عقد في بلدية صيدا اجتماع تشاوري لعرض وإقرار الإطار الإستراتيجي النهائي لـ"خارطة طريق صيدا.. نحو مدينة مستدامة بيئياً" ضمن المشروع المشترك بين "مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة" و"برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP – مكتب غرب آسيا" وبالتعاون مع وزارة البيئة وبلدية صيدا، وفي إطار متابعة تنفيذ توصيات "المنتدى البيئي لمدينة صيدا" الذي عقد في كانون الأول 2022.
ويعتمد المشروع نهجًا تشاركياً مع مؤسسات القطاع العام والخاص والأهلي والأكاديمي والمنظمات الدولية والخبراء والمجتمع المحلي وينطلق من تشخيص الواقع البيئي للمدينة والتحديات ذات الصلة ضمن 7 قطاعات رئيسية هي " البيئة المبنية ، الطاقة، الهواء ، النفايات، المياه، التنوع الحيوي/البيولوجي، الأرض" وصولاً الى اعتماد أهداف استراتيجية مستدامة نحو 2030 تشكل الإطار العام لكافة التدخلات البيئية الطارئة وطويلة الأمد من سياسات وخطط وبرامج.
وفي إطار تعزيز التعاون الدولي الفكري والتمويلي، من المقرر أن يحمل القيمون على هذا المشروع (UNEP ) و"مؤسسة الحريري" الأولويات المحلية والإطار الاستراتيجي إلى "أسبوع المناخ في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعام 2023-MENA Climate Week" الذي تستضيفه الرياض بالمملكة العربية السعودية الأحد القادم، ومن ثم الى الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف أو قمة المناخ العالمية (COP28) في دبي بالإمارات العربية المتحدة في كانون الأول المقبل.
الحضور
شارك في الإجتماع الذي عقد في مبنى القصر البلدي للمدينة:ممثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) والمدير الإقليمي لمكتب غرب آسيا السيد سامي الديماسي ورئيسة مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة السيدة بهية الحريري ، والأمينة العامة للمجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتورة تمارا الزين ، وممثل محافظ الجنوب الأستاذ منصور ضو أمين سر المحافظة الأستاذ نقولا بوضاهر، رئيس بلدية صيدا الدكتور حازم بديع، والرئيس السابق للبلدية المهندس محمد السعودي وعدد من أعضاء المجلس البلدي ، والمديرة التنفيذية للمؤسسة الدكتورة روبينا أبو زينب وفريق عمل المؤسسة و" UNEP" المشرف على المشروع، وممثلون عن إدارات وطنية معنية بالبحث والبيانات ونظم المخاطر البيئية وعن الهيئات العامة والخاصة والأهلية والأكاديمية والأونروا والصليب الأحمر اللبناني .
بديع
استهل الاجتماع بكلمة ترحيب من الدكتور حازم بديع حيث اكد على أهمية الموضوع المطروح وهو الموضوع البيئي والذي يشكل أولوية بالنسبة لبلدية صيدا ولكل مواطن وقطاع في المدينة ، متمنياً لهذا المشروع ان يحقق الهدف المرجو منه وان تتمكن صيدا من الإستفادة من طرح تجربتها ومشاكلها البيئية في محافل بيئية إقليمية وعالمية بما يمكنها من استشراف وتأمين الحلول الناجعة لها .
السعودي
وتحدث المهندس محمد السعودي فأشار الى أن الموضوع الذي يشغل لبنان كله وبشكل أكبر مدينة صيدا هو مشكلة النفايات ، والتي باتت تشكل هاجساً للمجتمع اللبناني ، داعياً لضرورة الإفادة من الاهتمام البيئي العالمي بلبنان لجهة التركيز على أهمية أن يكون مصدراً صحياً للبيئة وخصوصاً في ظل ما يتعرض له البحر المتوسط من تلوث .. وقال" نحن جزء من البحر المتوسط واي شيء يرمى فيه يطال بأضراره المحيط". مشدداً على أن أي أزمة مهما كانت طبيعتها يجب ان تواجه بطريقة علمية".
