وصل الفرنسي بنجامان بريير ومواطنه الذي يحمل الجنسية الإيرلندية برنارد فيلان الى باريس ليل الجمعة بعد ساعات من إفراج إيران عنهما لأسباب "انسانية"، وسط ترحيب من باريس التي أكدت العمل للإفراج عن آخرين.
وحطّت طائرة بريير وفيلان، وهي من طراز "فالكون 900" تابعة لشركة "إيرليك" المتخصصة في النقل الجوي الطبي، في مطار لو بورجيه قرب باريس قرابة السابعة والنصف ليل الجمعة (17:30 ت غ)، وفق صحافي في فرانس برس.
وأتى إطلاق بريير (37 عاما) وفيلان (64 عاما) اللذين كانا موقوفين في مشهد بشمال شرق إيران، بعد سلسلة تحذيرات أطلقها المقرّبون منهما على خلفية الوضع الصحي لكل منهما وظروف الاحتجاز في ثاني كبرى مدن الجمهورية الإسلامية.
والفرنسيان هم من بين زهاء 20 أجنبيا تحتجزهم السلطات الإيرانية على خلفية تهم مرتبطة غالبا بالأمن القومي. الا أن المعنيين ينفون هذه الاتهامات، ويرى ناشطون أن أخذ الأجانب "رهائن" هو جزء من استراتيجية طهران لانتزاع تنازلات سياسية من دول الغرب.
ولا يزال خمسة فرنسيين محتجزين في إيران، أربعة منهم خلف القضبان، إضافة الى باحثة إيرانية خرجت من السجن لكنها ممنوعة من مغادرة البلاد.
وقالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إن إطلاق بريير وفيلان تمّ لأسباب انسانية وباتا "قيد الرعاية الطبية منذ خروجهما من السجن".
وأكد الاعلام الرسمي الإيراني الافراج عن الفرنسيين "لاعتبارات انسانية".
وكان فيلان (64 عاما) يعمل مستشارا في مجال السياحة والسفر ومقره في باريس.وأوقف مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2022 في مشهد وبقي مذاك في السجن.
وأفادت أسرته في آذار/مارس الماضي أن القضاء الإيراني حكم بسجنه ستة أعوام ونصف عام على خلفية اتهامه بنقل معلومات الى دولة معادية.
ونفت العائلة هذه الاتهامات، مشيرة الى أن فيلان أوقف لالتقاطه صورا لمسجد أضرمت فيه النيران وعدد من رجال الشرطة وإرسالها الى صحيفة بريطانية.
وحذّرت العائلة من أن صحة الرجل الستيني تدهورت في السجن. وقد أعلن الاضراب عن الطعام والشراب في كانون الثاني/يناير احتجاجا على اعتقاله لكنه أوقف تحركه بناء على طلب عائلته التي كانت تخشى على حياته.
أما بريير فاعتقل في أيار/مايو 2020 أثناء سفر في إيران أكدت العائلة أنه كان لغايات سياحية. وفي وقت لاحق، حكم عليه بالسجن ثماني سنوات لإدانته بتهمة التجسس، قبل تبرئته في الاستئناف في شباط/فبراير الماضي، بحسب عائلته.
وبريير الذي كان معتقلا مثل فيلان في سجن وكيل أباد، بدأ أيضا إضرابا عن الطعام أواخر كانون الثاني/يناير احتجاجا على ظروف توقيفه.
وأكد محامي بريير فيليب فالان لوكالة فرانس برس أن إطلاق موكّله يتيح "تفادي وقوع كارثة" لأنه كان يواجه "خطرا فعليا" على المستوى الصحي.
من جهتها قالت شقيقته بلاندين لوكال فرانس برس "نتفادى مأساة. لا يمكن للكلمات أن تصف الفرحة التي تغمرنا".
أما شقيقة فيلان كارولين-ماسيه فيلان فقالت في بيان أرسلته الى وكالة فرانس برس "لا يمكننا التعبير عن مقدار الراحة التي نشعر بها"، مشيرة الى أنه يحتاج الى فترة للتعافي وسيمتنع عن إجراء مقابلات صحافية في الفترة المقبلة.
