كتبت صحيفة "النهار" تقول: لم يكن الإعلان المفاجئ لبكركي عن انعقاد قمة روحية مسيحية بعد ظهر اليوم في الصرح البطريركي الماروني سوى انعكاس لصعود القلق المسيحي خصوصا، واللبناني عموما، الى ذروته حيال التداعيات البالغة الخطورة لازمة الشغور الرئاسي، معطوفا عليها ازمة قضائية تتهدد وحدة القضاء وتشل مسالك العدالة ناهيك عن التفاعلات اليومية للانهيار المالي والاجتماعي في البلاد. وإذ اقتصر الإعلان عن انعقاد القمة الروحية على انها ستعقد في الرابعة بعد ظهر اليوم وتضم البطاركة الكاثوليك والارثوذكس "للبحث في وسائل الخروج من الازمة الرئاسية وتقصير عمر الفراغ"، تحدثت معطيات أوساط مطلعة على الاستعدادات والاتصالات التي أجريت لانعقاد القمة عن مناخ مشدود للغاية من القلق الذي يعم سائر الكنائس المسيحية حيال الاتجاهات الخطيرة التي راح لبنان ينزلق اليها أخيرا بحيث باتت الاخطار التي تتهدده من المستوى الوجودي الكياني فعلا خصوصا بعد السقوط المروع للطبقة السياسية في مسؤوليتها عن الحؤول دون هذا استفحال الانهيار على كل الصعد. وأشارت الى ان الأجواء التي تسود التحضيرات للقمة الروحية المسيحية تنطلق من الاقتناع بان ما سيصدر عنها من مواقف وما ستطلقه من رسائل وتحذيرات يجب ان تكون مدوية في مستوى التأثير على مجريات الازمة قبل فوات الأوان وبدءا بالضغط الفعال لانهاء تعطيل الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس الجمهورية بأسرع وقت، استنادا الى إعادة الاعتبار الى الدستور والأصول الدستورية والديموقراطية باعتبار ان مفتاح الولوج الى انقاذ لبنان ووحدته ونظامه يتمثل في انتخاب رئيس الجمهورية، والا فان كل شيء بات مهددا فيه كيانا ومواطنا ومجتمعا ودولة. ولم تستبعد الأوساط نفسها ان تتناول القمة الروحية المسيحية الازمة القضائية المتفجرة منذ أسبوعين، انطلاقا من الخطر الداهم على التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الذي كانت مواقف الكنائس المسيحية كافة منذ حصول الانفجار الكارثي متقدمة وسباقة ومصرة في التمسك والتشدد بضرورة انجاز التحقيق العدلي في الانفجار .
جنبلاط لـ"النهار"
وعشية هذه القمة وفيما استمرت الحركة النشطة في بكركي متمحورة حول الاستحقاق الرئاسي من خلال زيارة وفد "اللقاء الديموقراطي" للصرح برئاسة النائب تيمور جنبلاط، مضى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في تحركه "التنقيبي عن الرئيس" على ما وصفه في حديث الى "النهار". واكد "أنني أحاول على طريقتي إيجاد قواسم مشتركة والبحث عن كوّة تساهم في خرق جدار المراوحة مع جميع الأفرقاء للوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية في انتظار تبلور مبادرة عربية - دولية"، موضحاً: "لا أملك "خطة ب" للرئاسة لكنني أحاول الخروج من الأفق المسدود فقط، لأن البلد متروك والوضع الاقتصادي يزداد انهياراً والوضع القضائي ينهار أيضاً، في وقت يقوم الأمل الوحيد على الوصول إلى انتخاب رئيس". ولماذا اختار قائد الجيش العماد جوزف عون والنائب السابق صلاح حنين والوزير السابق جهاد أزعور كمقترحات لمرشحين رئاسيين؟ أوضح رئيس التقدّمي أن "الأسماء التي اقترحتُها للرئاسة ليست وحدها بمثابة أسماء نهائية. ثمّة طروحات متنوعة ومرشحون عدّة يليق بهم اعتلاء المنصب الرئاسي أمثال شبلي الملاط وميّ الريحاني… وهناك كفايات متعدّدة بين اللبنانيين جديرة في الوصول إلى هذا المنصب". ورداً على سؤال، لفت الى أن "الضبابية حيال الموضوع الرئاسي قائمة لدى جميع الأفرقاء السياسيين وليست محصورة بـ"حزب الله" فحسب، لذلك أحاول إذا كان في الامكان الوصول إلى قاسم مشترك على نطاق القوى السياسية جميعها". واللافت في حديث جنبلاط قوله: "أعتقد أننا وصلنا مع الاستاذ ميشال معوض إلى أفق شبه مسدود لأنه اعتُبر من بعض الأفرقاء مرشّح تحدٍّ؛ فلنفتّش ونتعاون مع النائب معوض من أجل الوصول إلى مرشّح التسوية، إذا صحّ التعبير".
