كتبت صحيفة "الحياة": لم يعد لبنان مطالبا من الولايات المتحدة الأميركية بالامتثال إلى العقوبات المفروضة على "حزب الله"، وبتنبه قياداته السياسية إلى عدم التعاون مع الحزب لتسهيل أموره المالية والتفافه على هذه العقوبات، بل صار مطالبا أيضا بالامتثال للعقوبات المفروضة على سورية أيضا، كدولة جارة له، تسعى إيران إلى الإفادة من نفوذها فيها من أجل الالتفاف على هذه العقوبات أيضا.
وقالت مصادر متعددة المشارب لـ"الحياة" أن آخر الإجراءات التي جرى تنبيه السلطات اللبنانية إليها في الآونة الأخيرة هي التهريب على الحدود بين لبنان وسورية، والذي بات يحصل من لبنان، إليها، بعد أن كان يحصل في الخط المعاكس، أي من سورية، إلى لبنان، للبضائع السورية التي تنافس الإنتاج الزراعي المحلي. وعلمت "الحياة" أنه في الوقت الذي كانت القوات المسلحة اللبنانية تراقب الحدود لمنع التهريب إلى لبنان في الأشهر الأخيرة، بعدما كثرت احتجاجات التجار والمزارعين اللبنانيين نتيجة إغراق السوق بمنتجات نافست الإنتاج اللبناني، طرحت أزمة النقص في المحروقات في سورية وحاجة سوقها إلى التزود بالبنزين والمازوت والغاز، وببعض أصناف المواد الغذائية نتيجة الحصار المفروض عليها، وجوب قيام القوى الأمنية بضبط الحدود للحؤول دون خرق الحصار الغربي المفروض على نظام دمشق منذ مطلع السنة.
وأشارت مصادر مختلفة لـ"الحياة" إلى أن تجار ومهربي المحروقات على أنواعها نجحوا في البداية في تمرير كميات منها إلى سورية نظرا إلى حاجة السوق القصوى بعدما تسبب النقص فيها، والرقابة الغربية على شحنات الوقود الآتية عبر البحر من النفط الإيراني (الخاضع للعقوبات بدوره منذ تشرين الثاني نوفمبر الماضي) لسد النقص السوري، لكن هؤلاء المهربين ما لبثوا أن انكفأوا، نظرا إلى صعوبة قبول المصارف التحويلات المالية التي يتقاضونها مقابل خدماتهم. إلا أن محاولات التهريب بقيت ناشطة على معابر غير شرعية. وأفادت معلومات مصادر سياسية تحدثت إلى "الحياة" أنه جرى إبلاغ لبنان بوجوب اتخاذ التدابير لضبط المعابر.
ورجحت المصادر إياها أن يكون التشديد على القوات المسلحة ضبط الحدود في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع الذي ترأسه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الإثنين الماضي، له علاقة بهذا النوع من التهريب، فبادر الجيش اللبناني إلى إقفال أحد المعابر الرئيسة الناشطة في اليوم التالي. وقالت مصادر سياسية عليمة إن امتثال لبنان إلى هذا النوع من العقوبات مفيد له بالاتجاهين إذ أن الجمارك وقوى أمنية أخرى دأبت على ملاحقة المهربين للبضائع القادمة من سورية لمنافسة مثيلتها اللبنانية.
وإذا كان ضبط هذا النوع من التهريب في اتجاه سورية هو أحد أوجه التعاون المطلوب من لبنان في تطبيق العقوبات على سورية، فلأنها أصبحت مرادفة للعقوبات على إيران لمنعها من تصدير نفطها، ما اضطرها لتوجيه إحدى ناقلات النفط التي كانت عبرت قناة السويس أخيرا باتجاه مرفأ اللاذقية إلى الساحل التركي، لمحاولة إفراغ حمولتها وإدخالها براً إلى سورية من طريق الحدود الشمالية التركية السورية. إلا أن مصادر متابعة لمسار العقوبات أبلغت "الحياة" أن الجانب الأميركي يرصد كافة المسارب، بحيث طلب أيضا من الجهات السورية المعارضة الحليفة له في الشمال السوري الامتثال بدورها للعقوبات، فضلا عن طلبها من الجانب التركي التشدد في هذا المجال.
وقالت هذه المصادر لـ"الحياة" إن أزمة الوقود كانت دفعت النظام السوري إلى إبداء استعداده لغض الطرف عن دخول القوات التركية إلى مناطق تسيطر عليها القوات الكردية، في الشمال، شرط السماح بحصول دمشق على كميات من النفط المنتج في تلك المناطق، بعد أن كانت القوات الكردية امتنعت عن تزويد النظام بها نتيجة طلب أميركي. فـ"قوات سورية الديموقرطية" كانت تسرب جزءا من إنتاج النفط السوري الذي سيطرت عليه إلى قوات النظام بناء لاتفاق سابق تحت الطاولة، ثم امتنعت بطلب أميركي.
وإذا كانت هذه الوقائع تؤشر إلى مدى الضغوط على لبنان كي يلتزم بالعقوبات الأميركية على إيران و"حزب الله" وسورية فإن وقائع المحادثات الأميركية اللبنانية خلال زيارات الوفود اللبنانية الوزارية والنيابية والمصرفية إلى واشنطن مطلع هذا الشهر، شهدت على مزيد من التشدد الأميركي، بعدما كانت زيارة وزير الخارجية مايك بومبيو في 22 آذار (مارس) الماضي، "وضعت لبنان تحت مجهر القانون الدولي وعقوباته"، كما قال في مؤتمره الصحافي الشهير، محذرا من "تدخل إيران في "الجمارك وغيرها من الضوابط " (من أجل التهريب...).
لقراءة النص كاملاً اضغط هنا.