أخبار لبنان

الى أين؟

تم النشر في 5 كانون الأول 2023 | 00:00

مازن عبّود – اوكسيجين النهار ‏





‎"‎إن الولايات المتحدة تطارد الصين وروسيا، وسيكون ‏المسمار الأخير في النعش هو إيران، التي هي بالطبع الهدف ‏الرئيسي لإسرائيل. لقد سمحنا للصين بزيادة قوتها العسكرية ‏ولروسيا بالتعافي من السوفييتية، لمنحهم إحساسًا زائفًا ‏بالشجاعة، وهذا سيخلق زوالًا أسرع لهم. نحن مثل القنّاص ‏الذي ينتظر من يرفع بندقيته، فيحصل الانفجار الكبير. الحرب ‏القادمة شديدة بحيث انه لا تفوز بها سوى قوة عظمى واحدة، ‏وهي نحن. لذا، فالاتحاد الأوروبي مستعجل لتشكيل دولة ‏عظمى كاملة لأنه يعرف ما سيأتي ...آه كم حلمت بهذه ‏اللحظة المبهجة‎."‎

هنري كيسنجر (2011‏‎)‎

رحل هنري كيسينجر مختتما مرحلة هندسها ابتداء من الانفتاح ‏على الصين وصولا الى الشرق الأوسط. نظرياته ستبقى ‏تحرك الحكومة العميقة في الولايات المتحدة الامريكية للدفاع ‏عن مسارات استراتيجية سطرها ولها انعكاسات على ‏الاقتصاد العالمي وعلى واقع عالمنا اليوم. لكن ثمة ساحة ‏وغى باردة استجدت جراء سياساته. فالصين والولايات ‏المتحدة بدأتا تتبارزا على ريادة المستقبل والشرق الأوسط ‏يغلي‎. ‎

نكسب اليوم اقل، بدولار قدرته الشرائية اقل في خضم دول ‏تكبلها الديون السيادية وفوائد تحد الاستدانة والنمو والتضخم. ‏قدرة الدولار على الاحتفاظ بأدواره تتوقف على قدرة اميركا ‏على السيطرة على ديونها، بحسب (2023‏PS.) ‎EICHENGREEN. ‎ساحات الحروب المستجدة لن تحامي عنه ‏كثيرا‎.‎

يتوقع(2023‏‎) Spence et al. ‎ان يخرج الذكاء الاصطناعي ‏حلولا لازمة تراجع النمو المزمن بتوليده زيادة في الإنتاجية ‏تقدر بإجمالي 15 تريليون دولار وفق ماكينزي (2023)، ‏شريطة توجيهه لرفع الناتج المحلي الإجمالي، وليس فقط ‏لخفض كلفة العمالة والنفقات. التحول إلى الطاقة النظيفة ‏سيكون مكلفا وسيتطلب إنفاق رأسمالي إضافي قدره 3 ‏تريليون دولار سنويا لعدة عقود من الزمن، وفقا لوكالة الطاقة ‏الدولية وهذا أقرب إلى المستحيل‎.‎

يتوقعون ان يكون الذكاء الاصطناعي مع بداية العقد المقبل ‏محركا للاقتصاد، فيتمكن من عكس الانخفاض المزمن في ‏الإنتاجية للاقتصادات المتقدمة. لكن ماذا عن توزيع الثروات؟

الازمة في الهوة التي ستتسع جراء ذلك. ثمة تسابق مشحون ‏لريادة المستقبل‎. Fouskas et al.(FA,2023) ‎تناولوا ‏جوانب الاقتصاد السياسي للصراع بين الصين كقوة صاعدة، ‏والولايات المتحدة. اعتبروا بانّ الصين كانت المستفيد ‏الرئيسي من العولمة الليبرالية الجديدة التي تظهّرت بعيد ‏انهيار نظام‎ Bretton-Woods ‎في أواخر الستينيات. ‏العولمة وسلاسل التوريد العالمية منحت الشركات الصينية ‏الكثير من الميزات التفاضلية على حساب الشركات الغربية. ‏اعتقد الامريكيون لعقود انّ الصين مصنع إمبراطوريتهم ‏الاقتصادية التوسعية. الكوفيد كانت ورقة التين التي كشفت ‏الاختلالات. وقد بدأ الغرب يستعد للمواجهة الكبرى. لكن ‏عرش الإمبراطورية لم يشغر ولا الإمبراطور الامريكي ‏راغب بتركه. لحظة التنازل الرسمي مازالت بعيدة. ما يقلق ‏هو الوضع الداخلي في اميركا و"الأعراض المرضية" التي ‏تبان في هيكل مجتمعهم‎.‎

‎ ‎كيف سنواجه التحديات ونحن غارقون في التفاهة والملل؟ ‏نتنياهو لم يستطع ازالة حماس، ولن يتوقف. جبهة الجنوب لن ‏تفتر. ننتظر دينامية دولية لحل بنيوي لن تكون متوفرة. ‏بالمفرق سيكون دولار السوق هو الرسمي لكن بدون أموال ‏مودعين وكابيتال كونترول ورفع للحد أدنى. وستتعطل الدولة ‏أكثر. نفتش عن مواقع القرار، فيتكشف اللاقرار في المواقع ‏والقصور. المطلوب من اللاعبين التحرك. على النواب ‏انتخاب رئيس لن يغيّر كثيرا بل يشكل ضمانة، وهم لن يفعلوا. ‏ثمة حروب ونيران ودماء كثيرة، ثمة تحديات. ثمة ميلاد ‏بدون أحبة، من يضخّ في حياتنا واقتصادنا قليلا من رجاء، من ‏يخرجنا من التفاهة؟