بدأت المنافسة على منصب رئيس الوزراء البريطاني المقبل بتعهد مجموعة من المرشحين بنجاح لم تحققه تيريزا ماي وإخراج البلاد التي تهيمن عليها الانقسامات من الاتحاد الأوروبي. لكن القادة الأوروبيين أصرّوا على أنهم قدموا آخر عرض لديهم خلال شهور من المفاوضات المضنية التي أثمرت عن تسوية لم تحظ بشعبية وكلّفت ماي منصبها.
وبدا التأثّر على رئيسة الوزراء البريطانية عندما أعلنت من أمام 10 داونينغ ستريت الجمعة أنها ستستقيل من رئاسة حزبها، وبالتالي من رئاسة الحكومة، في السابع من حزيران. وتغادر ماي منصبها على وقع انقسامات بشأن كيفية التعامل مع قرار الناخبين في 2016 الانسحاب من الاتحاد الأوروبي بعد نحو 50 عاما من العضوية فيه.
وبالنسبة للأسواق، يحمل خروج بريطانيا من التكتل عندما يأتي موعد الانسحاب الذي تأجّل مرتين في 31 تشرين الأول مخاطر عالية لدرجة لا تبعث على الارتياح. وخسر الجنيه الاسترليني قيمته بشكل متواصل منذ 6 أيار بينما تدق جماعات الضغط البريطانية التجارية ناقوس الخطر.
ويتمثّل قلقهم الرئيسي في أن المرشحين الأوفر حظا لتولي رئاسة حزب ماي المحافظ، وفي مقدمتهم وزير الخارجية السابق بوريس جونسون، يؤكدون أنهم سيمضون قدما ببريكست مهما كان الثمن.
وقال جونسون "سنغادر الاتحاد الأوروبي بتاريخ 31 تشرين الأول باتفاق أو بلا اتفاق. لإنجاز الأمور، عليك أن تكون مستعدا للانسحاب".
ويواجه جونسون المنافسة الأبرز من وزير بريكست السابق دومينيك راب، الذي يعد أكثر تشددا بتشكيكه في الاتحاد الأوروبي، ووزير الخارجية جيريمي هانت. وعارض وزير الخارجية البريطاني بريكست بشدة في 2016 لكنه تراجع مذاك حتى أنه شبّه الاتحاد الأوروبي في ايلول بالاتحاد السوفياتي.
وتجري المنافسة على وقع انتخابات البرلمان الأوروبي التي يتوقع أن يحصد فيها "حزب بريكست" الجديد بزعامة الشعبوي المناهض للاتحاد الأوروبي نايجل فاراج نحو ثلث الأصوات.
وتظهر الاستطلاعات أن المحافظين يتلقون عقابا على سجالاتهم المرتبطة ببريكست حيث من المتوقع أن يحلوا في المرتبة الخامسة، وهي أسوأ نتيجة لهم في انتخابات وطنية.
ويدرك المتنافسون كذلك ان قرار ماي التعهد بإجراء استفتاء ثان على بريكست لاسترضاء المعارضة المؤيدة للاتحاد الأوروبي تسبب بغضب في صفوف الحزب المحافظ.
واعتقدت ماي أن التنازل قد يساعدها على تمرير اتفاقها بشأن الانسحاب عبر البرلمان في محاولة رابعة.
لكن ذلك لم يكسبها أي تأييد وتسبب بمحاولة للانقلاب عليها في الحزب أجبرتها أخيرا على الاستقالة. ودفع ذلك المرشحين الأكثر تأييدا لأوروبا على غرار وزيرة العمل والمعاشات التقاعدية آمبر راد الى الإقرار السبت بأن لا فرصة لديهم بالفوز بالمنصب وبالتالي سينسحبون من المنافسة.
وقالت راد لصحيفة "ذي دايلي تلغراف" "أدرك أن أعضاء الحزب المحافظ يريدون شخصا يعتقدون بأنه متحمس بشدة لبريكست".
وجونسون شخصية تحظى بشعبية وينظر الكثير من المحافظين إليه على أنه الرد الأمثل على فاراج. لكن مسيرته السياسية الطويلة حيث كان رئيس بلدية لندن خلقت له أعداء في البرلمان قد يحاولون منع صعوده.
وسيبدأ أعضاء الحزب في البرلمان بتصفية المرشحين حتى يبقى اثنان في العاشر من حزيران. وسيتم التصويت على المرشحين النهائيين في اقتراع يشارك فيه نحو 100 ألف من أعضاء الحزب في أنحاء بريطانيا في تموز.
واتسعت ساحة المتنافسين السبت مع دخول وزير الصحة مات هانكوك السباق متعهدا اتباع نهج أكثر اعتدالا. وقال هانكوك لشبكة "سكاي نيوز" إن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق "ليس خيارا سياسيا فعالا بالنسبة لرئيس الوزراء المقبل". ويُنظر إلى هانكوك على أنه بين الشخصيات المغمورة التي قد تنجح في ساحة مكتظة يتوقع أن تضم أكثر من عشرة أسماء.
ويقدم وزير التنمية الدولية روي ستيوارت نفسه على أنه بديل من جونسون يمكن التوافق عليه بدرجة أكبر. وقال ستيوارت لإذاعة "بي بي سي" "يبدو الآن أن (جونسون) يدعم بريكست بدون اتفاق. أعتقد أن ذلك سيكون خطأ كبيرا وغير ضروري. وأعتقد أنه سيشكل خداعا".
ولكن لم يوضح هانكوك أو ستيوارت إن كانا سيحاولان تمرير الاتفاق الحالي الذي أبرمته ماي أو أنهما سيحاولان الحصول على مزيد من التنازلات من بروكسل.