كتبت صحيفة "الجمهورية": تمنّت وزيرة الداخلية ريا الحسن، حين تولّت حقيبة المالية، أن يكون لديها الوقت الكافي «للتقليع»، فتفاجأت باستقالة الحكومة بعد سنة ونصف السنة من «التقليعة». اليوم، وبعد عشر سنوات على تولّيها حقيبة المالية، تتمنّى وزيرة الداخلية ريّا الحسن الأمر نفسه من مكتبها في الداخلية، مع دعاء، لا يُعرف اذا كان سيُستجاب، أن تتحقق أمنيتها هذه المرّة فيتسنّى لها الوقت الكافي «للإصلاح»، آملةً أن لا يكون مصير ولايتها للداخلية كمصير ولايتها للمالية التي «طارت»، لتعود مفاعيلها بعد سبع سنوات وتلاحق التيَار الأزرق الذي تنتمي اليه الوزيرة النشيطة و»الإصلاحية»، وهي الصفة الأبرز التي اختارها الحريري لأجلها، حسب تعبيرها، والكلمة الوحيدة التي علقت في ذهن الوزيرة النشيطة المتمرّدة بتواضع.
أسئلة كثيرة ومطالب كبيرة حملناها معنا الى «سيدة الداخلية»، لكنّ «الرحلة المضنية» التي دامت قرابة الساعتين ونصف الساعة للوصول الى بيروت جعلتنا نعيد النظر في قائمة المطالب وترتيب الأولويات، وكانت أزمة السير أبرزها.
معاليكِ... هل سيضع برنامجكِ الإصلاحي حدّاً «لدرب الآلام»؟
أجابت بتنهيدة طويلة بأنّها كانت على وشك توديع زائرين قصدوها من طرابلس، وكانت الزحمة التي عانوا منها للوصول الى الداخلية محور حديثهم، موضحة أنّ الأعمال التي تجريها وزارة الأشغال فاقمت في زحمة اليوم. وأوضحت، في أول حديث خاص لها عبر جريدة محلية بعد توليها حقيبة الداخلية، انّ «المشكلة في البلد هي مداخل بيروت، ولا أعرف كيفية حلَها سوى ضمن إطار النقل المشترك. أكثر من مئات آلاف السيارات تدخل يومياً الى العاصمة من المداخل الشمالية والجنوبية، فيما لا يمكن لأي مدينة في العالم استيعاب هذا العدد من السيارات. ما يمكن فعله ضمن بيروت نفسها اتخاذ بعض الإجراءات على المداخل، ونعمل اليوم مع المحافظ ومع بلدية بيروت وقوى الأمن الداخلي على انتشار شرطة البلدية خلال الصيف على الطرقات لمساعدة قوى الأمن في تسهيل الحركة المرورية. هناك بعض العوائق التي نعمل على إنهائها مع وزارة الأشغال على بعض التقاطعات التي تسبب ازدحام السير. لكن أقولها بكل صراحة، الحل الجذري لمشكلة السير في بيروت أو خارج بيروت لن يكون سوى بالنقل المشترك.
بالمناسبة، هل قال لكِ رئيس الحكومة سعد الحريري لماذا اختاركِ «للعالم الأمني» وأنتِ القادمة من «عالم الأرقام»؟
اذكر كلمة واحدة قالها لي «انت إصلاحية»، وهي الكلمة التي علقت في ذهني. أما حين كشف لي انّ وزارة الداخلية ستؤول اليّ تفاجأت وقلت له «شو خصّني انا بالداخلية!»، فأجابني انه بحاجة الى شخصية إصلاحية تصلّح وانتِ لديكِ هذا البعد الإصلاحي.
هل صحيح انّكِ تأخذين دروساً في علم الأمن؟
لا أخجل من الإجابة، لأني حين أتيت الى الوزارة لم أكن على بيّنة من أمور عدة، وهذا ليس معيباً. فمَن من الوزراء السابقين كان على بيّنة مطلقة بعمل وزارته؟ فأغلب الوزراء المعيّنين ليسوا ملمّين بتخصّصهم. ولكن في رأيي، أهم أمر في الوزير أن تكون له القدرة على سرعة الاستيعاب والمواجهة البنّاءة وليس السلبية، وأن تكون لديه القدرة على التكيّف مع الإدارة من ضمن الإطار السياسي. بالنسبة لي أعمل على تغيير صورة إدارة الداخلية لتصبح أكثر قرباً من الناس، لكي نبرهن للمواطن بأننا قادرون فعلاً على الإصلاح والتغيير. وعسى ان يتسنى لنا الوقت الكافي للتطبيق وأتصوّر اني «قلّعت».
هل يقيّدك الرئيس الحريري؟
مطلقاً لست مقيّدة، والحريري «فاتحلي» عالآخر. اتفق معه في السياسة العامة، أما المسائل اليومية فأنا سيدة نفسي وأعمل ما أراه مناسباً وما اقتنع به.
الا يُقلقك اتخاذ القرارات الأمنية ؟
نعم يقلقني الأمر لا أخفي ذلك، ولكني أسأل القلقين، هل كانت قرارات المالية العامّة أسهل من القرارات الأمنية؟ الكل يعلم انّ قرارات المالية العامة كان لديها أيضاً انعكاس مباشر على المواطن مثل القرارات الأمنية. والأهم هو في وضع أنظمة للمتابعة وتأمين صلة الوصل بين الأجهزة الأمنية.
