اذا ما طرأ جديد على ملف الموازنة، من المتوقع أن تكون الجلسة التي سيعقدها مجلس الوزراء اليوم في السراي الحكومي الجلسة الأخيرة قبيل انتقال الملف الى قصر بعبدا ومنه الى مجلس النواب.
واكد الوزراء ان الموازنة باتت في خواتيمها، وان جلسة اليوم قد تكون الاخيرة، قبل جلسة الاقرار الختامية في قصر بعبدا، والتي يرتقب ان تكون الخميس لاحالة المشروع الى المجلس النيابي.
خفض العجز 7,5 في المئة
وتمكن مجلس الوزراء، بحسب المعلومات، من الوصول الى هدفه في موضوع نسبة العجز التي وصلت الى حدود 7،6 في المائة، في حين بلغت الايرادات الى 20 الف مليار ليرة واكثر من 23 الف مليار ليرة لحجم النفقات.
لكن مصادر وزارية ردت على ما اعلنه وزير الاعلام جمال الجراح عن الوصول الى نسبة عجز 7،6 في المائة، وقالت لـ"اللواء" انها تدقق بالارقام للتأكد من النسبة لكنها ليست 7،5 في المائة، وقد تكون اعلى بقليل، ولن تتم معرفة ذلك الا عند قراءة الارقام، اضافة الى ان الموضوع يتوقف على ما هو الناتج المحلي المتوقع وماذا اذا كان التوقع اكبر من الواقع.
واشارت المصادر الوزارية الى ان عجز الموازنة الذي كان وزير المال علي حسن خليل قدره بـ8،3 في المائة، كان ملحوظا منذ بداية نقاش الحكومة في الموازنة ووفق ما قدم من قبل وزارة المال في مشروع الموازنة بـ8,8 . ولفتت الى انه بعد 15 جلسة لم يتم تخفيض سوى 400 مليون دولار كي يتم الوصول الى عجز 8,3.
وقالت ان اعضاء الحكومة كانوا يتوسمون الوصول الى نسبة عجز 7,5 وهو الرقم المطلوب من قبل إصلاحات "سيدر".
وعزت المصادر الفشل في الوصول الى هذا الرقم الى عدم القدرة على التخفيض من الرواتب وفهم ان ما من قرار متخذ لتخفيض الرواتب بفعل تحرك الشارع.
وفهم كذلك من المصادر ان وزراء "التيار الوطني الحر" والقوات اللبنانية اعلنوا انه ما لم يتم الوصول الى نسبة الـ7.5 في العجز فإنهم سيؤكدون رفضهم الموازنة .
واشارت الى ان هذه المسأله خلقت ارباكا في مجلس الوزراء مؤكدة ان نسية الـ8,3 هي الحد الأقصى التي يمكن الوصول اليها من دون المس بالرواتب.
واعتبرت ان هذا الرقم ليس سيئا حتى وان تعهدت الحكومة بالتخفيض للوصول الى 7,5 خلال العام مشيرة الى ان منذ قيام مؤتمر سيدر وحتى بداية هذه السنة ارتفع العجز 11 بالمئة.
الموازنة لم تطرق الى الرواتب
وبحسب صحيفة "النهار" لن يتجرأ المجلس على الاقتراب من رواتب موظفي والمتقاعدين القطاع العام على وقع أصوات المعتصمين في ساحة رياض الصلح، وناقش أمس رواتب الرؤساء والنواب والوزراء وتبين ان مخصصات رئيس الجمهورية لا يمكن المس بها طوال ولايته عملاً بمادة دستورية، انما يمكن تعديلها مع رئيس مقبل.
وينتظر ان يتخذ مجلس الوزراء اليوم قراراً بالنسبة الى تعويض النواب السابقين فلا تبقى بصفة دائمة.