الديماسي
وأشار السيد سامي الديماسي الى أن الهدف من اجتماع اليوم هو "عرض ثمار عمل مشترك امتد لأشهر وأنتج خارطة طريق تتضمن رؤية مشتركة وأهداف استراتيجية لجعل " صيدا مدينة مستدامة بيئياً " وقال " المشروع الذي نعمل عليه والذي نطرح نتائجه اليوم مهم جداً لنا ، لأننا منذ اليوم الأول قلنا واتفقنا اننا نريد ان نأخذ المفهوم الذي ندرسه لنطرحه على النطاق الإقليمي والعالمي . وسنحمله معنا الأسبوع القادم الى أسبوع المناخ في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعام 2023 MENA Climate Week في الرياض، ومن ثم الى الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف أو قمة المناخ العالمية ( COP28) في دبي ، لنرى كيف يمكننا ان نترجم هذا المفهوم على الأرض ومَن مِن الفرقاء مستعد لأن يدعم ويشارك تجربتنا في هذا الموضوع ".
الحريري
ومن جهتها اعتبرت السيدة بهية الحريري أنه قد يطرح البعض تساؤلاً كيف نقوم بهذا المشروع والمدينة لديها مشاكل متعددة ؟ وقالت في معرض الإجابة على هذا التساؤل :" لا يمكن ان نقوم بخارطة طريق لحلول إذا لم يكن هناك مشاكل. وإذا لم نواجه مشاكلنا بطريقة علمية وبطريقة ممنهجة ، لا نستطيع الوصول الى حلول وذلك لا يكون اذا لم يكن هناك تشارك وكل همنا ان تكون لدينا خارطة طريق واضحة . والـ " UNEP" هم الشركاء الأساسيون الذين سيأخذونا الى عرض هذا المشروع على الصعيد الإقليمي والدولي ، لتكون صيدا أول من تتقدم بخارطة طريق واضحة لمدينة مستدامة بيئياً .. وان شاء الله نصل الى حلول طالما هناك إرادة لتحقيق خطوات مدروسة بالتشارك بين بعضنا ، والمظلة والإطار الأساسي لنا هو بلدية صيدا ونعرف امكانياتها ، لكن بالنهاية هناك سبل لتدعيم هذه الإمكانيات خطوة خطوة لنصل الى الحد من المشاكل الموجودة " .
الزين
ومن جهتها أكدت السيدة تمارا الزين على أهمية ان يكون رصد وتقييم التحديات البيئية جزءاً من نظام إدارة مخاطر في مختلف المجالات لأننا لا نستطيع الحديث عن الاستدامة دون ان نحكي عن المخاطر. وعرضت بعض ما يعمل عليه المجلس الوطني للبحوث العلمية من مشاريع لها علاقة بالتلوث والتنوع الحيوي ومنها مرصد وطني يشمل كل العوامل والمخاطر والجهوزية لها . واثنت على تجربة " خارطة طريق صيدا نحو مدينة مستدامة بيئيا " ورأت أنه اذا نجحت صيدا في الوصول الى تحقيق هذه الخطة ، فإنها ستكون تجربة نموذجية رائدة .
عرض لمسار وخلاصات
ثم كان عرض من مدير البحث والتطوير في مؤسسة الحريري المهندس محمد الحريري لمسار ومراحل مشروع " خارطة طريق صيدا نحو مدينة مستدامة بيئياً ، وما استند اليه من اشراك للمؤسسات والخبراء والمجتمعات المحلية في تشخيص الواقع البيئي للمدينة وفق مؤشرات تقرير التوقعات البيئية العالمية GEO، والتي نتج عن آلياتها مجموعة من التحديات ذات الأولوية لتكون مدخلاً للأهداف الاستراتيجية لخارطة الطريق.
الجبوري
وأشار مراق الجبوري من الـ"UNEP" الى أنه " تم تحديد 3 مراحل لتطوير "خارطة طريق صيدا .. نحو مدينة مستدامة بيئيا ": مرحلة التحضير وجمع البيانات ووضع الرؤية والأهداف ، مرحلة وضع الآليات وتحضير مشاريع نموذجية او رائدة ، وحلول على المستوى البعيد ، ومرحلة تقييم العمل وتصحيح المسار اذا لزم الأمر " ، لافتاً الى أنه خلال الأسبوع القادم في أسبوع المناخ في الرياض وخلال شهر كانون الأول في" COP28 " في دبي سيكون هناك اكثر من جلسة خاصة بـ" صيدا مدينة مستدامة بيئيا " .
