كتبت صحيفة "القبس": تلقت أجهزة الاستخبارات البريطانية معلومات في شأن مخططات لتنظيم "داعش"، بهدف تنفيذ هجمات في بريطانيا وأوروبا، عبر ما يعرف بـ«خلايا التماسيح».
وتدرس الاستخبارات خطط هذه الخلايا التي تتكون من «عناصر نائمة» تتبع التنظيم الإرهابي، وتنفذ أوامره. وتأتي التحقيقات البريطانية عقب الكشف عن أن عبداللطيف جميل محمد (36 عاماً)، قائد الجماعة المتطرفة التي نفذت الهجوم الدامي في سريلانكا أخيراً، عمل بناء على أوامر تلقاها من إرهابيين بريطانيين في سوريا.
ويعتقد مسؤولو الاستخبارات بأن الانتحاري محمد تدرب في سوريا على أيدي إرهابيين بريطانيين، وأرسل إلى سريلانكا لتنفيذ مهمته، التي كانت واحدة من هجمات طالت كنائس وفنادق، وأسفرت عن سقوط 360 قتيلاً، بينهم 8 بريطانيين. ووفق تقرير لصحيفة صنداي تايمز، فإن مسؤولي الشرطة دعوا العاملين في المساجد والكنائس في بريطانيا إلى الحصول على تدريبات تتعلّق بمكافحة الأعمال الإرهابية، تحسّباً لأي هجمات قد تقع. ويخشى خبراء أمنيون من وقوع حوادث كالتي هزت سريلانكا، بعد أن غيّر «داعش» من استراتيجيته الإرهابية، إثر هزيمته في سوريا والعراق، وتحول إلى الاعتماد على المنتسبين الموجودين في خلايا منتشرة حول العالم.
من الهندسة إلى الإرهاب محمد الذي فجّر نفسه في دار للضيافة في ضواحي العاصمة السريلانكية كولومبو، درس الهندسة في جامعة كينغستون جنوبي لندن، بعد أن أنهى الشاب - الذي ينتمي إلى عائلة سريلانكية غنية جمعت ثروتها من التجارة بالشاي - عامين في دارسة هندسة الطيران والفضاء في مركز الطيران الآسيوي في كولومبو. ولأكثر من 10 سنوات، سعت الأجهزة الأمنية في سريلانكا لمعرفة توجهات محمد ونشاطاته خلال فترة وجوده في بريطانيا، بينما تعكف الاستخبارات البريطانية على دراسة أي «بذور للتطرف» عند محمد خلال دارسته في «كينغستون» بين عامي 2006 و2007، حيث كان يقطن بتوتينغ جنوب غربي لندن، مع ثلاثة شبان آسيويين.
ووفق «صنداي تايمز»، شهدت الجامعة التي درست فيها محمد بعض الخطابات التي ألقاها الداعية المتطرف شكيل بيغ عام 2006، وحضّ خلالها الطلاب على الانضمام إلى «داعش» والقتال في صفوفه بالخارج. وحرص ضباط مكافحة الإرهاب في سكوتلاند يارد على مراقبة محمد أثناء وجوده في بريطانيا، بما في ذلك رحلة قام بها إلى البلاد عقب تخرجه عام 2008. وتعتقد أخت محمد، سامسول هداية، أنه أصبح متشددا خلال دراسته العليا في أستراليا، وقالت في تصريحات للصحيفة البريطانية: «كان شخصا عاديا عندما ذهب للدراسة في بريطانيا، وكذلك الأمر عندما رجع، إلا أنه بات مختلفا عندما عاد من أستراليا، بعد إتمام دراسته العليا». وتابع محمد دارسته العليا في جامعة سوينبرن للتكنولوجيا في ملبورن، بين عامي 2009 و2013، وانتقل للعيش هناك برفقة زوجته. ومثّلت ملبورن موقعاً مهماً للإرهابيين، بمن فيهم نيل براكاش، الذي سافر إلى سوريا عام 2013، وأصبح من المسؤولين عن تجنيد أفراد لمصلحة «داعش».
بداية لحوادث أخطر وبعد إنهاء دراسته ورجوعه إلى كولومبو، اتصل محمد ببراكاش في سوريا، للتنسيق للعمل الإرهابي الذي وقع في سريلانكا، حيث كان محمد على تواصل مع إرهابيين آخرين أثناء وجوده في الرقة السورية، لتنظيم عمليات التجنيد والتخطيط، بمن فيهم جنيد حسين. ورغم مقتل أفراد ما يعرف باسم «الفيلق»، وهو وحدة النخبة من المجندين الغربيين الذين يسعون لجذب الناطقين بالإنكليزية للانضمام إلى «داعش»، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات المشفَّرة في أعمال تخريبية، وتحريض المؤيدين للفكر المتطرف في الغرب على شن هجمات، فإن تأثيرهم لم يمت.
فقد أظهر فيديو كُشف عنه بعد الهجمات الدامية في سريلانكا منفّذي الاعتداءات وهم يبدون ولاءهم لقائد التنظيم الإرهابي أبو بكر البغدادي، كما تضمنت البيانات المخزَّنة على قرص صلب وجد في إحدى مناطق القتال في سوريا خطط تشكيل «خلايا التماسيح» التي ستعمل خارج المناطق التي كانت تحت هيمنة «داعش». وتعليقاً على تقرير الصحيفة، قال تشارلي وينتر من المركز الدولي لدراسة التطرف في جامعة كينغز كوليدج في لندن: « هجمات سريلانكا ليست الأخيرة، وهي مجرد اختبار وبداية لحوادث أخطر».