صحافة بيروت

"دومينو" أزمات مطلبية.. وتجدد المواجهة الكهربائية

تم النشر في 28 آذار 2019 | 00:00

تراجعت كل الملفات السياسية المفتوحة بما فيها نتائج زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لموسكو الى المرتبة الخلفية أمام تقدم تطورات مثيرة للقلق التصاعدي حيال وتيرة تهدد بتوقف تدريجي لقطاعات خدماتية حيوية في البلاد تبدأ بالطاقة الكهربائية ولا تقف عند أبسط البديهيات مثل الحقائب الديبلوماسية بفعل خلل قسري غير مسبوق في الانفاق العام وتصاعد حركة الاحتجاج بما ينذر بـ"دومينو" يهدد بشل قطاعات واسعة في البلاد. وكأنه لا ينقص البلاد مزيد من التعقيدات والمشكلات المتناسلة، فجاء تجدد السجالات "المكهربة" بين "التيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية" حول خطة الكهرباء المفروضة على النقاش في اللجنة الوزارية المكلفة بت الخطة قبل اعادة طرحها على مجلس الوزراء ليفاقم المناخ السياسي المشدود أصلاً بفعل التباينات القائمة بين أفرقاء عدة حيال هذه الخطة. 





ولعل ما زاد السجالات سخونة ورفع حماوتها ان تجدد السجالات التي انخرط فيها وزراء ونواب من "التيار الوطني الحر" و"القوات" تزامن مع بداية التعتيم الشامل الزاحف على المناطق بفعل تأخر تفريغ باخرتي الفيول الراسيتين قبالة معملي دير عمار والزهراني بعد مشكلة تسديد الاموال. وبالفعل توقف معمل دير عمار الساعة الرابعة فجر امس عن إنتاج الطاقة الكهربائية بسبب نفاد الغاز أويل، وافيد ان معمل الزهراني سيتوقف في الساعات المقبلة، علما أن الإعتمادات وقعت بعد ظهر أول من أمس في وزارة المال وصرفت امس من مصرف لبنان، لكن أحوال الطقس قد لا تساعد في إفراغ حمولة السفينتين في اليومين المقبلين.





وقالت أوساط وزارية ان الوضع الخدماتي من كل جوانبه بات يشكل عاملاً ضاغطاً بقوة غير مسبوقة على الحكومة لاستعجال الحلول الجذرية لمالية الدولة التي تنتظر في المقام الاول اعادة اقرار سريعة للموازنة بعد اعادة النظر في مجمل ارقامها وخفض نفقاتها ومستويات الانفاق العام والعجز الى سقوف موجعة اضطرارية ومقنعة لئلا يتجه لبنان نحو منزلقات بالغة الخطورة ان على الصعيد المالي والاقتصادي الذاتي، أم على صعيد تهديد خشبة الخلاص المقدمة اليه بشروط واضحة ومعروفة عبر مقررات "سيدر". 





وأفادت معلومات ان اقتصار تسديد النفقات العامة على الرواتب والاجور انعكس حتى على حركة الحقائب الديبلوماسية لعدم وجود عقود نفقات وبدأ يؤخر معاملات المغتربين واللبنانيين المتنقلين بين لبنان وبلدان الانتشار. 





وبرزت في اطار المشهد المأزوم قطاعياً واقتصادياً صرخة الانذار التي وجهها الصناعيون أمس باحتشادهم في فندق "البريستول" معلنين حال طوارئ الصناعية.





هذه الصرخة، والتحذيرات من الافلاسات المتعاقبة وإن لم تكن الاولى يطلقها الصناعيون، حظيت برعاية من وزير الصناعة وائل أبو فاعور الذي وعد بإجراءات بدأت عملياً، منها كما قال لــ"النهار" توقيع اتفاق في المرفأ يقضي بخفض الرسوم بنسبة 50% على كل المواد الاولية المستخدمة في الصناعة، والعمل على آلية لتبسيط الاجراءات الادارية للتراخيص الصناعية سيعلن عنها الاسبوع المقبل مع وزيرة التنمية الادارية مي شدياق، "وبعد تبسيط الاجراءات، سأعلن مهلة نهائية لترخيص المصانع والمصانع غير المرخصة، على أن يتم بعدها التعامل مع المصانع غير المرخصة على أنها غير شرعية". واذ اعلن "ان وزارة الصناعة ستطعن بكل مناقصة لا تلتزم هذا القرار"، أوضح انه يعمل على اجراءات الحماية على أمل الموافقة عليها في مجلس الوزراء، وذلك على رغم "بعض الممانعة من الوزراء من انصار العقل الريعي، لكن أملي بموقف الرئيس ورئيس الحكومة وكذلك باقتناعنا كطرف سياسي". 





ومستحقات المقاولين


وفي سياق مماثل، عقد اجتماع بين وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس ونقابة مقاولي الأشغال العامة والبناء اللبنانية برئاسة النقيب مارون الحلو تناول أوضاع النقابة ومستحقات المقاولين المزمنة، ومستجدات أوضاع قطاع المقاولات الطارئ والوضع الاقتصادي والمالي في البلد. 





