عرب وعالم

المرحلة الانتقالية في الجزائر.. مشهد ضبابي وتفاوت في الرؤى

تم النشر في 4 نيسان 2019 | 00:00

يعيش الجزائريون مرحلة مفصلية في تاريخ بلادهم، بعد أن حققوا مطلبهم المتمثل برحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ولكن تبقى الفترة المقبلة بلا ملامح واضحة، نظرا لاختلاف الرؤى بشأن خارطة الطريق الخاصة بالمرحلة الانتقالية.


وباستقالة الرئيس، المنتمي لحزب جبهة التحرير الوطني، يدعو أبناء الشعب للقيام بانتخابات تأخذهم بعيدا عن الحزب الحاكم وأعضائه، واعتماد آلية انتخابية جديدة.


إلا أن حزب جبهة التحرير، وغيره من أحزاب الائتلاف الرئاسي في الجزائر، ترى أنه لا بد من "التمسك بالطريقة الدستورية"، التي تنص على أن يترأس رئيس مجلس الأمة المرحلة الانتقالية لمدة 90 يوما، ليتم خلالها تنظيم انتخابات لاختيار رئيس آخر للبلاد.


وهنا تكمن المعضلة، إذ أن أحزاب المعارضة، إلى جانب المطالب الشعبية، تدعو للتوصل لنظام انتخابي جديد، والابتعاد تماما عن أعضاء النخبة الحاكمة في الانتخابات المقبلة، لاختيار رئيس الجمهورية.


وعن تصوره لشكل المرحلة الانتقالية التي ستمر بها الجزائر، قال عضو جبهة التحرير، أبو الفضل بعجي، في حوار هاتفي مع موقع "سكاي نيوز عربية"، إن الحل "يجب أن يكون دستوريا"، لافتا في الوقت نفسه إلى أن "الشعب هو مصدر السيادة". 


أضاف: "لا بد من العمل بما نص عليه الدستور في مثل هذه المرحلة، بحيث يتولى رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح إدارتها، لكن في حال رفض الشعب ذلك، فلا بد من الاستجابة". 


وتساءل بعجي قائلا: "إذا كان رئيس الجمهورية قد استمع لمطالب الشعب، فهل يستطيع الرجل الثاني تحدي الإرادة الشعبية؟"، مشيرا إلى أن بن صالح "مريض ويعاني، وسيسهل المضي قدما في المرحلة الانتقالية إذا استقال". 


وفيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية المقبلة، والنظام الذي سيتم تطبيقه فيها، قال عضو جبهة التحرير: "الشعب يريد هيئة مستقلة بعيدة عن الإدارة السابقة، لمتابعة الانتخابات، والاقتراح هنا هو أن يتم تعويضهم بالقضاة والمحامين والنقابات المستقلة، التي أثبتت ولاءها للشعب". 


ولدى سؤاله عن المرشحين الذين قد يطرح حزب الجبهة أسماءهم للترشح في الانتخابات، أوضح بعجي: "جبهة التحرير هو أكبر حزب في البلاد، وهناك الكثير من الوزراء السابقين والكفاءات التي تستطيع المنافسة، منهم مولود حمروش، وعبد المجيد تبون". 


من جانبه، كشف الحقوقي والمعارض الجزائري، صالح حجاب، عن رفضه الشديد للمنهجية التي ستسير على أساسها المرحلة الانتقالية، في حال تم تطبيقها تماما كما نص الدستور، معتبرا أنه "من الصعب الحصول على نتائج جديدة بالإجراءات القديمة".


وقال حجاب لموقع "سكاي نيوز عربية": "المظاهرات أسقطت رأس الجماعة الحاكمة وتركت جسم النظام وروحه، إذ سيقومون بتعيين بن صالح أو الطيب بلعيد لإدارة المرحلة الانتقالية، ثم سينظمون انتخابات بنفس الآليات والحكومة، وسيخرجون بأحد رمز السلطة لضمان الاستمرارية". 


وتابع: "الشعب سيرفض هذا في مظاهرات الجمعة، لأنه لم يخرج لأسابيع لإسقاط بوتفليقة ووضع بن صالح مكانه". 


ورأى حجاب أنه "من الضروري  تعليق عمل المؤسسات الصورية والدستور المُرقّع"، مضيفا: "السلطة تريد تقديم رموزها التي فقد الشعب ثقته في معظمها، لذا من الأجدر أن يتم تشكيل هيئة مكونة من مجموعة من الشخصيات من مختلف الأطياف السياسية، وعلى رأسها المعارضة". 


وأشار حجاب إلى أن هناك "بعض الشخصيات التي كانت محسوبة على النخبة الحاكمة في فترة ما، لكنها تحظى باحترام الجزائريين مثل حمروش، وأحمد بن بيتور، والأخضر بورقعة، وجميلة بوحيرد، والتي قد تعيد الثقة للجزائريين في النخبة، ولتكون إشارة على المساعي الحقيقية لبناء جمهورية الجزائر بدستور حقيقي وتوافقي، يساعد على تنظيم انتخابات وبناء دولة وممارسة الديمقراطية". 


واسترسل قائلا: "نحن حالة خاصة ويلزمنا حل خاص، يضمن أن تكون الانتخابات حرة تماما ونزيهة، دون أن تتعرض لأي تلاعب أو تزوير". 


حل دستوري ومهام جديدة للجنة الانتخابات


ولمزيد من الوضوح بشأن المرحلة الانتقالية في الجزائر، أجرى موقع "سكاي نيوز عربية" حوارا هاتفيا مع الخبير القانوني براهيمي حسان، الذي قال إن "المرحلة الانتقالية تبدأ بعد اجتماع البرلمان وتعيين رئيس مجلس الأمة رئيسا للدولة لـ3 أشهر، حتى يتم تنظيم انتخابات رئاسية". 


كما لفت الى أنه "لا بد من أن تبقى جميع الحلول في إطار الدستور والقوانين، لأن أي خروج عن الدستور سيأخذ البلاد إلى المجهول". 


واستطرد قائلا: "الحل الدستوري يكمن في تعديل قانون الانتخابات، لإضافة مهمة جديدة للجنة مراقبة الانتخابات، وهي تنظيم الانتخابات وليس مراقبتها فقط، على أن يتم ذلك بالتنسيق مع وزارة الداخلية، لنتفادى أخطاء الماضي عندما كانت الداخلية هي من ينظم الانتخابات دون تدخل جهة مستقلة". 


وعن الأشخاص الذين من الممكن أن تطرح أسماؤهم للترشح، قال حسان: "من حق أي شخص الترشح لخوض انتخابات حرة ونزيهة، لأن الكلمة الأخيرة ستكون للشعب"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الشعب "لن يقبل" ببن صالح رئيسا مؤقتا للدولة. 


وأوضح أن "الحل الوحيد للاستجابة لهذا المطلب، هو أن يقدم بن صالح استقالته لمكتب مجلس الأمة، الذي يعلن بدوره عقد اجتماع لإعادة انتخاب رئيس جديد من الأعضاء أنفسهم".