واشارت مصادر وزارية الى اقرار الرسم المقطوع ٢ في المئة على المستوردات حماية للانتاج الوطني، وهي الضريبة التي اقترحها فريق "لبنان القوي"، وقام حولها اعتراض من الفريق الآخر، فخفضت النسبة المقترحة من ٣ الى ٢ في المئة، واستثني منها الدواء وكل ما يعتبر حاجة للصناعة اللبنانية وللإنتاج المحلي،كالآلات والماكينات والأسمدة والسيارات الصديقة للبيئة. كما نوقش وضع رسم على رخص السلاح والزجاج الداكن وعلى النارجيلة.
كذلك تم الاتفاق على زيادة على رسم الطابع في وزارة الخارجية، فرفع من الف إلى ٥ الاف ليرة.
وقالت مصادر وزارية إن جو النقاش في الجلسة كان بناء وإيجابياً، وأحرز تقدم واضح، كما أدخلت مواد عدة على مشروع الموازنة نتيجة النقاشات.
ماذا سيحدث في جلسة اليوم؟
الى ذلك، توقع الوزراء ان تجري في جلسة اليوم مناقشة بعض البنود التي وصفوها بالتقنية وغير الخلافية، وبعض بنود ورقة الوزير جبران باسيل، وربما تتم مقاربة موضوع خفض رواتب السلطات العامة (رؤساء ونواب ووزراء وكبار الموظفين)، لكن أحد الوزراء قال انه قد نضطر الى عقد جلسة للقراءة النهائية يوم الاربعاء، الا ان وزير المال علي حسن خليل نفى ذلك، واكد ان جلسة اليوم ستكون الاخيرة.
ويفترض بحسب المصادر الوزارية ان تخصص جلسة اليوم لقراءة اخيرة لارقام الوزارات للتأكد من نسب الخفض التي طالتها.
وذكر وزير متابع لـ"الحياة" أن الحكومة ستحسم اليوم الموقف من خفض تعويضات السابقين بحيث يجري احتساب سنة للنائب السابق عن دورة واحدة، وسنتين عن دورتين، وثلاث سنوات عن 3 دورات بحيث لا تبقى هذه التعويضات مدى الحياة. كما سيحسم الموقف من خفض رواتب الوزراء والرؤساء.
ماذا أضيف الى الموازنة؟
وقالت مصار وزارية لـ"اللواء" انه تمت خلال مناقشات الجلسات الخمس عشرة اضافة نحو 25 مادة على مشروع الموازنة بحيث ارتفع عدد بنود المشروع من 61 الى 86 مادة، وكلها تتعلق بكيفية تحسين الواردات وخفض النفقات في وزارات وقطاعات وابواب معينة، وبالحد من العمالة الاجنبية التي تشكل مضاربة على اليد العاملة اللبنانية، وضبط التهرب الجمركي والضريبي، وذلك عبر قرارات او مراسيم ستتخذ. وتم تعديل ١٨ مادة.
ومن القرارات التي اتخذت فرض رسم 500 الف ليرة على الزجاج الداكن للسيارات، ومائتي الف على رخص السلاح، وهو ما اعترض عليه وزراء "القوات اللبنانية" والحزب التقدمي الاشتراكي معتبرين ان ذلك من شأنه ان يُشرّع حمل السلاح وتركيب الزجاج الداكن. كما تم فرض رسم مقطوع الف ليرة "على كل نفس ارجيلة في المطاعم والفنادق". وفرض رسم اثنين في المائة على البضائع المستوردة.
مصير الناجحين في الخدمة المدنية
ودخل مجلس الوزراء مجدداً في جدل حول توظيف نحو 500 فائز في امتحانات مجلس الخدمة المدنية وكالعادة حصل الجدل حول كون الدستور لا ينص سوى على المناصفة في الفئة الأولى، من وجهة نظر "حزب الله" و"أمل " والاشتراكي، فيما اعترض باسيل مدعوماً باجتهاد دستوري من الوزير سليم جريصاتي، وأدى التباين الى طي الملف مجدداً.
