بينما يخرج قائد ميليشيا "حزب الله" من خلف الشاشات الضخمة في بيروت ليهدد الولايات المتحدة بـ"حرب إقليمية" إذا تعرضت طهران لهجوم، فإن نظام الملالي لا يعول كثيرا حاليا على خطابات الوكيل اللبناني حسن نصر الله، لأن هناك من يقوم بالوظيفة كما يجب دون متطلبات كثيرة.
وبحسب مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، فإنه رغم أن حزب الله هو أكثر الميليشيات الموالية لإيران فعالية على مدى طويل، فقد كان من المتوقع أن يشارك في جميع حروب الوكالة التي تحب إيران دائما خوضها، لكن يبدو أن طهران غيرت من سياستها في هذا الخصوص.
وتقول المجلة إن "هناك عددا متزايدا من الدلائل على أن طهران تعتقد الآن أن المتمردين الحوثيين في اليمن يجب أن يكونوا وكيلهم الإقليمي المفضل، في المواجهة المتزايدة مع الولايات المتحدة وحلفائها".
وأشارت المجلة إلى أنه في منتصف شهر مايو، وبعد 9 أيام من إرسال الولايات المتحدة قوة ضاربة تشمل حاملة طائرات وقاذفات سلاح الجو إلى الخليج العربي، لم يكن حزب الله أو الميليشيات الشيعية في العراق من أخذ زمام الرد، بل المتمردون الحوثيون في اليمن.
فقد اعترفت الميليشيا التي تمولها وتدعمها إيران داخل اليمن، بمهاجمة خط أنابيب سعودي عبر طائرات مسيرة، كما أعلنت مسؤوليتها عن مهاجمة مستودع في نجران، المدينة القريبة من الحدود مع اليمن.
وجاءت هذه الحوادث قبل انتهاء مهلة 60 يوما وضعتها طهران أمام أوروبا للتوصل إلى آلية بديلة، لضمان قدرة إيران على بيع نفطها رغم العقوبات الأميركية.
وتشير "فورين بوليسي" إلى أن الهجمات الحوثية جاءت في سياق رسالة إيرانية إلى خصومها، بأنها قادرة على تشكيل خطورة عبر الأعمال التخريبية التي يقوم بها وكلاؤها.
ضرر دون حرب
ولا يجب أن يشكل تحول طهران من حزب الله إلى الحوثيين مفاجأة كاملة، فـ"دائما ما تحاول إيران الاستفادة من ميليشياتها على حسب الظروف المحددة لكل نزاع، وفي المواجهة الحالية مع الغرب يبدو أن تركيز إيران تحول بشكل كبير إلى الحوثيين".
وتقول المجلة إن إيران تريد أن تضمن أن أي عمل عسكري تشنه عبر الميليشيات، يحدث قدرا كبيرا من الضرر لكن دون أن يجرها مباشرة إلى حرب.
ويستهدف الحوثيون المملكة العربية السعودية عبر الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة، وقد جاء توقيت الهجمات الأخيرة ليؤكد ارتهان الحوثيين لأوامر إيران.
وقال مايكل نايتس، الخبير الإستراتيجي زميل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن إيران اختارت الحوثيين تفاديا لأي رد عسكري يقع داخل أراضيها، مرجحا أن يصبح اليمن مسرح الصراع.
"والسؤال هنا، إلى متى وإلى أي مدى ستتحمل الولايات المتحدة ذلك؟"، حسب نايتس.
وتدرك إيران المخاطر التي تنطوي على استخدام حزب الله في الصراع مع الولايات المتحدة، لأن ذلك سيجر إسرائيل إلى الأزمة، وهو ما قد يتسبب في اندلاع حرب إقليمية ترغب إيران وحزب الله في تجنبها.
وأشارت المجلة إلى أن "حزب الله" ليس لديه ما يكفي من الدعم المحلي للقتال مباشرة نيابة عن إيران وتعريض السلام الهش في لبنان إلى الخطر، مع مزيد من الضغوط على أوضاعه المالية.
ويتصادف هذا مع دعوة "حزب الله" اللبناني أنصاره للتبرع لصالح الحزب، حيث دعا نصر الله في مارس الماضي إلى المساهمة فيما سماه "جهاد المال"، وبعدها انتشرت صناديق التبرعات في معاقلها.
ويعد الحوثيون خيارا أقل كلفة بالنسبة لإيران، فهي جماعة تسيطر على موارد دولة بالكامل دون أن تكون لها مسؤولية اجتماعية تجاه البيئة التي نشأت فيها، وبالتالي فإنها "لا تكلف إيران مئات الملايين من الدولارات، كما يفعل حزب الله".