تحديات وأولويات
بعد ذلك كان عرض لنتائج الاستمارة الأخيرة التي شارك من خلالها الشركاء في تصنيف التحديات بحسب الأولوية. حيث كانت مداخلة بهذا الخصوص للخبير المنتدب من قبل الـ "UNEP" الأستاذ كريم حشاش عرض فيها ما خلصت اليه آليات التقييم العلمي.
وقد جرى تصنيف نتائج استمارة تقييم" أولويات تحديات الإستدامة البيئية في صيدا " في القطاعات السبعة بأربع مستويات من الأقل الى الأعلى خطورة ، وسجلت قطاعات " الهواء والنفايات والمياه " أكثر التحديات خطورة .
ومن أبرز تحديات الواقع البيئي التي صنفت ضمن مستوى الخطورة العالية والمتوسطة-العالية:
* في قطاع البيئة المبنية : عدم وجود قوانين للبناء الأخضر أو معايير ومتطلبات البناء المستدام، عدم وجود تقارير رسمية بالبنية التحتية للمدينة أو المباني المعرضة لخطر الزلزال الكبيرة أو غيرها من الكوارث الطبيعية.
* في قطاع الطاقة : ضعف إمدادات الشبكة الوطنية تسبب بزيادة الاعتماد على المولدات الخاصة، التعدي على شبكات الكهرباء ، عدم وجود معايير المباني الخضراء ..
*في قطاع الهواء : الاعتماد المفرط على مولدات الطاقة الخاصة مع ضعف إجراءات التحكم في إنبعاثات المولدات، وغياب رصد بيانات الانبعاثات لفهم مستويات التلوث ومواقعه .
*في قطاع النفايات: عدم وجود خطة شاملة ومتكاملة للإدارة المستدامة للنفايات ، ضعف صيانة البنية التحتية الحالية بسبب الأزمة المالية ، وزيادة حجم مكب النفايات مع غياب موقع آمن للتخلص منها وارتفاع وتيرة حوادث الحرائق فيها وعدم وجود مطمر صحي للعوادم.
*في قطاع المياه: غياب الرقابة والمعالجة المسبقة الإلزامية لمياه الصرف الصحي ، الانقطاع المتكرر للمياه ، ، تدهور و/أو عدم وجود البنية التحتية اللازمة لفصل مياه الأمطار عن مياه الصرف الصحي وأقنية الأنهار.
* في التنوع الحيوي / البيولوجي: عدم إلزامية زيادة الغطاء النباتي، عدم وجود خطة شاملة لإدارة مصادر التلوث للبيئة البحرية، تلوث البحر بمخلفات الصيد البحري.
* في قطاع الأرض : عدم وجود خطة شاملة لإدارة موارد الأراض وإعادة تأهيل واستعادة الأراضي المتدهورة وإدارة عملية استخراج المواد، غياب دراسات تقييم الأثر لخطر الزلازل الوشيك.
ثم كانت مداخلات لعدد من المشاركين ونقاش عام .
محاور الإطار الإستراتيجي
وفي ختام الإجتماع ، قدم الدكتور عبد المنعم محمد (UNEP) ما خلصت إليه العملية التشاركية حتى هذه المرحلة من أهداف استراتيجية ضمن محاور ستة لخارطة الطريق وهي : الحفاظ ( Conserve) ، التخفيف (Mitigate)، التمويل (Finance)، الحوكمة (Govern)، التمكين (Empower)، والتعليم(Educate ) .
وتم إقرار هذه المحاور على أن تكون إلى جانب الواقع البيئي للمدينة محتوى النقاشات في المؤتمرين العالميين القادمين. وعلى أن تشكل مدخلاً لرسم المبادرات الخضراء في صيدا والجوار ضمن الإطار الاستراتيجي لخارطة الطريق بشكل علمي ودائم على مراحل عدة.
رأفت نعيم