سيمثل انتهاكاً مباشراً لقرارات الأمم المتحدة، معتبرة دعوة ترامب "غير مسؤولة". كما أكدت متحدثة باسم الحكومة أولريكه ديمر أن هضبة الجولان أرض سورية تحتلها إسرائيل. وقالت "تغيير الحدود الوطنية لا بد أن يكون عبر وسائل سلمية بين جميع الأطراف المعنية". وأضافت "ترفض الحكومة الخطوات الأحادية".
وبينما أكدت متحدثة باسم الاتحاد الأوروبي أن "الاتحاد لا يعترف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان"، قالت وزارة الخارجية الفرنسية إن "سيادة إسرائيل على الجولان ستخالف القانون الدولي".
كذلك حذّر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من أن تصريح ترامب بشأن الجولان يجرّ المنطقة إلى أزمة جديدة. وفي كلمة خلال الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول، لبحث تداعيات مجزرة المسجدين في نيوزيلندا، قال إردوغان "لن نسمح إطلاقاً بشرعنة احتلال مرتفعات الجولان. تصريح ترمب حول مرتفعات الجولان يجر المنطقة إلى حافة أزمة جديدة".
كما أكدت الرئاسة الفلسطينية اليوم، أن "شرعية القدس والجولان يحددها الشعب الفلسطيني والشعب السوري". وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة في بيان صحافي، إن "أي قرارات تتخذها الإدارة الأميركية مخالفة للقانون والشرعية الدولية لا قيمة لها، ولن تعطي الشرعية للاحتلال الإسرائيلي، وستبقى حبراً على ورق". وأضاف "أن هذا التصعيد الإسرائيلي، الذي يقابله انحياز أميركي أعمى، سيؤدى إلى مزيد من التصعيد والتوتر في المنطقة. ولن يتحقق السلم والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم إلا إذا طُبقت قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية الداعية إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة كافة، مقابل تحقيق السلام مع الدول العربية والإسلامية".
واحتلّت إسرائيل مرتفعات الجولان والضفة الغربية والقدس الشرقيّة وقطاع غزة في حرب 1967. وبعد ذلك ضمّت إسرائيل مرتفعات الجولان والقدس الشرقيّة، في خطوة لا يعترف بها المجتمع الدولي. ويعيش في منطقة الجولان، المطلّة على الأراضي السورية، نحو 20 ألف مستوطن إسرائيلي.