عرب وعالم

أوروبا تدخل على خط أزمة الاتفاق النووي.. وتحذر إيران

تم النشر في 18 حزيران 2019 | 00:00

تتسارع الأزمة النووية المشتعلة بين إيران وأمريكا بشكل لافت في الآونة الأخيرة، في ظل فشل جميع الوسطاء في التوصل لحل من شأنه نزع فتيل الأزمة، وجمع الطرفين حول مائدة الحوار.





دخلت الدول الأوروبية على خط الأزمة مؤخرًا، حيث هددت فرنسا وألمانيا وبريطانيا إيران بفرض عقوبات اقتصادية عليها، حال خرقها للاتفاق.





ويأتي التهديد الأوروبي بعد إعلان طهران أنها ستتجاوز في 27 يونيو/ حزيران حجم المخزون المسموح لها به من اليورانيوم المخصب بموجب الاتفاق النووي مع القوى الدولية الذي تم التوصل له عام 2015.





تصعيد إيراني





حذرت بريطانيا وفرنسا وألمانيا إيران من مغبة خرق الاتفاق، وقالت الدول الثلاث إنها لن تجد خيارا خلاف إعادة فرض عقوباتها على إيران، التي تم رفعها مقابل تقييد إيران برنامجها النووي، وفقًا لبي بي سي.





وقالت وكالة الطاقة النووية الإيرانية إنها ضاعفت بمقدار أربعة أمثال إنتاجها من اليورانيوم المخصب، الذي يستخدم في إعداد وقود للمفاعلات النووية وقد يستخدم في صناعة الأسلحة النووية.





ولكنها أضافت أنه "ما زال هناك وقت" أمام الدول الأوروبية لاتخاذ إجراء لحماية إيران من العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها.





وقالت إيران إن الدول الأوروبية لم تف بالتزاماتها بتخفيف آثار العقوبات الأمريكية التي تم إعادة فرضها بعد انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق العام الماضي.





 





خطوات مشروعة




محمد غروي، الإعلامي والمحلل السياسي الإيراني، قال إن "الدولة الإيرانية بعد خروج أمريكا من الاتفاق النووي صبرت لمدة عام كامل، وبعدها قامت بخطوات مشروعة وقانونية".




وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الخطوات الإيرانية تأتي ضمن الاتفاق النووي، وتحديدًا في البندين 29 و36، اللذان يضمنان للإيرانيين في حال فرض طرف من الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي أية عقوبات جديدة على الأطراف الأخرى يحق لهذا الطرف اتخاذ مثل تلك التحركات".





وتابع: "كان يمكن لطهران أن تتخذ تلك الخطوات التصعيدية في اليوم الأول الذي خرجت فيه الولايات المتحدة من الاتفاق، لكنها حافظت على ضبط النفس بسبب الضغوط الأوروبية من جهة، والروسية والصينية من جهة أخرى".





 وأكد أن "إيران حددت مهلة الـ 60 يومًا للأطراف الأوروبية والأمريكية للعودة إلى الاتفاق، وهذا عكس ما يقوله البعض بإن طهران تحاول الخروج من الاتفاق النووي"، مشيرًا إلى أن "أية إجراءات تصعيدية ستتخذها إيران بعد هذا الموعد قانونية".





هيمنة أمريكية





وبشأن تهديدات بعض الدول الأوروبية لإيران بفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية، قال إن "الطرف الأوروبي وتحديدًا الألماني والفرنسي وعد طهران بأن يكون هناك تطبيعًا اقتصاديًا فيما بعد الاتفاق النووي، ولم نر منهم شيئًا".





ومضى المحلل الإيراني قائلًا: "هم تعاونوا مع أمريكا في خروجها من الاتفاق، وسلكوا نفس مسارها في تطبيق العقوبات الاقتصادية، بشكل غير معلن، فمعظم الشركات الأوروبية خرجت من إيران، ولم تعد تتعاون معها اقتصاديًا أو ماليًا"، متهمًا تلك الدول بـ "الوقوع تحت الهيمنة الأمريكية الاقتصادية والسياسية منذ اللحظة الأولى".





واستطرد: "حتى موضوع القناة المالية التي وعد بها الجانب الأوروبي، لم تحصل عليها إيران، ولم يقم الطرفان بالعمل بها، كانت مجرد وعود كلامية، لذلك نحن نقول إن الأوروبي عندما يقول إنه ممكن أن يجري بعض العقوبات فهو يتبع أمريكا، وهذه العقوبات غير قانونية وغير واقعية".





وأنهى غروي حديثه قائلًا: "لذلك الأوروبي مهما حاول أن يضغط من خلال هذه التصريحات فلن يؤثر على إيران، في الواقع هو مشارك للأمريكي في العقوبات، ولن تكون العقوبات الجديدة أكثر صرامة من ذي قبل".





أوروبا وأمريكا





من جانبه قال محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب)، إن "الموقف الأوروبي في الباطن ينسجم انسجامًا كاملًا مع خطة ترامب، لكن في الظاهر يحاول تقديم وعود كلامية من باب حفظ ماء وجهه أمام المجتمع الداخلي، بهدف حماية إيران سياسًيا حتى لا تخرج من الاتفاق النووي".





وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "إيران كانت تعلم جيدًا أن الأوروبيين يكذبون عليها ويخدعونها، تحليل الخطاب السياسي والديني في آخر عام بطهران يدل أنهم يضعون الأوروبيين مع أمريكا في بوتقة واحدة".





وتابع: "كان من المتوقع ألا تقدم أوروبا لإيران سوى الكلام فقط، والدليل على ذلك أن أوروبا اتخذت في الأسابيع الماضية بعض العقوبات القاسية على طهران، مثل حظر ألمانيا للطيران المدني، وأغلقت فرنسا عدة جمعيات إيرانية، كما تم إغلاق عدة مقرات للاستخبارات الإيرانية في أوروبا، وتجميد أموالها، وغيرها".





ومضى قائلًا: "من الطبيعي أن تتأزم العلاقات الإيرانية الأوروبية بناءً على المواقف الحقيقية لأوروبا، والتي تأتي منسجمة مع التحركات الأمريكية".





وأشار إلى أن "أوروبا تحاول الربط ما بين الاتفاق النووي كاتفاقية أمنية لمنع الانشار النووي وقرار مجلس الأمن رقم 2231 الصادر يوم 20 يوليو 2015، والصادر بعد أيام من توقيع الاتفاق النووي، والذي يلزم طهرات بعدم القيام بتجارب صاروخية باليستية كبرنامج لزعزعة الاستقرار في الإقليم".





وأنهى حديثه قائلًا: "أوروبا لم تقدم أي قرارات حمائية لإيران من الاتفاق النووي، وشركاتها الأوروبية خرجت من هناك بعد الانسحاب الأمريكي".





 





تحذير أوروبي




وحذرت ألمانيا وبريطانيا إيران الاثنين من تجاوز حدود مخزونات اليورانيوم المنصوص عليها في الاتفاق النووي لعام 2015، في حين اعتبرت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي أن تهديدات طهران تأتي في إطار "الجدلية السياسية".




لكن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس رفض التحذير الإيراني وشدد على ضرورة أن تلتزم طهران بتعهداتها الواردة في الاتفاق.





وقال ماس بعد محادثات مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ: "لقد أعلنا في السابق أننا لن نقبل بأقل مقابل، الأمر متروك لإيران للالتزام بتعهداتها".





وأضاف "بالتأكيد لن نقبل التراجع عن الالتزامات من جانب واحد".





وردد متحدث باسم الحكومة البريطانية ذلك قائلاً إن "الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق أوضحت باستمرار أنه لا يمكن الحد من الالتزام".





وأضاف المتحدث: "في الوقت الحالي لا تزال إيران ضمن التزاماتها النووية، نحن ننسق مع الشركاء الاوروبيين في شان الخطوات التالية".





من جهتها، قالت وزيرة الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني إن "تقييمنا لن يكون قائما أبدا على تصريحات، بل على حقائق، وعلى التقييم الذي تجريه الوكالة الدولية للطاقة الذرية".





وأضافت "حتى الان وأنا أتحدث معكم ما زالت إيران تحترم التزاماتها، واذا غيرت الوكالة تقييمها فسوف نجري تقييما لموقفنا".





وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن باريس تأسف للقرار الإيراني بزيادة إنتاج اليورانيوم المخصب، ودعا إلى الحوار مع طهران من أجل تفادي مزيد من التصعيد في المنطقة.





وقال ماكرون خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في باريس: "آسف لما أعلنته إيران، ولكن كما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تحترم إيران التزاماتها ونحن نحثها بشدة على إبداء الحذر والمسؤولية".





وأشار إلى أن الوقت لا يزال متوفرا حتى الـ 8 من يوليو المقبل للحوار من أجل إنقاذ الاتفاق النووي مع إيران.





وأضاف ماكرون: "شتى أشكال التصعيد ليست الاتجاه الصحيح ولن تساعد إيران ذاتها ولا المجتمع الدولي، وبالتالي سنعمل كل ما في وسعنا مع شركائنا لإقناع إيران وإيجاد طريق محتمل للحوار".





توتر قائم





جدير بالذكر أن طهران أعلنت يوم 8 مايو الماضي، (بعد عام من انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة النووية)، عن تخليها عن التزاماتها بموجب الاتفاق اعتبارا من 8 يوليو المقبل في حال "عدم وفاء الدول الأوروبية بتعهداتها" تجاه إيران بموجب الاتفاق النووي.





ويحاول الاتحاد الأوروبي إنقاذ الاتفاق حول النووي الإيراني، المهدد بفعل انسحاب الولايات المتحدة منه وقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض عقوبات اقتصادية على طهران.





وأصدر المجلس الأعلى للأمن القومي قراراً الشهر الماضي بوقف الالتزام بسقف مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 3.67 في المائة وكذلك مخزون المياه الثقيلة. وقالت الحكومة إنها مرحلة أولى من خفض التعهدات، وأمهلت الأوروبيين 60 يوماً لتلبية مطالبها في العقوبات النفطية والبنكية. وفي المرحلة التالية تنوي إيران إعادة النظر في تصميم مفاعل «أراك» للمياه الثقيلة إضافة إلى رفع مستوى التخصيب.





ويلزم الاتفاق إيران بالحد من قدرتها على تخصيب اليورانيوم ويضع حداً لمخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب عند 300 كيلوغرام من سادس فلوريد اليورانيوم المخصب حتى نسبة 3.67 في المائة أو ما يعادلها لمدة 15 عاما.