لن أصبح ضليعة بعالم المخابرات ولا بمحاربة الإرهاب، ولكن يمكنني وضع الأنظمة الصحيحة لتأمين التغطية وشبكة تواصل جامعة لكافة الأجهزة الأمنية، وهو الأمر المنكبة اليوم على دراسته وتطبيقه.
هل ستمضين قدماً بإزالة «البلوكات الإسمنتية» أم منعتك «البلوكات السياسية»؟
لا لم يمنعني أحد... لقد ازلنا البلوكات المهمة التي كانت تعيق السير، وفوّضت المحافظين باستكمال إزالة الحواجز المتبقية.
يتردد انّ علاقتك مع بعض المحافظين ليست على ما يرام ؟
لا ليس صحيحاً. في النهاية انا اريد العمل وهم الأداة التنفيذية في المناطق وليس هناك ما يعكّر صفو المتابعة معهم.
ما رأيك في محاولة استهداف الرئيس السنيورة وتحميله سبب العجز الذي وصلت اليه اليوم الدولة بسبب سياسته المالية وإدارته لها، لاسيما انكِ كنتِ جزءاً من فريق عمله؟ الا تخشين مثلاً من أن تطالك الملاحقة؟
لا أخشى شيئاً ابداً (بالثلاثة) لأني أعرف نفسي جيداً. امّا بالنسبة الى هذا الملف بالذات، فالذين يلوّحون لنا به من فترة الى أخرى هدفهم الإبتزاز السياسي. سبق ان تعرّضت عام 2010 الى الهجوم المكثّف من فريق الثامن من آذار، وذهبت الى لجنة المال والموازنة أكثر من 70 مرة بحجّة إعادة التقييم لأداء الماضي والشوائب التي قمنا بها حسب قولهم، وخرجوا بعدها بالإبراء المستحيل وما تبعه من تأويلات وروايات... بدوري أسأل اليوم، ماذا حصل بعدها؟ منذ 2011 حتى 2017 هل استُتبع الملف؟ علماً اني طرحت عام 2011 تشكيل فريق للتدقيق في الحسابات، على أن تستغرق مدة عمله سنتين، فقامت الدنيا ولم تقعد بحجّة طول المدة، والإدعاء بانني تسلّحت بها للتهرّب والمواربة، في الوقت التي استغرقت الحسابات معهم 7 سنوات!
وتضيف الحسن، من الواضح أنّ الاستهداف هدفه سياسي، وتحديداً هو استهداف مباشر للحريرية الإقتصادية والسياسية.. و»للأسف نقول دائماً اذا كان لديكم براهين وإثباتات باختلاسات وسوء إدارة وهدر أبرزوا المستندات التي تدينوننا بها واذهبوا الى القضاء وادّعوا علينا اذا تسلحتم بالإثباتات وماذا تنتظرون؟ أمّا اذا اردتم استعمالها ظرفياً للزكزكة ولإزالة إرث رفيق الحريري فلن نقبلها...شخصياً أنا واقفة الى جانب الرئيس السنيورة حتى النهاية في هذا الملف.
ما رأيكِ بالمجمل بإطلاق فتح ملفات الفساد وماذا تفعلون انتم في هذا الإطار؟
«منيحة»، اساساً شاهد الجميع أداء اللواء محمّد عثمان وشعبة المعلومات، وإن التحقيقات التي تقوم بها شعبة المعلومات وباعتراف الجميع، تقوم بها باحترافية وليس لها اية دوافع سياسية. حتى أنّ القاضية غادة عون التي تواصلتُ معها عدة مرات تقول انّ تعاملها مع شعبة المعلومات في ما يتعلق بالتحقيقات هي جيدة جداً وجديّة. وتقول انها تصل معهم دائماً الى نتائج جيّدة بسبب تعاملهم الوثيق والمتبادل.
ماذا عن إدّعاء القاضي بيتر جرمانوس على شعبة المعلومات؟
هو خطأ كبير. اذ كيف يدّعي من موقعه كإبن دولة على شعبة معلومات في دولته. لكن عزاءنا بأنّ الجميع وقف معنا في هذه القضية، ولم تؤيّده أيه جهة، علماً اني لا اعرف دوافع هذه «الهمروجة». وليكن بعلم الجميع، أنا أقف خلف شعبة المعلومات حتى النهاية، وأي تعرّض لها بطريقة استنسابية أو هجوميّة لن أقبل بها وسأقف بوجهها.
علماً اني مع مبدأ المحاسبة بشكل تام، وهو من أولوياتي، بخاصة اذا كان هناك أي خلل في أي إدارة أو أي شخص، فلا غطاء على أحد. ولكني لست مع ان تصبح المسألة كيدية. فأنا أومن بالتحقيقات السريّة، واذا ثبتت التهمة على الأفراد يتم عندئذٍ الاعلان عن الأسماء وليس العكس. وليس مسموحاً تسريب التحقيقات الى الإعلام منعاً للأحكام المُسبقة قبل انتهاء التحقيق. سأسير في ملف المحاسبة بالإضافة الى مواضيع كثيرة، انما لا اسير في الكيديةّ، لأني أشعر في بعض الأحيان انّ هناك استغلالاً لبعض الأجهزة الأمنية تحت غطاء محاربة الفساد لأغراض سياسية. وأنا بالتأكيد لن أقبل بهذا الأمر.
للإطلاع على المزيد إضغط هنا