كتبت صحيفة "الجمهورية": باتت العلاقة بين «حزب الله» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» تحتاج الى «الصيانة» الملحّة عقب تسرّب «النش» السياسي الى سقفها، نتيجة مجموعة من التراكمات التي اختلط فيها غبار النزاع حول معمل الترابة والإسمنت في عين دارة، بتداعيات ارتفاع منسوب التعارض في مقاربة بعض الملفات السياسية الحساسة.
بعدما أوصل كل طرف أخيراً رسائله الاحتجاجية، على طريقته، انتقل الجانبان من القطيعة الطارئة الى البحث في سبل إعادة حياكة الرقع الممزقة في ثوب «ربط النزاع».
وسُجّل في هذا الاطار استئناف للتواصل بين قيادات لدى الحزبين، خصوصاً بين مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا ووزير الصناعة وائل ابو فاعور، علماً انّ ملف العلاقة مع «التقدمي الاشتراكي» أنيط أخيرا بالمعاون السياسي للامين العام للحزب حسين خليل، بعدما كان من اختصاص صفا الذي بات معنياً خصوصاً بملف العلاقة مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، من دون ان يمنع ذلك الاستعانة به عند الضرورة على خط كليمنصو.
ولئن كان الجانبان متوافقين على ضرورة عقد لقاء «غسيل قلوب» في اقرب وقت ممكن، إلّا انّ خلافاً حول مكان انعقاده لا يزال يؤخر حصوله، مع الاشارة الى انّ هناك توقعات روّجت لاحتمال التئامه هذا الاسبوع.
وبمعزل عن توقيت الاجتماع، يبدو انّ جدول الاعمال سيكون حافلاً وممتداً من عين دارة في الجبل الى الساحة الاقليمية، وسط انزعاج «حزب الله» الشديد من كسر قراره بمنح الترخيص لمعمل الاسمنت الى آل فتوش «بلا إذن ولا دستور»، وكذلك من مواقف جنبلاط الحادة ضد دمشق وطهران.
وقال جنبلاط لـ«الجمهورية» انه «كان من المقرر أن يزورنا قبل فترة المعاون السياسي للامين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل، في اطار التشاور والتنسيق، لكن «الحزب» ألغى الاجتماع بعدما اتّخذ الوزير وائل ابو فاعور قراراً بإبطال ترخيص معمل الاسمنت والترابة الذي كان قد منحه وزير الصناعة السابق حسين الحاج حسن الى آل فتوش».
ويضيف: «أعتقد انّ موقف «حزب الله» المستجد حيالنا لا يرتبط فقط بالاعتراض على وقف العمل بالترخيص المشار اليه، بل إنّ الرسائل أبعد في جوهرها ومفاعيلها من حدود معمل ترابة أو كسارة، وعلى كلٍ نحن ننتظر تبادل التوضيحات، حتى تصبح الصورة أفضل».
ويتابع جنبلاط: «كنا قد اتفقنا على عقد لقاء مشترك بين الحزبين هذا الاسبوع، لكننا اختلفنا على مكان عقده، وأنا فهمت من وائل (ابو فاعور) انّ الحاج حسين خليل طلب أن يتمّ اللقاء في حارة حريك، وانا بصراحة رفضت الاقتراح، لأن «الحزب» هو الذي يجب أن يبادر الى زيارتنا هذه المرة، في اعتبار ان تلك الزيارة كانت مقررة مسبقاً، قبل ان يَعدل الحزب عنها».
ويؤكد جنبلاط انه «لم تكن الغاية من إلغاء ترخيص معمل الترابة كسر ارادة «حزب الله» أو قراره، بل نحن تعاطينا مع الأمر من الزاوية التقنية، على قاعدة ان الترخيص صدر عن وزير الصناعة السابق، ونحن ارتأينا إبطاله بعد تسلمنا حقيبة وزارة الصناعة انسجاما مع اعتراض شعبي عريض على فتوش يمتد من زحلة الى عين دارة، لكن ما لم نكن نعلمه هو انّ فتوش له أهميته وحيثيته في الوضع الاقليمي ومعادلاته (ضاحكاً)».
وعلى الرغم من الجفاء الذي يطبع العلاقة بين «حزب الله» و«التقدمي الاشتراكي» في هذه المرحلة، إلّا ان جنبلاط يدرك انه ما من مفر في نهاية المطاف من العودة الى تنشيط «المعادلة الذهبية» التي حققت «التعايش» بين الضاحية والمختارة، والمتمثلة في الاتفاق على «تنظيم الخلاف».
ويقول جنبلاط في هذا السياق: «سبق لنا أن اتفقنا على تنظيم الخلاف واحترام كل طرف لخصوصيات الآخر، وأعتقد انه لا يوجد بديل من هذا الخيار الذي يجب أن نعيد تفعيله بعد تبادل التفسيرات والتوضيحات لمكامن الالتباس والتباين في الفترة السابقة».
وجنبلاط القلق على الوضع الاقتصادي ومنه، يقارب تحديات هذا الملف من زاوية «اشتراكية» تدفعه الى طلب تحييد الناس عن التدابير العلاجية القاسية التي يجري التحضير لها، رافضاً أن تشمل سياسة شدّ الأحزمة والتقشف المالي موظفي القطاع العام.
وعندما يُسأل عن رأيه في كلام الوزير جبران باسيل الذي دعا الموظفين الى أن يقبلوا باحتمال تخفيض معاشاتهم «وإلّا لن يبقى معاش لأحد»، يعتبر جنبلاط انّ ما يدعو اليه باسيل يشكل خطوة ناقصة، لافتاً الى «انّ هناك مرافق كثيرة تنطوي على هدر وفساد يمكن الاقتراب منها لتخفيف إنفاق الدولة، من دون ان يجري تدفيع هذه الفئة من الناس ثمن الاصلاح ومكافحة الفساد».
ويتابع بحزم: «عندنا مئة محل يمكن ندق فيها، إلّا رواتب هؤلاء الموظفين».