في اليوم الأول من إعادة فتح المدارس الرسمية لأبوابها أمام الطلاب بعد انقطاع دام شهرين متتاليين بسبب اضراب معلميها، لم تنتظم الدراسة في مدارس صيدا والجواربشكل طبيعي ، لعدم التزام العدد الأكبر من المعلمين في الملاك كما المتعاقدين بقرار روابط التعليم الرسمي الأساسي والثانوي والمهني بتعليق الإضراب .
وحدها المدرسة العمانية النموذجية الرسمية سجلت التزاماً من قبل المعلمين حضورا وتدريسا قارب الـ99 في المائة ، وبنسبة مماثلة لجهة التحاق الطلاب بصفوفهم، فجسدت بذلك عودة الحياة المدرسية بكل عناصرها ومكوناتها .
وأشار مدير المدرسة الأستاذ حذيفة الملاح الى أن معلمة واحدة فقط أصرت على عدم الحضور من اصل افراد الهيئة التعليمية، بينما سجل غياب طبيعي في صفوف الطلاب وهم عدد قليل وممن يقيمون في مناطق بعيدة نسبياً !.
لكن كيف بدا الوضع في باقي مدارس صيدا والجنوب الرسمية ؟
بحسب المنطقة التربوية في الجنوب ، بلغت نسبة التزام الأساتذة في التعليم الأساسي بالعودة الى المدارس الرسمية جنوباً نحو 80 في المائة ، وفي التعليم الثانوي نحو 70% .
لكن وفي جولة على بعض المدارس الرسمية ( ثانويات ومتوسطات ) في صيدا والجوار ، تبين أن هناك 3 فئات من المدارس :
- مدارس توقفت فيها الدراسة كلياً فحضرت الإدارة وقسم من الطلاب ولم يحضر المعلمون ، فردّ بعضها طلابها الى بيوتهم وأخرى أبقتهم في الملاعب .
- مدارس حضر بعض معلميها لكنهم امتنعوا عن التدريس ، ( علماً أن تساؤلات طرحت حول مغزى حضورهم هذا ، وما اذا كان له علاقة فقط بقبض بدل النقل !) .
- مدارس حضر قسم من معلميها واستأنفوا الدراسة ، لكنها سجلت بالمقابل غيابا لمعلمين آخرين ولعدد كبير من الطلاب .
وبحسب مصادر تربوية متابعة فإن النسبة الأكبر من المعلمين المقاطعين للتدريس هم من المتعاقدين ، علماً ان 70 في المائة من المدارس الرسمية في التعليم الأساسي تعتمد على التعاقد . بينما تعتمد الثانويات الرسمية أكثر على أساتذة الملاك ، لكنها سجلت غياباً لأساتذة من الملاك والمتعاقدين على السواء .
أما في التعليم المهني ، فلم تنتظم الدراسة في معهد صيدا الفني واثار عدم حضور الأساتذة او عدم استئنافهم للتدريس سخطاً عند الأهالي كونهم كانوا قد ارسلوا أولادهم الى المهنية وتكبدوا كلفة النقل دون أن يعود ذلك بأي فائدة عليهم بسبب تمنع الأساتذة عن التدريس . بينما سجلت باقي مهنيات الجنوب حضورا للأساتذة والطلاب تراوح بين 40 و50 في المائة .
لم تكن تجربة اليوم الأول مشجعة بحسب بعض المدراء لكنها وفق هذا البعض أفضل من إبقاء المدارس مغلقة والطلاب في بيوتهم ، أما الأهالي كما ابناءهم فوجدوا أنفسهم مربكين بين تكبد اعباء الانتقال الى مدرسة لا اساتذة فيها ، وبين بقاء الطلاب في البيوت دون تعليم او على الأقل دون تسجيل حضور في مدرسة ولو على سبيل الانتظام .. فيما انقسم الأساتذة بين مؤيد لتعليق الاضراب ورافض للعودة قبل أن تسلك الحلول الموعودة طريقها الى التنفيذ رغم أن معظمهم يعتبر أنها لا تقدم سوى الفتات ولا تلامس طموحات المعلم بحياة كريمة .
اما الروابط ، فتعتبر أنها استطاعت حتى الآن تحقيق جزء من مطالبها وهو أفضل الممكن ولا سيما ما يتعلق بموضوع بدل النقل وفق سلم متحرك ( 5 ليترات بنزين ) مرتبط بسعر الصفيحة في حينه، وأنها مستمرة بمتابعة تحقيق المزيد على قاعدة "خذ وطالب "، بينما يبقى التحدي في احداث اختراق بموضوعي اعتماد " منصة صيرفة تربوية " وتصحيح الرواتب "، وبالتالي تعتبر هذه الروابط أن المعركة مستمرة لكن بدون سلاح الإضراب وأنها أساساً لم تلجأ الى تعليق الاضراب الا بعدما استشعرت خطراً على العام الدراسي ومصير الطلاب من جهة، ومن جهة ثانية بعد محاولة ما يعرف ببعض الـ"دكاكين الخاصة " استغلال هذه الأزمة باستقطاب تلامذة المدارس الرسمية مقابل عروض خاصة على الأقساط .
ويبقى الرهان – بحسب الروابط والمعلمين في آن - على وزير التربية في أن ينجح بالإيفاء بالتزاماته للمعلمين بتسديد اول دفعة في عيد المعلم والثانية في 20 آذار الجاري ، وتبقى العبرة في التنفيذ أو ستكون المدارس الرسمية مجددا أمام خيار وحيد لا ثاني له وهو العودة الى الإضراب !.
الى ذلك ، وتزامناً مع التحاق زملاء لهم بمدارسهم ، نفذ عدد من أساتذة التعليم الرسمي ووقفة احتجاجية امام مصرف لبنان في مدينة صيدا رفضوا خلالها ما وصفوه بـ" التآمر " وت"هديد المعلمين " مؤكدين على استمرارهم بالإضراب المفتوح.
رأفت نعيم