ردت الحكومة الأفغانية يوم الأحد على تصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي التي مدح فيها ميليشيات "فاطميون" الشيعية الأفغانية التي تم تدريبها وإرسالها للحرب السورية على يد الحرس الثوري الإيراني.
وأكدت وزارة الخارجية الأفغانية في بيان، أن استغلال طهران للفقر والحرمان لدى المهاجرين الأفغان كان لصالح مآربها الطائفية، وأهدافها التوسعية، حسب تلفزيون "طلوع نيوز" الأفغاني.
وكانت وكالة تسنيم الإيرانية القريبة من الحرس الثوري الإيراني نقلت تصريحات للمرشد الأعلى علي خامنئي لدى استقباله، الخميس الماضي، أسر وعوائل قتلى أفغان من أعضاء تنظيم "فاطميون" التابع للحرس الثوري سقطوا خلال المعارك في سوريا. وقال إن عناصر "فاطميون" كانوا يتميزون بالقتال على الآخرين" في إشارة منه لمشاركته في الحرب بالنيابة على الأراضي السورية دفاعا عن نظام الأسد.
وجاء في بيان الخارجية الأفغانية ردا على هذه التصريحات: "استغلت الحكومة الإيرانية الفقر والمشاكل الاقتصادية للاجئين الأفغان بغية استقطابهم إلى مراكز التدريب العسكريه ومن ثم إرسال الكثير منهم إلى الحرب في سوريا".
وقالت مستشارة الرئيس الأفغاني، ملالي شينواري: "إيران استغلت المشاكل الاقتصادية والمعاناة المعيشية اليومية للمهاجرين الأفغان التي يواجهونها في إيران، بشكل سيئ لمصالحها الخاصة".
وأضافت الوزارة أن عددا كبيرا من اللاجئين الأفغان تم تجنيدهم للقتال في سوريا، وأن الحكومة الأفغانية طلبت من إيران مرارا وتكرارا عدم إرسال المهاجرين الأفغان إلى الحرب في سوريا، وحثّت طهران على التعامل بشكل إيجابي وقانوني مع الأفغان كلاجئين وليس كأدوات للحرب لكن دون جدوى.
وأضاف المتحدث باسم الخارجية الأفغانية، صبغت أحمدی: "لسوء الحظ، فإن استغلال الأفغان من قبل إيران مازال مستمرا، ونأمل من الجمهورية الإسلامية الإيرانية بصفتها دولة صديقة وجارة أن تراعي هذه الأمور والقضايا وأن تتصرف بمسؤولية".
وفي السياق ذاته، دانت رئيسة اللجنة المستقلة لحقوق الإنسان في أفغانستان، سيما ثمر، السلوك الإيراني في التعامل مع المهاجرين الأفغان في إيران قائلة: "استغلال المعاناة الإنسانية والفقر والحرمان للمهاجرين الأفغان وتوظيفها بشكل سيئ من قبل إيران يعد انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان".
ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" في تقرير، الاثنين، نقلا عن مصادر أمنية في العاصمة العاصمة الأفغانية كاول، أن هؤلاء العناصر بدأوا يعودون على شكل مجموعات ولكن بشكل سري خشية اعتقالهم من قبل أجهزة الأمن الأفغانية.
ويعتقد مسؤولو الأمن الأفغاني أن إيران لا تزال تنظم هؤلاء العناصر، ولكن هذه المرة كجيش سري لنشر نفوذ طهران وسط النزاعات التي لا تنتهي في أفغانستان.
ونقلت الوكالة عن مقاتلين سابقين في "فاطميون"، قولهم إن أغلبهم لم تكن لهم علاقة بالصراع الدائر في سوريا، وذهبوا إلى إيران بقصد البحث عن عمل أو لجأوا إليها هربا من الحرب لكن وجدوا أنفسهم محتجزين ومخيرين بين الذهاب إلى سوريا للقتال مقابل المال أو الإقامة أو الترحيل ومواجهة مصيرهم.
