قالت مجموعة العمل المالي (فاتف) الجمعة، إن أمام إيران مهلة حتى يونيو لتشديد قوانينها ذات الصلة بمكافحة غسيل الأموال، وإلا ستواجه مؤسساتها المالية العاملة هناك تشديدا في عمليات الفحص والتدقيق العالمية، فيما تشير منظمات دولية أن إيران احتفظت باستثناءات تتيح لها مواصلة تمويل ميليشياتها في الخارج.
وكانت فاتف، التي تتخذ من باريس مقرا، أعطت طهران بالفعل مهلة حتى فبراير الجاري لإكمال إصلاحات تجعلها ملتزمة بالأعراف الدولية وإلا تواجه عواقب، وكان ذلك في أكتوبر الماضي.
وخلصت فاتف هذا الأسبوع خلال اجتماع إلى أنه "ما زالت هناك بنود لم تكتمل بعد"، وقالت في بيان إنها "تتوقع أن تمضي إيران بسرعة على مسار الإصلاح".
وقالت "إذا لم تُفعّل إيران التشريعات المتبقية بحلول يونيو 2019 بما يتماشى مع معايير فاتف، فإن مجموعة العمل المالي ستحتاج إلى زيادة الفحص الإشرافي لفروع المؤسسات المالية والوحدات التابعة لها التي مقرها إيران".
وأشارت فرنسا وبريطانيا وألمانيا إلى أنها تتوقع أن تحقق إيران بسرعة جميع عناصر خطة عمل فاتف، فيما صادق برلمان طهران، عن مضض، على لائحة انضمام البلاد إلى الاتفاقية الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال. وقلّل من أهمية هذه الخطوة العديد من المسؤولين والخبراء الذين دعوا المجتمع الدولي إلى مراجعة تاريخ السياسة الإيرانية والنظر بين السطور لفهم حيثيات هذا القرار الذي جاء في خضم التصعيد الدولي ضد إيران.
وتكشف التجربة أن إيران إذا ما وافقت على قرار لإظهار "حسن السلوك" في العلن، فإنها تخفي وراءه شيئا ما تقوم به.
وأبرز مثال على ذلك مفاوضات الاتفاق النووي مع القوى الكبرى، التي استغلتها إيران لتوسيع تواجدها العسكري في سوريا والعراق واليمن، وتطبق خطتها التي عملت عليها منذ ثلاثة عقود لرسم ممر يصلها بشواطئ البحر المتوسط، ويمنحها نفوذا في المنطقة والعالم.
وصادق البرلمان الإيراني، على مشروع قانون الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة تمويل الإرهاب، والذي عارضه النواب المحافظون بشدّة.
ويرى متابعون أن معارضة التيار المحافظ لمشروع القانون قبل التصويت عليه لا يمكن قراءته بعيدا عن أنشطة النظام في الخارج، حيث تعتمد طهران على أذرع وميليشيات، تحتاج إلى التمويل، لتنفيذ أجنداتها الخبيثة في المنطقة.
ويمثل القانون الجديد، إن تّم الالتزام ببنوده وعدم تركه حبرا على ورق، عقبة أمام دعم الميليشيات في الخارج التي تعتمد كليا على الدعم المالي الإيراني كجماعة الحوثي في اليمن وحزب الله في لبنان الذي تصنفه الولايات المتحدة كمجموعة إرهابية.
ويأمل المسؤولون الإيرانيون أن تساهم المصادقة على قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال في تقريب البلاد من المعايير الدولية وتساعد في استبعادها من قوائم سوداء للاستثمار في ظل إعادة فرض العقوبات الأميركية.
وتشير مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إلى أن البرلمان الإيراني عندما أقرّ مشروع قانون مكافحة تمويل الإرهاب احتفظ ببعض الاستثناءات لحماس وحزب الله، فيما يربط تقرير نشرته فورين بوليسي بأن هذا القرار وقرارات أخرى صدرت في نفس الفترة تهدف في باطنها إلى الالتفاف على العقوبات الأميركية.
ويستبعد القانون من تعريفه للإرهاب ما يعتبره الإيرانيون "النضال ضد الهيمنة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي".
ويقر المشروع بأنه لن يمتثل امتثالا كاملا للفقرة 1.ب في المادة 2 من قانون تمويل الإرهاب، التي تحظر أي فعل "يُقصد به التسبب في وفاة أو إصابة بدنية خطيرة لمدني، أو لأي شخص آخر لا يقوم بدور نشط في النشاط العدائي في حال وجود صراع مسلح".
ويقول القانون إن التزام إيران بالمادة 2 "محدود" حتى إذا كانت الأطراف الأخرى ملتزمة تماما بهذه المادة. في حين تؤكد مجموعة العمل المالي على ضرورة التزام إيران بتجريم تمويل الإرهاب، "بما في ذلك إزالة الاستثناء للجماعات التي تم تحديدها" والتي تحاول إنهاء الاحتلال الأجنبي والاستعمار والعنصرية.
وينص القانون على استثناء آخر للمادة 6 من قانون مكافحة الإرهاب من خلال التأكيد على أنه لا ينطبق على حق "الكفاح المشروع". حيث تتطلب المادة 6 من الأعضاء اعتماد تدابير "لضمان عدم وقوع أعمال إجرامية في نطاق هذه الاتفاقية والتي يمكن تبريرها باعتبارات سياسية أو فلسفية أو أيديولوجية أو عرقية أو دينية أو من أي طبيعة أخرى مماثلة".
كما ينص على أن إيران لن تلتزم بأي جزء من اتفاقية مكافحة الإرهاب فيما يتعارض مع دستورها، وهي ثغرة كبيرة يمكن لإيران أن تستخدمها كلما سعت إلى تطبيق المزيد من الإعفاءات والاستثناءات.
ويذهب الباحثان في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات سعید قاسمي نجاد وتوبي درشويتز اللذان أشارا إلى أن مصادقة البرلمان الإيراني على اتفاقية فاتف لا يشمل منعها من تمويل الميليشيات الموالية لها بالمنطقة، مثل حزب الله في لبنان وحركة حماس وهما اللذان يتلقيان دعما ماليا من إيران يقدر بنحو 800 مليون دولار سنويا، بالإضافة إلى الدعم الذي تقدمه طهران إلى ميليشياتها في العراق والحوثيين في اليمن، كما الدعم الذي تقدمه للموالين السياسيين، وهي كلها أذرع تحتاج إلى أموال سيكون من الصعب توفيرها في ظل العقوبات، ولا مجال لكسبها إلا عن طريق غسيل الأموال.