ولفتت مصادر "اللواء" الى انه بعد نهاية النقاش اتخذ القرار بحفظ حقوقهم في التوظيف مع العلم ان الوزراء انقسموا بين مؤيد للتوظيف كونهم نجحوا في الامتحانات وبين معارض بإعتبار انه يجب التقيد بوقف التوظيف.
وقال الوزير يوسف فنيانوس ان في الطيران المدني ١١ موظفاً متقاعداً ينتهي عقدهم الآن وهو مضطر الى تجديد العقود معهم بسبب الشغور في الملاك وعدم ملء هذا الشغور جراء الخلاف على الخلل الطائفي في الفائزين.
وعلمت "الحياة" أن نقاشا حصل بين باسيل وبين الوزير محمد فنيش حين اقترح الأول أن يشمل مبدأ عدم التوظيف في الدولة، الناجحين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية، إلا أن فنيش أكد أن الناجحين في امتحانات هذا المجلس من الشباب، ما ذنبهم كي يهمل حقهم، بعد أن أخضعتهم الدولة لمجلس الخدمة الذي أكد بدوره حقهم في ذلك. إلا أن باسيل رأى أن عدم تعيين هؤلاء في الإدارة يعود إلى فقدان التوازن الطائفي بينهم وبالتالي فقدان مقتضيات الوفاق الوطني كما ينص اتفاق الطائف، لكن فنيش ذكره بأن اتفاق الطائف ينص على المناصفة في مناصب الأولى في الإدارة وليس على مناصب الفئة الثانية والثالثة. واعتبر وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمورية جريصاتي أن "حقهم بالتعيين يسقط بعد أن مرت أكثر من سنة على نجاحهم، لكن وزير "حزب الله" عاكس وجهة نظره، معتبرا أن حقهم القانوني يبقى قائما.
خلاف بين خليل وباسيل
وفي سياق متصل، أشارت معلومات "الأخبار" الى ان جلسة مجلس الوزراء انتهت بخلاف علني بين وزير المال علي حسن خليل ووزير الخارجية جبران باسيل. الأخير قالَ بعدَ انتهاء الجلسة التي أرادتها غالبية المكونات أن تكون ما قبلَ الأخيرة إن "النقاش لا يزال يحتاج إلى عدّة جلسات"، بعد أيام على تكراره القول إنه يسعى إلى وضع رؤية اقتصادية للموازنة. أداء باسيل لم يستفزّ وزير المالية فحسب، بل عدداً آخر من الوزراء الذين اعتبروا أن "أفكار باسيل لا أبعاد إقتصادية لها، بل هي مجرد أفكار تهدف الى زيادة الجباية، مثلها مثل أي اقتراحات أخرى". وهو ما دفع خليل إلى التصريح بعدَ انتهاء الجلسة بأنه "كان بالإمكان أن ننجز الموازنة اليوم، والكلام عن جلسات إضافية يتجاوز المنطق الذي أدرنا به جلسات النقاش".
وقال أحد الوزراء لـ"الحياة" إن باسيل يقوم كعادته بعراضات إعلامية مثلما فعل حين جاء الأسبوع الماضي بورقة حول إجراءات للتخفيض 90 في المئة من نقاطها هي تكرار لنقاط سبق أن ناقشناها في الجلسات السابقة وحسمنا بعضها وعلقنا البحث بأخرى في انتظار الانتهاء من غيرها ومعرفة ما ستحققه من وفر في النفقات، لكنه يقوم بالتباهي بأن أفكاره هي التي تحقق الإنجاز. أضاف الوزير نفسه: "ليس صحيحا ما أشيع بعد تصريح باسيل بأننا نحتاج إلى 3 جلسات لاستكمال الموازنة. فما بقي منها هو حسم الموقف من التخفيضات على رواتب التقاعد للنواب السابقين وعائلاتهم وبعض النقاط الأخرى مثل إجازات العمل للأجانب ورفع رسومها التي سيأتي وزير العمل كميل أبو سليمان باقتراحات في شأنها وحول فرض نسبة من العمالة اللبنانية على الشركات العاملة في البلد."