وبعيد إعلان إطلاقهما، شكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر تويتر "كل من ساهم في هذا الموضوع"، معتبرا أن بريير وفيلان باتا "حرَّين، أخيرا"، وقادرين على "لقاء أحبائهما".
وقال وزير الخارجية مايكل مارتن إن "برنارد فيلان أفرج عنه من السجن في إيران وهو الآن في طريق العودة الى عائلته. كانت الأشهر السبعة الماضية تجربة شديدة الصعوبة لبرنارد وعائلته وأنا سعيد ومرتاح لأنها انتهت الآن".
من جهتها، أكدت كولونا أنها تحدثت الجمعة إلى نظيرها الإيراني حسين أمير عبداللهيان، وأكدت له "تصميم فرنسا على ضمان استعادة المواطنين الفرنسيين الآخرين الذين ما زالوا معتقلين في إيران، حريتهم بالكامل".
من جانبه، اعتبر أمير عبداللهيان أن "النظرة الفرنسية التي تتسم بالواقعية" حيال الجمهورية الإسلامية تعدّ "خطوة إيجابية"، وذلك وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية "إرنا".
وشددت كولونا في مؤتمر صحافي مع نظيرها الايرلندي على هامش اجتماع لوزراء الخارجية الأوروبيين "سنواصل العمل كأوروبيين للافراج عن مواطنينا، إنهم اربعة، وعن جميع المواطنين الأوروبيين وعددهم كبير للاسف، المعتقلين من دون سبب في ايران".
ولا يزال أربعة فرنسيين وصفتهم وزارة الخارجية الفرنسية في وقت سابق بأنهم "رهائن"، معتقلين في سجون في إيران.
والأربعة الموقوفون هم النقابيان سيسيل كولر وجاك باريس اللذان أوقفا في السابع من أيار/مايو 2022 خلال زيارة "سياحية" وفق المقربين منهما، بينما اتهمتهما طهران "بالتعاون والتواطؤ للنيل من أمن البلاد"، ولوي أرنو الذي يعمل في المجال الاستشاري وأوقف في 28 أيلول/سبتمبر في طهران من دون أن تُعرف ما هي تهمته، إضافة الى فرنسي رابع لم تكشف باريس هويته.
أما الباحثة الإيرانية الفرنسية فريبا عادلخاه فأفرجت طهران عنها في شباط/فبراير الماضي من سجن إوين حيث كانت تمضي عقوبة بالسجن خمسة أعوام صدرت في 2020 لإدانتها بتهمة المساس بالأمن القومي، وهي تهم سبق لها أن نفتها.
وأوقفت طهران الباحثة في معهد العلوم السياسية في باريس في 2019 وقضت في العام التالي بسجنها خمس سنوات، قبل الإفراج عنها ووضعها قيد الإقامة الجبرية في تشرين الأول/أكتوبر 2020. وفي كانون الثاني/يناير 2022، أعلن القضاء إعادة عادلخاه الى السجن بسبب "مخالفتها" شروط الإقامة الجبرية.
ولم يُسمَح لها بمغادرة إيران بعد منذ الافراج عنها في شباط/فبراير.
ويشكّل الموقوفون الأجانب موضوع تجاذب حاد بين إيران والدول الغربية، علما بأن الكثير منهم يحملون جنسية مزدوجة، وهو ما لا تعترف به طهران التي تتعامل معهم كإيرانيين حصرا.
وزادت حدة الانتقادات الغربية لطهران على خلفية هذه المسألة في أعقاب الاحتجاجات التي اندلعت في الجمهورية الإسلامية منتصف أيلول/سبتمبر 2022 بعد وفاة الشابة مهسا أميني إثر توقيفها من شرطة الأخلاق في طهران على خلفية عدم التزامها القواعد الصارمة للباس.
وأعلنت طهران توقيف عدد من الأجانب، أفرجت عن بعضهم لاحقا، على خلفية هذه الاحتجاجات التي دعمتها دول غربية.