وقال مهدي، البالغ من العمر 21 عاماً والعائد إلى مدينة هيرات مسقط رأسه: "نحن هنا في أفغانستان خائفون. يقولون إننا جميعاً إرهابيون".
وكان الشاب مرعوبًا، وتحدث بشرط عدم الكشف عن هويته بالكامل خشية الانتقام منه حيث لم يجتمع مع وكالة أسوشيتدبرس في المنزل أو في الأماكن العامة، بل في سيارة كانت متوقفة في حي ناءٍ معظمه شيعة.
وفي مايو / أيار الماضي، اقتحم مسلحون من داعش مسجد الجوادية الشيعي في هيرات، وأطلقوا النار، كما فجر انتحاري نفسه بحزام ناسف بين المصلين، ما أسفر عن مقتل 38 شخصًا.
وقال أحد كبار السن في قرية بالقرب من هيرات، إن مجرد معرفة الأشخاص الذين قاتلوا في سوريا يمكن للأجهزة الأمنية أن تلقي القبض عليهم وتزج بهم في السجن.
وقال الرجل الذي قُتل ثمانية أشخاص من قريته أثناء القتال في سوريا إنه لا توجد مقابر لهم هنا، مؤكدا أن جميعهم دفنوا في إيران.
وشكلت إيران لواء فاطميون، الذي يقدر الخبراء أن عدد منتسبيه يصل إلى 15000 مقاتل خلال سنوات الحرب في سوريا، حيث جندتهم من بين لاجئي أقلية الهزارة العرقية في أفغانستان والذين هم من بين أفقر البلاد، واستخدمتهم كموجات بشرية ضد المعارضة السورية المسلحة.
وقال مسؤول أمني رفيع في وزارة الداخلية الأفغانية، لم يكشف عن اسمه لوكالة "أسوشيتد برس" إن حوالي 10 آلاف من هؤلاء المقاتلين عادوا إلى أفغانستان.
وتعتقد الحكومة الأفغانية والعديد من الخبراء أن إيران تريد اللعب بورقة هؤلاء المقاتلين لتأكيد نفوذها في أفغانستان، خاصة أن الولايات المتحدة تسرع من جهودها لإنهاء تدخلها العسكري الذي دام 18 عامًا تقريبًا.
أما مايكل كوغلمان، نائب مدير برنامج آسيا في مركز ويلسون ومقره واشنطن، فقال إنه من المرجح أن تنتهز إيران أي اضطرابات لتعبئة ميليشيات "فاطميون" حيث غرقت أفغانستان في مزيد من الاضطرابات.
وقال مسؤول بوزارة الداخلية الأفغانية إن إيران تدعم بالفعل قدامى المحاربين في سوريا الذين يعيشون في كابل وفي منطقة باميان التي يهيمن عليها الهزارة بوسط أفغانستان.
وقال إن وكالات الاستخبارات الأفغانية حددت مسؤولين حكوميين إيرانيين كبارا يديرون أنشطة المقاتلين العائدين، بما في ذلك تزويدهم بالأسلحة والمال وبناء هيكل لإعادة التعبئة السريعة إذا لزم الأمر.
وقال إن أمير الحرب الأفغاني عبد الغني عليبور، وهو من الهزارة، متورط في مساعدة إيران، حيث ألقي القبض عليه في أواخر العام الماضي بتهمة وجود ميليشيات غير شرعية، لكن أطلق سراحه بعد أن احتج آلاف الهزارة.
وقال رضا قاسمي، الباحث في مجموعة الأبحاث المستقلة في كابل، إن معظم الذين انضموا إلى لواء فاطميون كانوا مدفوعين باليأس والفقر وليس الولاء لإيران.
وأضاف أن "الأمر الأساسي هو أن معظم هؤلاء الناس لا يرون مستقبلًا لأنفسهم في أفغانستان".