يعملون بصمت وباللحم الحي على مدار اليوم والساعة.. يتواجدون على الأرض بشكل دائم لتأدية مهامهم على أكمل وجه .. لكن بداخل كل منهم غصة وألم وغضب ، بأنهم "لم يعودوا قادرين على الاحتمال والاستمرار " لأن رواتبهم تتلاشى تحت مطرقة الأزمة المالية والاقتصادية في البلد ، ولم تعد تكفي لتأمين الحد الأدنى من المعيشة لعائلاتهم وأطفالهم .. بل وحتى باتوا غير قادرين على تأمين البنزين والمحروقات للإلتحاق بمركز عملهم !.
47 عنصراً ، هم حالياً عديد شرطة بلدية صيدا ، بقيادة قائد الشرطة المفوض بدر القوام، بعدما كان العدد في السابق 54 ( تناقص بسبب اما التقاعد او الوفاة أو مؤخراً الهجرة )، وعلى عاتق هذا العدد تقع كل المهام التي تناط عادة بعمل شرطة البلديات ، رغم أنه عدد قليل بالنسبة لمدينة كبيرة كصيدا ، علماً أنه يحق لبلدية صيدا 120 عنصراً لشرطتها ، ولكن هذا الأمر متعذر في ظل الأوضاع الراهنة للبلد وللبلديات .
وبسبب تداعيات الأزمة المعيشية الخانقة والإنهيار الإقتصادي والمالي للقوة الشرائية لليرة اللبنانية عناصر في شرطة بلدية صيدا ، وجد عناصر شرطة بلدية صيدا أنفسهم مضطرين لإطلاق غضبهم وغصتهم على شكل صرخة لمن يعنيه الأمر ، في وقفة إحتجاجية رمزية نفذوها في باحة القصر البلدي في المدينة، مطالبين بتحسين أوضاعهم ورواتبهم ومستحقاتهم المالية، بعدما أضحت هذه العائدات لا قيمة لها مقابل الإرتفاع غير المسبوق في سعر صرف الدولار وتاليا إرتفاع أسعار السلع ، ومؤكدين أن هذا التحرك ليس موجها ضد البلدية، "لأننا نعرف ظروف كافة البلديات والمؤسسات العامة التي تعاني أيضا من الإنهيار وعدم صرف مستحقات البلديات المالية، ما يساهم أيضا في تفاقم وقع الأزمة علينا وعليهم وعلى جميع العاملين في البلدية والإدارات العامة ".
وقال أحد عناصر الشرطة المعتصمين" نحن في خدمة مدينتنا وبلديتنا 24 ساعة / 24 ساعة ، ولكن وصلنا لدرجة أننا لم نعد نستطيع تأمين البنزين والمحروقات لنأتي إلى البلدية لمزاولة عملنا، وحتى البلدية لم يعد بإمكانها صرف المحروقات لنقوم بالدوريات وبواجبنا كشرطة ."
وأشار آخر الى " أننا نضطر للإستدانة لنتمكن من العيش مستورين لأن الراتب مع الإضافات والمساعدات لا يكفي مصاريف ومستلزمات لأيام لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، فكيف نعيش مع عائلاتنا باقي الأيام في ظل الغلاء الذي يكوينا ؟ وكيف ندفع فواتير الكهرباء والمولدات والمياه والإيجارات والطعام والملبس؟".
واختصر ثالث أوضاع شرطة البلدية بالقول" نواسي بعضنا البعض، قبل أن يأتي اليوم الذي قد نعزي فيه ببعضنا بسبب سوء الأحوال، حتى أننا نعاني من تعسف بعض المصارف التي لا تصرف مستحقاتنا الموطنة ويتم تأخيرها لأشهر ".
رأفت نعيم