مثل هذا التاريخ منذ سبعة أعوام، ترجّل "البيك" نصير الأسعد عن صهوة الأحلام بوطن العيش والحريّة بكرامة، مضرّجاً بوطنية طبعت سيرته السياسية والإعلامية، والتي ما استقال منها يوماً ولا تنكّر لها ولا حتّى انحنى لضغوطاتها الحزبيّة والتخوينية. في مثل هذا اليوم، تقاعد نصير الأسعد عن هموم حملها في قلب لم ينبض مرّة إلا حبًّا ووفاءً للناس والأصدقاء، ولحرية عشقها حتى الموت.
الأبعدون قبل الأقربين، يشهدون لرجل لم تحكمه عقدة "البكوات" ولم تتحكّم به المناصب ولا العلاقات التي جمعته بهامات من هذا الوطن، أبرزها الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ويشهدون لرجل من طينة وطن عاش مراحل الإنتصارات والإنكسارات، لكنه ظل على موقفه الرافض للخنوع والتسويات على حساب المبادئ التي عشقها حتى الرمق الأخير. رجل حمل القضية من منبر إلى آخر، فظل هاجسه الوحيد هو المستقبل، ولو أنّ الحذر من شيء ما كان يُعده النظام السوري لجزء كبير من الوطن، كان رافقه لفترة غير قصيرة وسيطر على فكره وأخذ مساحة واسعة من وجدانه.
منذ سبعة أعوام، تسّرب خبر رحيل نصير الأسعد عن هذا العالم، بعد رحلة أمضاها في العلاج. يومها اشتعلت مواقع التواصل حبًّا ووفاءً لرجل ترك بصمة حب ووطنية. وكان سبق موعد الرحيل، صلوات بالشفاء لـ"البيك"، عله يعود سريعاً إلى ساحة النضال.. "ناطرينك تحلل، تكتب، وتحكي… لا تنسى أنك أكثر من قاوم، والآن مطلوب منك أن تعود لتقاوم مجدداً… كلنا ناطرينك لكي نحمل سوية راية لبنان بالعالي". لكنها كانت المرة الوحيدة التي يخذلهم فيها نصير الأسعد بعد أن قرر الرحيل عن عمر ناهز "10452"، تاركاً وراءه حلماً لم ينقطع وقلماً لم يجف حبره.
في يوم رحيل نصير الأسعد، نعاه الرئيس سعد الحريري بوصفه "صاحب العقل الراجح والقلم الذي لا يجرح والفكر النابض بمحبة لبنان"، مشيراً إلى "أننا خسرنا أخاً عزيزاً وصديقاً وفياً ورفيق درب، وهب حياته للدفاع عن قيم العدالة والحرية والحق".