ومساء امس زار جنبلاط عين التينة والتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في حضور الوزير السابق غازي العريضي واكد بعد اللقاء "أننا نحاول اختراق بعض الحواجز للوصول إلى توافق يعطينا أملا في انتخاب رئيس لأننا لا نستطيع أن نبقى في دوامة الورقة البيضاء وهذا رأي مشترك مع الرئيس بري". ورأى أن "هناك شيئاً مخيفاً وهو العداد أي انهيار الليرة اللبنانية في كلّ لحظة والهندسات المالية التي يجريها مصرف لبنان لا تنفع اذا لم يحصل اصلاح حقيقي من خلال انتخاب رئيس للجمهورية وتبني مشروع صندوق النقد الدولي" .
وتيمور في بكركي
وسبق زيارة جنبلاط لبري لقاء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مع وفد "اللقاء الديموقراطي" برئاسة النائب تيمور جنبلاط . وأعلن النائب راجي السّعد باسم الوفد اذا أن "بكركي أساس في الشراكة الوطنيّة وهي الدّاعم الأساس للطائف والدستور". وقال "نتفق مع البطريرك الماروني على أهمية التمسك بالطائف والوحدة الوطنية ورفض المشاريع التي تتناقض مع ميثاق العيش المشترك". وأضاف "لا إتفاق على إسم معيّن للرئاسة ولكن هناك تراتبية بالأسماء وإسم قائد الجيش العماد جوزف عون في الصّدارة وهذا الأمر نتيجة الاجتماعات التي جرت بين الكتل". كما أكد أن "البطريرك الراعي لم يتّخذ موقفاً ولم يُعطِ أولويّة لأيّ إسم، وما من مرشّح يحظى بتأييد 65 نائباً حتى الآن". وتابع "إذا هناك اتفاق على قائد الجيش سنسعى الى تعديل الدستور"...
مجلس الوزراء
الى ذلك لم يحسم بعد الموعد الذي سيحدده رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لجلسة مجلس الوزراء التي ستخصص للملف التربوي. ولكن ميقاتي أوضح امس "اننا في صدد اعداد الملف التربوي المتعلق بإضراب المدارس الرسمية وملف الجامعة اللبنانية، وتسلم الاقتراحات المطلوبة من وزير التربية تمهيدا للدعوة الى جلسة حكومية ثالثة هذا الاسبوع او مطلع الاسبوع المقبل باقصى حد. كما ستناقش الجلسة أيضاً العديد من الملفات الطارئة التي تشكل أولوية ملحة ولا إمكانية لبتها خارج مجلس الوزراء". وقال خلال اطلاق "الاستراتيجية الوطنية للقطاع الصحي" في السرايا " ندائي الى الجميع مراراً وتكراراً، الظرف الراهن لا يسمح بترف التساجل أو التخاصم. فلنرحم الوطن والعباد من نقاش عقيم، لا يمت الى الدستور وروحيته بصلة، بل يندرج في سياق مناكفات سياسية يهواها البعض". وقال "نحن نعمل وفق الواجب والدستور بانتظار أن يتم انتخاب رئيس جديد للبلاد، إيذاناً ببدء مرحلة جديدة دستورياً وسياسياً. سنستمر في العمل براحة ضمير وأولويتنا مصلحة الناس وانتظام عمل المؤسسات ولا شيء سوى ذلك".
وسط هذه الاجواء، عُقد في واشنطن اجتماع بين الوفد النيابي اللبناني الذي يضم النواب الياس بو صعب، نعمه افرام، مارك ضو وياسين ياسين، ومسؤولين في صندوق النقد الدولي، حيث شرح الوفد اللبناني تفاصيل القوانين التي اقرت وتلك التي لم تقر من ضمن الشروط المطلوبة من الصندوق. وقال بوصعب "اوضحنا بعض النقاط، منها ان في لبنان بعض الخصوصية التي يجب اخذها في الاعتبار، في المقابل هناك بعض الامور التي تفاجأت بها ولا أعرف مدى دقتها، وهي ان قانون خطة التعافي المالي التي يُفترض أنها تناقَش في المجلس النيابي وتقدمت من بعض الزملاء النواب لأن الحكومة لم تتمكن من تقديمها ضمن المهلة، تبين أن صندوق النقد غير مطلع على تفاصيل هذا القانون ولا يعرفون ما اذا كان يفي بالغرض ام لا. لهذا سنتأكد مجددا ان لديهم نسخة عنه، وسنعرض الامر على المجلس النيابي".