أخبار لبنان

عندما بكت صيدا بـ"عين" الدلب!

تم النشر في 30 أيلول 2024 | 00:00

عصر الأحد كانت صيدا منهمكة في رعاية ومواكبة الآلاف من أهلها النازحين من مختلف مناطق الجنوب انطلاقا مما تعتبره واجبها الوطني والإنساني.. هذا الواجب الذي التزمته منذ اليوم الأول للعدوان، وارتقت به من درجة التفاني في خدمة اهلها الجنوبيين الى درجة الإيثار بالمأوى والمأكل والملبس فالتضحية حتى بالأرواح والشهادة لأجل الوطن والقضية ..

عصر الأحد بكت صيدا بعينين : عين شاخصة الى جروح الوطن النازفة شهداء ومآس وويلات في غير منطقة، وعين الدلب التي لم تدرك امطار الشتاء بعد، وقبل أن يبلّ طرف أيلول مطراً، تدفقت بدماء شهداء المدينة ودموع أهلها وقاطنيها حرقةً وحسرةً على الأم والأب والأخ والأخت والولد والحفيد ..

كما الأم الثكلى تجثو فوق جثامينهم، سهرت خنساء المدن اللبنانية تستقبل جثامين أبناءها الذين كانوا حتى ذات عصر يضجون بالحياة وتضج بهم الأمكنة والمدارس والمؤسسات ، وتبلسم جراح من نجا منهم ، وتسابق الساعات في انقاذ من بقي محتجزاً منهم تحت أسقف تحولت ركاماً يسكنه الموت ، وبعض أصوات أنين من هنا واستغاثة من هناك.. ظنوا أنهم في مأمن من غارات هذا العدو، لكن غدره لاحقهم الى عقر أمانهم ..

وها هي صيدا وهي تستعد لوداع شهدائها ، تحوّل حزنها الى إكليل غار وعزة وكرامة يتوج مسيرة تضحياتها لأجل لبنان ، مسيرة بدأت مع شهداء كبار من رجالاتها وقادتها ومقاوميها ولم ولن تنتهي مع شهدائها المظلومين في عين الدلب التي ارتسمت على حفافيها وجوههم مبتسمين وترددت أصداء حكاياهم محدثين ، وحفرت ذكراهم شهداء وشهوداً على اجرام عدو وعلى صمت دول تدعي حماية حقوق الإنسان .

قدر صيدا أن تضحي في سبيل قضايا الوطن والأمة ، وأن تقدم فلذات أكبادها فداءً وافتداءً للبنان وفلسطين، تعض على جراحها وتكبر فوق حزنها، تشمخ وتصمد كما شجرة دلب معمرة ، تتساقط أوراقها خريفاً لكنها لا تسقط، بل تزداد جذورها ثباتا وأغصانها قوة، وترتوي بمطر الشهادة كي تنبت وتزهر وتورق ذات ربيع وطناً يرنو اليه أبناؤه .

رأفت نعيم