وقال الحلو ان المالية العامة تستوفي مبالغ ضخمة من المقاولين وتجّار البناء والمطوّرين العقاريّين، "فهم يقومون بواجباتهم كاملة، في حين تمتنع الدولة عن إعطائهم حقوقهم البديهية، وان ثلث الدين لدى المصارف الذي يبلغ 22 مليار دولار من أصل 60 ملياراً يعود إلى قطاع المقاولة والتطوير العقاري، وبذلك يمكننا القول إن القطاع يشكّل 30% من الناتج المحلي". ودعا المقاولين إلى "عدم المشاركة في المناقصات المنوي إجراؤها قبل التأكد من وجود حجز النفقات لها. على الدولة الوفاء بواجباتها، كما يقوم المقاولون بدفع متوجباتهم لها". وأكد ان "المقاول لم يعد في استطاعته تمويل المشاريع على نفقته والاستدانة من المصارف بفوائد باهظة، وآن الاوان لتصحيح الخلل ورفع الظلم والإجحاف عنه". 





معركة جديدة ؟


ومع تصاعد التراشق الكلامي الحاد بين وزراء ونواب من "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" في ملف الكهرباء، رفض رئيس حزب "القوات" سمير جعجع اتهامه بعرقلة خطة الكهرباء الجديدة وبأن كلامه "مشبوه ومضلّل"، ولاحظ أن "هناك بعض الناس لا شغل لديهم سوى توجيه الشتائم، ونحن لا نقف عند هذا الأمر، إلا أنني أسأل هل تعطّل اليوم ملف الكهرباء؟ أوَلم يكن معطلاً في السنين الماضيّة"؟، لافتاً الى أن "ما نحاول القيام به هو تصحيح وضع الكهرباء من خلال طرح مكامن الإهدار والثغرات الموجودة والتي تؤدي إلى ما تؤدي إليه". 





ولوحظ ان جعجع أيد دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى "خفض العجز في الموازنة أو أننا سنكون أمام مشكلة كبيرة"، بقوله: "أؤيد هذا الكلام 100% على خلفيّة أنه لا يمكننا أن نبدأ بالإصلاح إلا عبر سد الثغرات في الوعاء الذي يجب ألا تشوبه أي ثغرة وهو الموازنة، وفي هذا الإطار أنوّه بقرار وزير المال علي حسن خليل لجهة وقف اي عقد نفقة". 





وفي سياق آخر رأى جعجع أنه استناداً الى البيان عن زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون لموسكو في موضوع أزمة النازحين، "ليس هناك، وياللأسف، أي أمر جديد في هذه القضيّة، باعتبار أن البيان تطرّق إلى انتظار استكمال الظروف داخل سوريا بما فيها إعادة الإعمار"، معتبراً "أن الجزء الأهم في هذه الظروف هو نيّة بشار الأسد حيث أن كل الدلائل في الوقت الراهن تشير إلى أنه لا يريد عودتهم". 





وانخرطت وزيرة الطاقة ندى بستاني للمرة الاولى في السجالات مع نواب "القوات"، فغردت عبر "تويتر": "تتوالى الهجمات الهدّامة على خطّة الكهرباء من بعض الافرقاء بغية التشويش وتكوين فكرة سلبيّة ومغالطة لدى الرأي العام. ليتهم يحصرون تعليقاتهم واستفساراتهم ضمن اللجنة الوزارية المختصة بدل ادّعاء بطولات وهميّة أمام الاعلام. تبقى يدنا ممدودة للتعاون البنّاء لحلّ يفرح كلّ اللبنانيين". وفي وقت لاحق صدر بيان عن وزارة الطاقة جاء فيه أن "خطة إنشاء معامل الإنتاج الدائمة الواردة في ورقة سياسة قطاع الكهرباء التي أقرّتها الحكومة اللبنانية في العام 2010 قد تعرضت للعرقلة في مراحل متعددة، والتي لو تمّ تنفيذها وفقاً للتوقيت المقترح لها، لكانت تحققت الاستدامة في تزوّد التيار الكهربائي". وذكرت "أن الخطة المحدّثة المعروضة على مجلس الوزراء لا تتضمن حلولاً موقتة بحد ذاتها، وانما حلولاً متكاملة تدمج بين تأمين الكهرباء في المديين القصير والبعيد معاً". وفي رد واضح على "القوات" اكد البيان إن "خفض الهدر يشكّل العامل الأول للخطة المحدّثة، وقد بوشر العمل على تقليصه منذ تشكيل الحكومة وحتى قبل طرح الخطة على مجلس الوزراء لإقرارها". وختم: "نشدّد على ان يدنا ممدودة لكل الأفرقاء، وندعوهم الى الحوار الايجابي والبنّاء من أجل تأمين الكهرباء للجميع".