ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي قداسا احتفاليا في يوم المختار، بدعوة من الصندوق التعاوني للمختارين، عاونه المطرانان حنا علوان ورفيق الورشة، وخدمت القداس جوقة رسالة حياة، في حضور قائمقام كسروان جوزيف منصور، فاعليات رسمية، سياسية، دينية، واجتماعية، مخاتير لبنان، رؤساء الروابط، مشايخ، رؤساء واعضاء الاتحادات والروابط، رؤساء واعضاء المجالس البلدية.
والقى الراعي عظة بعنوان: "وفيما كان لا يزال بعيدا، رآه أبوه فتحنن عليه"، قال فيها: "يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية، إحياء ليوم وعيد المختار. ويشارك فيها مخاتير لبنان. وقد دعا إليها مجلس إدارة الصندوق التعاوني للمختارين بشخص رئيسه والأعضاء، وتولى حفل الإستقبال رئيس رابطة مخاتير كسروان الفتوح. فإني أحييكم جميعا مع رؤساء الروابط والمخاتير كافة. وهي مناسبة لنعرب لكم عن شكرنا وتقديرنا لخدمتكم وحضوركم في مدنكم وبلداتكم وقراكم إلى جانب جميع الناس في أفراحهم وأحزانهم ومشاريعهم، ولجهوزيتكم في تلبية كل مطلب، وأبواب منازلكم مفتوحة في وجه الجميع.
يستحق المخاتير عناية مجلس النواب والوزراء، لإصدار ما يلزم من تشريعات وتدابير إجرائية من شأنها أن تحدث القوانين التي ترعى عملهم ودورهم، وتقر تعويض نهاية خدمتهم من الصندوق التعاوني، واستمرارية انتسابهم إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بعد نهاية الخدمة، وسواها مما يسهل خدمتهم العامة. جميل هذا اللقاء الذي يجمع المختارين من مختلف الطوائف. أنتم صورة مصغرة عن ميزة التعددية في الوحدة الوطنية اللبنانية الجامعة. وهذه شهادة تضاف إلى رسالتكم".
من جهة أخرى، قال الراعي: "إننا نرافق بالصلاة فخامة رئيس الجمهورية في زيارته الرسمية إلى روسيا. نأمل في أن يلقى نجاحا موضوع عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، لخيرهم الشخصي وخير وطنهم، ولخير لبنان الذي لم يعد قادرا على حمل العبء الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي الثقيل، ولا على مواجهة الأخطار السياسية والديموغرافية والأمنية الناشئة".
أضاف: "كلنا مدعوون في زمن الصوم إلى التوبة والمصالحة، إلى مراجعة الذات بإلقاء نظرة وجدانية أمام الله على طريقة حياتنا وأعمالنا، فنكتشف الكثير من الخطايا والأخطاء. فلا بد من التماس نعمة التوبة وقرار تغيير مجرى حياتنا، والعودة إلى الله. إذ لا يمكن أن تعيش جماعة بسلام وسعادة من دون توبة ومصالحة، أكانت هذه الجماعة عائلية أم كنسية أم إجتماعية أم وطنية وسياسية. إن التراشق بالأخطاء والتهم يزيد الخلافات وينتزع الفرح من القلوب ويؤجج نار الحقد والعداوة".
ومضى الراعي قائلا: "إني أوجه دعوة ملحة إلى الجماعة السياسية عندنا، كي يعيش أفرادها التوبة والمصالحة، بالعودة إلى الله والذات أولا، من أجل إمكانية العودة إلى الشعب والوطن ومؤسساته. فتعيش عندئذ الجماعة الوطنية بفرح وتنعم بالتقدم والازدهار والاستقرار".
وختم: "لقد دعا المجمع البطريركي الماروني (2003-2006) السياسيين إلى المصالحة مع السياسة كشرط لبناء دولة العدالة والقانون والإنماء، وليظل العمل السياسي فنا نبيلا لخدمة الخير العام. ليست السياسة وسيلة للنفوذ وتحقيق الثروات الخاصة على حساب المصلحة العامة. المصالحة مع السياسة تحمل السياسيين على الالتزام بالقيم الانجيلية والقواعد الأخلاقية الآخذة في التلاشي عندنا ويا للاسف، بينما كانت ميزة رجالات البلاد والمسؤولين والعاملين في الوزارات والإدارات العامة. هذه الأخلاقية السياسية هي المدخل لمكافحة الفساد والتمتع بالصدقية والاستقامة المسلكية، ولتقديم المصلحة العامة على المصالح الفردية والفئوية. المصالحة السياسية تعزز الممارسة الديموقراطية التي هي الشرط الأساس لبقاء لبنان، وتنشر الثقافة الديموقراطية ومفهوم المواطنة الحقة (النص المجمعي 19: الكنيسة المارونية والسياسة، 46-52)". عندما يتصالح السياسيون مع الله وذواتهم ومع السياسة، يستطيعون الإنتباه إلى حالة الشعب، فيجدوا الحلول لمشاكله، ويؤمنوا حقوقه الأساسية، ويوفروا له أسباب العيش الكريم، ويعتنوا بالشباب والأجيال الطالعة مؤمنين مستقبلهم في وطنهم من خلال تأمين فرص عمل يحفزون من خلالها مواهبهم وعلومهم وقدراتهم".