كشف جيسون رضائيان، الذي أمضى 18 شهراً في أحد سجون إيران، أن طهران كانت تستخدمه كقطعة في لعبة شطرنج دولية، إبان المفاوضات حول برنامج إيران النووي. وقال رضائيان، المولود في الولايات المتحدة لأبٍ إيراني وأمٍ أميركية، لقد «عوملت في البداية كإيراني... لكن عندما حان وقت المقايضة، عوملت كأميركي. وهذا أسلوب منافق، لكنه أسلوب إيراني تماماً». وأضاف أنه خضع، في سجن إيوين بشمال طهران، للاستجواب والتهديد ببتر أعضائه ثم قيل له إنه قد يحكم عليه بالسجن مدى الحياة أو حتى بالإعدام، ولكن يمكن إطلاق سراحه إذا أقر بالذنب في تهمة التجسس. غير أنه تمسك ببراءته في المحاكمة التي جرت خلف أبواب مغلقة عام 2015.
ويروي رضائيان (42 عاماً) الذي نشأ في ولاية كاليفورنيا، محنته في كتاب مذكرات بعنوان «سجين» (بريزونر) الذي صدر أواخر الشهر الماضي. وكان قد اعتقل مع زوجته، يغانه، في 22 تموز 2014 بعد عودته من فيينا حيث قام بتغطية جلسة مفاوضات بين إيران و«مجموعة الدول الخمس زائد واحد» (الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا) بشأن برنامج إيران النووي. وكان رضائيان يعمل مراسلاً لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، وأصبح يعرف جيداً القيود على الصحافيين الأجانب في إيران. لكن السلطات الإيرانية اعتقلته واتهمته بأنه رئيس مكتب وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) في طهران. كما شكك المسؤولون الإيرانيون، الذين استجوبوه، في شركة حديثة النشأة قالوا إنها وهمية، لزرع فاكهة الأفوكادو في إيران.
وقال رضائيان، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية «من السخافة أن يؤخذ مشروع تجاري لإنشاء مزرعة أفوكادو ويتم تحويله إلى دليل على أنك رئيس مكتب سي.آي.إيه في طهران». وسرعان ما أدرك أن «قيمته» هو وزوجته الإيرانية، مرتبطة بالمفاوضات الحساسة حول مستقبل البرنامج النووي الإيراني. وقال «في البداية، كانوا يقولون إنني مجرد صحافي ليس له قيمة بالنسبة لهم، ثم استمروا في الحديث عن قيمتي». وأضاف أن «إيران عُرفت باحتجاز رهائن واستخدامهم للمقايضة لسنوات عدة»، وذلك في إشارة إلى احتجاز دبلوماسيين أميركيين في طهران عام 1979 والذي أدى إلى قطع العلاقات بين البلدين.
وجد رضائيان وزوجته نفسيهما عالقين وسط صراع على السلطة بين فصائل في القيادة الإيرانية، على خلفية الاتفاق النووي وعلاقات إيران مع الغرب. وقال «إن الفصيل الذي لم يرغب في علاقات مع الغرب كان مسؤولاً عن اعتقالي وقاموا بكل ما في وسعهم لتقويض المفاوضات بين إدارة روحاني و(مجموعة خمس زائد واحد)». وأضاف «كان الوضع معقداً جداً لأن مفاوضي روحاني أدركوا، أيضاً، أن بإمكانهم استخدامي كورقة ضغط». وأوضح رضائيان أن ظروف سجنه تحسنت نوعاً ما بعد مرور أشهر، كما أطلق سراح زوجته بعد 72 يوماً وسمح لوالدته الأميركية بزيارته. وأضاف «أدركت ضرورة أن ترفع الحملة المدافعة عني صوتها قدر الإمكان لأنه بذلك تصبح المسألة سياسية وكانت تلك فرصتي الوحيدة. فمن الضروري ألا يُنسى الأبرياء المعتقلون الذين يتم استخدامهم كورقة ضغط».
وأطلق سراح رضائيان مع ثلاثة أميركيين آخرين في 16كانون الثاني 2016 اليوم الذي دخل فيه الاتفاق النووي الموقع في فيينا في 14 تموز 2015 حيز التنفيذ. وقال رضائيان «من الواضح أن مصيري كان مربوطاً بكيفية تطبيق الاتفاق».
أضاف أن الأشهر الأولى بعد عودته إلى الولايات المتحدة كانت صعبة، قائلاً «لا نعود إلى حياتنا السابقة، واضطرني فهم ذلك عدة أشهر. في الأشهر الأولى شعرت بالانكسار ولم أتمكن من النوم وسيطر علي شعور بالخوف». ومنذ إطلاق سراحه يقود رضائيان حملة للإفراج عن معتقلين أجانب آخرين أو يحملون جنسيتين، لدى إيران مثل نزانين زغاري - راتكليف، البريطانية الإيرانية المعتقلة منذ نيسان 2016 والإيرانيين الأميركيين، باقر وسيامك نمازي. ونصح رضائيان العاملين في مجال الصحافة في إيران بأن يتوخوا «الحذر الشديد»، قائلاً «اتخذوا كل الاحتياطات الضرورية. لأنه مع الأسف، الاحتمال هو تكرار ما حصل (لي) مع شخص آخر».