كتبت صحيفة "العرب اللندنية": تتجه العلاقة بين الزعيم الدرزي وليد جنبلاط وحزب الله نحو المزيد من التوتر ما يهدد بقطيعة بين الطرفين، على وقع استمرار الخلاف حول معمل عين دارة لينضاف إليها الموقف الذي أعلنه جنبلاط مؤخرا بخصوص مزارع شبعا المحتلة.
وشكّك جنبلاط في لبنانية مزارع شبعا في تصريح أثار ضجّة واسعة. وفيما التزم حزب الله الصمت تولت شخصيات محسوبة عليه التصويب على الزعيم الدرزي، وتجييش الرأي العام المحلي وخاصة سكان المثلث الحدودي.
ويتخذ حزب الله من احتلال إسرائيل لهذه الأراضي ذريعة للإبقاء على سلاحه، رغم أنه ثبت بالكاشف خلال السنوات الأخيرة أن هذا السلاح موجه بالأساس لخدمة أجندة إيران في المنطقة انطلاقا من سوريا مرورا بالعراق وصولا إلى اليمن.
وقال جنبلاط المعروف عنه مناوئته لإسرائيل، في حديث تلفزيوني "أرى أن مزارع شبعا ليست لبنانية، ولكن بعض الضباط اللبنانيين في مرحلة التحرير بالعام 2000 استبدلوا الخرائط بالتعاون مع ضباط سوريين، بهدف إبقاء الذرائع بيد سوريا وغيرها من أجل تحريرها".
وكانت مزارع شبعا تحت السيطرة السورية حينما احتلتها إسرائيل في العام 1967، وفيما تصر الدولة اللبنانية على أن هذه الأراضي تابعة لها ترفض سوريا تقديم أي وثائق أو اعتراف رسمي بلبنانيتها.
ووصف جنبلاط في حديثه الرئيس بشار الأسد بالكاذب قائلا "هو أكبر كذاب في العالم وأملك معلومات من دبلوماسي روسي أتى في العام 2012 إلى المختارة وأخبرني أن الأسد أرسل رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عبر روسيا وأبلغه أنه في حال تم تقسيم سوريا فإن الدويلة العلوية لن تكون ضد إسرائيل، فكان جواب نتنياهو أننا نريد رفات الجاسوس كوهين".
وفيما بدا جس نبض لحزب الله تساءل جنبلاط "لماذا لا يعيدون النازحين إلى قراهم في منطقة القلمون التي احتلها النظام وحلفاؤه؟"، ويتولى حزب الله السيطرة على المنطقة الواقعة على الحدود اللبنانية السورية.
وزادت تصريحات جنبلاط من حدة التوتر مع حزب الله الذي تقول أوساطه إن الأخير يتجه لقطع خط الرجعة، وأنه من الصعب تجاوز مواقفه الأخيرة.
وفيما التزم الحزب رسميا الصمت وعدم التعليق على جنبلاط تولّت شخصيات موالية له مهاجمة رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي. وصرّح النائب قاسم هاشم الجمعة "إذا كانت المواقف والآراء وتغييرها هواية لدى البعض فإن هوية الأرض ثابتة وحقيقية لا تبدل من واقعها وحقيقتها لحظة تخلّي أو هواية التصويب السياسي في غير مكانها وزمانها".
من جهته رد وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية حسن مراد أن "مزارع شبعا لبنانية وملكيتها مؤكدة بالوثائق والمستندات والتاريخ والجغرافيا، وهويتها متجذرة في هذه الأرض أكثر بكثير من عدد كبير من ساسة هذا البلد".
ويعود التوتر بين الزعيم الدرزي وحزب الله إلى سحب وزير الصناعة وائل أبوفاعور لترخيص معمل إسمنت لأحد الوزراء السابقين في منطقة عين دارة بمحافظة جبل لبنان، كان منحه الوزير السابق حسين الحاج حسن، الأمر الذي عده حزب الله استهدافا مباشرا له، ومسعى للإيحاء بتورطه في قضايا فساد، وهو الذي أعلن فتح الحرب على هذه الظاهرة.
وسعى جنبلاط لاحتواء الازمة مؤكدا أن الأمر لم يكن يحمل نية مبيتة تستهدف الحزب إلا أن الأخير أصرّ على مواقفه، ورفض ملاقاة جنبلاط في منتصف الطريق.
وفي خطوة لإسقاط قرار أبوفاعور توجه حزب الله إلى مجلس شوري الدولة المعروف بموالاته له، وبالفعل وكما هو متوقّع أبطل المجلس قرار وزير الصناعة.
وبدا أن حزب الله اراد بخطوته هذه التأكيد على أنه الطرف الأقوى وان لا أحد يمكنه تجاوزه، فكان أن غرد جنبلاط قائلا "لا عجب أن يصدر قرار من هيئة قضائية باستباحة الطبيعة في محمية أرز الشوف والأملاك الخاصة لعين دارة. إن البلد كله مستباح، يبدو، لخدمة الممانعة من الكسارات وصاعدا. حتى إن ذكر إعلان بعبدا أصبح جريمة. لكننا سنستمر في المواجهة السلمية المدنية، نتحدى تزوير الحقائق من أجل لبنان أفضل".
ويقول محللون إن إقحام جنبلاط في تغريدته لإعلان بعبدا، يحمل أكثر من رسالة لأكثر من طرف، خاصة وأنها تزامنت مع الجدل الذي أثارته تصريحات وزير الدفاع إلياس بوصعب بخصوص مناقشة الاستراتيجية الدفاعية للبلاد ومن ضمنها سلاح حزب الله.
وكان بوصعب القريب من رئيس الجمهورية ميشال عون اعتبر أن بحث هذه الاستراتيجية لا يمكن أن يتم في ظل وجود التهديد الإسرائيلي، في تناقض تام مع وعود عون قبل الانتخابات النيابية والأهم ضرب إعلان بعبدا الذي شدد على بحث هذه المسألة عبر عقد حوار وطني، لا أفق له على المدى القريب وحتى المتوسط.
وتوحي تصريحات جنبلاط بأنه ليس في وارد التراجع مجددا أمام حزب الله، خاصة وأنه سبق وأظهر نية في احتواء الأزمة بيد أنه لم يجد تفاعلا من الحزب.