كتبت صحيفة "اللواء": هل أدت زيارة الرئيس سعد الحريري أمس إلى بعبدا غداة الكلام الكبير الذي صدر عنه في المؤتمر الصحافي الذي عقده فور عودته رداً على المواقف السياسية التي أطلقها رئيس «التيار الوطني الحر» ضد السنيَّة السياسية بصرف النظر عمّا إذا كانت مقصودة أم كانت «زلة لسان» كما وصفها الوزير جبران باسيل نفسه بعد الغضب الذي اجتاح أهل الجماعة، بكل قياداتها السياسية والروحية واستدعت ردود فعل عنيفة، هل أدَّت وفق مصدر مقرّب من تيّار «المستقبل» الغرض منها، وهو تبريد الأجواء بين القصرين والتمهيد لاعادة ترميم التسوية الرئاسية التي تشظت بشكل غير مسبوق؟
المصدر نفسه يرجح ان تكون هذه الزيارة قد اعطت ثمارها الإيجابية كما يريدها ويحرص عليها رئيس تيّار «المستقبل» وشرعت كل الأبواب لطي هذه الصفحة السوداء وعودة المياه إلى مجاريها الطبيعية بين الرئاستين الأولى والثالثة، خصوصاً وانها- الزيارة- ترافقت مع سلسلة خطوات أوعز بها رئيس الجمهورية باتجاه دار الفتوى، كان الهدف منها، نقل اعتذار رئيس الجمهورية عن زلة لسان الوزير باسيل ضد الطائفة السنيَّة.
ولا يستبعد المصدر نفسه ان تشهد الأيام القليلة المقبلة مزيداً من المواقف الإيجابية تصدر عن بعبدا تؤكد على ان التسوية الرئاسية بألف خير، وان ما حصل لم يعد كونه غمامة عابرة لم تترك أي اثر سلبي على هذه التسوية.
ويؤكد المصدر ذاته ان نوايا الرئيس الحريري ليست بعيدة عن نوايا رئيس الجمهورية، وكلاهما يحرص على تجاوز هذه الأزمة، وليس أدل على ذلك سوى الزيارة السريعة لرئيس الحكومة إلى بعبدا والتي تخللتها مكاشفة ومصارحة بينه وبين رئيس الجمهورية حول كل القضايا الخلافية التي استجدت موخراً وتركت بصماتها السلبية على التسوية الرئاسية، وضرورة تجاوزها حرصاً بالدرجة الأولى على مسيرة العهد والاستقرار العام في البلاد، ولفت المصدر في هذا السياق إلى المواقف التي أطلقها وفد التيار البرتقالي بعد زيارته أمس مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان والتي تعبر بشكل واضح عن أسفها لسقطة رئيسها الوزير باسيل، وحرص التيار الوطني وقيادته على الابتعاد عن كل ما هو مهاترات وسوء نية وعدم الدخول في أي عائق يعيق الشراكة الحقيقية ويقصد بها الشراكة بين رئاستي الجمهورية والحكومة.
ولفت المصدر إلى ان وفد التيار البرتقالي تجاوز في المواقف التي أطلقها بعد اجتماعه إلى مفتي الجمهورية الكلام البروتوكولي ليعبر بطريقة لا لبس فيها عن اعتذار التيار وقيادته عمّا صدر عن رئيسه الوزير باسيل بحق الطائفة السنيَّة. وسمع الوفد رداً من مفتي الجمهورية يعبّر عن الحرص على التزام الجميع باتفاق الطائف، واحترام نصوصه بالنسبة إلى توزيع الصلاحيات بين الرئاسات الثلاث والتحذير في الوقت نفسه من التلاعب بهذه الصلاحيات واستغلال الظروف للإنقلاب على الطائف، ووضع البلاد في المجهول.
وأشار ا لمصدر المقرب من تيّار «المستقبل» في معرض شرحه للمواقف الإيجابية التي صدرت عن مقربين من رئيس الجمهورية وعن قيادة «التيار الوطني الحر»، بأنها تندرج في إطار الجهود المشتركة التي تبذل من الفريقين لإعادة ترميم التسوية الرئاسية على أسس صحيحة والالتزام التام باتفاق الطائف وبما نص عليه من توزيع للصلاحيات بين الرئاستين الأولى والثالثة والابتعاد بشكل نهائي عن إطلاق المواقف التي تخفي نيات مبيتة كما حصل في الأيام القليلة الماضية ولا سيما الموقف الذي اطلقه الوزير باسيل من البقاع ضد الطائفة السنيَّة مع علمه الأكيد بمدى حرص قياداتها على اتفاق الطائف بكل نصوصه كونه يُشكّل الحل لكل المشاكل التي أدّت في السابق إلى ما أدَّت إليه.
ويشير المصدر نفسه ان ما عبَّر عنه الرئيس الحريري في المؤتمر الصحفي الذي عقده فور عودته إلى العاصمة بيروت هدف منه تلافي أي انزلاقة تطيح بكل التضحيات التي قدمها في سبيل منع انهيار البلد منذ قرّر الانخراط في التسوية الرئاسية وصولاً إلى تشكيل الحكومة، وعودة الأمور بالتالي إلى ما كانت عليه قبل زلة الوزير باسيل لأن من شأن هذه الزلة ان تدفع البلاد ثمنها من علاقاتنا واقتصادنا واستقرارنا الداخلي.
ويختم المصدر ان زيارة الحريري إلى القصر رممت التسوية الرئاسية بعدما وضعت حداً للانزلاق ورسمت خريطة طريق للتعاطي السياسي في المرحلة المقبلة وكانت محطة انطلاقها زيارة وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي إلى دار الفتوى ثم وفد لجنة العمل الوطني والمكتب السياسي في «التيار الوطني الحر» ممثلاً الوزير باسيل، وذلك بمثابة اعتذار عمّا صدر عن الوزير باسيل وتأكيد على تمسك الرئيس عون بالشراكة الوطنية وباتفاق الطائف وبخاصة التسوية الرئاسية التي أرساها الرئيس الحريري بمبادرة منه.