صحافة بيروت

ما حقيقة تسويق عون لباسيل رئاسياً في موسكو؟

تم النشر في 6 نيسان 2019 | 00:00

كتبت صحيفة "اللواء": لا تزال الزيارة الرئاسية الى روسيا والقمة التي جمعت ميشال عون وفلاديمير بوتين محط متابعة سياسية وديبلوماسية، نظرا الى ما سيترتب عليها تباعا من نتائج سياسية على المديين المنظور والمتوسط، وخصوصا لجهة مفاعيل التموضع الروسي في الإقليم. لكن لا يعني العمل على الإفادة لبنانيا من هذا التموضع، أن ثمة توهما لدى أهل الحكم، لا في تضخيم الدور الروسي ولا في الانخطاف الكامل في سياقه، ذلك ان لبنان لا يحتمل الإنخراط الكامل والأعمى في أي من الأحلاف أو المحاور، وهو ما تدركه الديبلوماسية اللبنانية وتعمل في ضوئه. وما النتائج التي خرج بها وزير الخارجية الأميركية مايكل بومبيو من زيارته بيروت إلا صدى للموقف اللبناني الواضح في تظهير المصلحة اللبنانية، لو بالموقف الفجّ، والإطار العام للتموضع اللبناني الذي يأخذ في الاعتبار هذه المصلحة بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى، بما فيها الخوف المرضي من الرجل - الوصي الغربي أو التوهّم المنفوخ لحلف مع الصاعد الموسكوفي.





تواجِه هذه المقاربة الاستراتيجية هوسا مرضيا محليا ينبري له بعض المتضررين في محاولة لحرف القمة الرئاسية في موسكو، عن مراميها وعن النتائج والخلاصات التي إنتهت إليها، وهي سيادية في غالبيتها، من ملف النازحين الى النفط والغاز والدور الروسي المنتظر والمعوّل عليه في الآتي من المناقصات، وبينهما الحضور المسيحي في المشرق. ولا يخفى أن هذه العناوين هي استراتيجية بامتياز ترتكز على آليات التحرك التي وضعتها الديبلوماسية اللبنانية للمرحلة الراهنة، لمواكبة الكم الهائل من التطورات والمتغيرات الإقليمية والدولية، ولمقاربة التحديات المحيطة، وخصوصا في ظل الصراع الدولي الإنقسامي بين محورَي الإقليم.





بعض المقاربات السطحية للحراك الديبلوماسي اللبناني توظّف هذه السطحية لإستهداف عمل وزارة الخارجية، وتأخذ عليها، على سبيل المثال، أنها تتقصّد تموضعا لبنانيا في المحور الروسي - الإيراني - التركي على حساب العلاقة بين لبنان والغرب، ويُقصد هنا الغرب المختصر بالولايات المتحدة الأميركية. كما أنها تأخذ على رئاسة الجمهورية مماشاة السياسة الخارجية هذه بغية التحضير لرئاسة جبران باسيل. من هنا تحديدا جرى الحديث - بالكذب الموصوف - عن طلب رئاسي لبناني من فلاديمير بوتين دعم ترشيح باسيل للرئاسة. واتكأ هؤلاء المروجون على لقاء القمة الذي غاب عنه السفير في موسكو شوقي بونصار، للقول بأن غيابه هو تغييب مقصود كي يبقى بمنأى عن فحوى القمة. ومن ثم يعمد هؤلاء الى ابتداع تقرير ديبلوماسي يزعم التسويق الرئاسي لباسيل.





في الشكل، من المستغرب أن يتسرّب الى جهات غير رسمية تقرير ديبلوماسي مزعوم عن مداولات بقيت محصورة ببضعة أشخاص، من بينهم ٣ لبنانيين فقط، هم رئيس الجمهورية ووزير الخارجية ومستشارة رئاسية، من ثم البناء على هذا التقرير للخروج بإستنتاجات وخلاصات بائسة:


أ- فإما أن هذا التقرير مستقى من أحد هؤلاء الثلاثة وهو أمر غير قائم في المطلق.


ب - وإما أن التقرير سرّبته الرئاسة الروسية الى الجهة اللبنانية التي زعمت وجود التقرير، وهو أمر غير قائم كذلك، لجملة عوامل في مقدمها أن لا علاقة تجمع موسكو بالجهة اللبنانية المروّجة.


جـ - وإما أن السفير في موسكو هو من زوّد تلك الجهة بتقرير ما، وهو إحتمال شبه معدوم كذلك؛ لأن السفير لم يكن حاضرا في لقاء القمة، وتاليا مهنيته لا تسمح له بابتداع معطيات وتسويقها الى جهة غير رسمية، وهو الذي يفترض به أن يرفع تقاريره حصرا الى الإدارة المركزية في الخارجية اللبنانية.





يُستدل ّ من انعدام أي من الاحتمالات الثلاثة أن مروّجي التقرير الديبلوماسي - الشائعة القائم على اتهام رئاسة الجمهورية بالتسويق لرئاسة جبران باسيل، إنما هم يدبّجون أخبارا في سياق الحملة المتصاعدة أخيرا من الجهة التي ينتمون إليها ضد رئيس الجمهورية ووزير الخارجية، بعدما استهلكوا حملاتهم على رئاسة الحكومة، كل ذلك في سبيل ما يعتقدون انه من جهة شد عصب جمهورهم، ومن جهة ثانية تأجيج الاشتباك بالوكالة مع حزب الله، واستطرادا إيران، لملاقاة الاستهداف الاميركي المباشر لهذا المحور.