بعد أشهر قليلة، تدخل زوجة ضابط في الجيش عامها الخامس، وهي على سرير احد مستشفيات بيروت، ترقد هناك في "نوم عميق"، تعيش على التنفس الاصطناعي منذ ذلك اليوم المشؤوم في الثامن من شهر ايلول من العام 2015 ، حيث دخلت في غيبوبة ولا تزال نتيجة تلف في الدماغ بفعل نقص في الاوكسيجين بسبب تعطّل الآلة اثناء خضوعها لعملية "ربط معدة" في المستشفى العسكري.
هي اليوم في الثلاثينيات من عمرها، أم لثلاثة اطفال يترعرعون ويكبرون في كنف والدهم الضابط الذي يواظب على حضور جلسات محاكمة مَن تسبّب بوصول زوجته الى تلك الحالة، حالةٌ قلبت حياة تلك العائلة رأساً على عقب، منذ خمسة أعوام، ومنذ ذلك الوقت لم تتمكن المحكمة العسكرية من الوصول الى قناعة تفضي الى الحكم على المدعى عليهم في القضية وهم ضابط جراح برتبة عقيد وجراح مدني متعاقد مع المستشفى العسكري وعسكريان احدهما احيل على التقاعد، ولا تزال هذه القضية عالقة.
ففي الجلسة الاخيرة التي عقدتها المحكمة والتي رفعتها الى الحكم، جاء القرار بفتح المحاكمة وارجاء النظر فيها الى ايلول المقبل، تكون فيها زوجة الضابط قد أتمّت ب"التمام والكمال" السنوات الخمس، راقدة على سرير المستشفى دون حراك تنتظر عائلتها اعجوبة لتستفيق من سباتها ولتعود لتحضن اطفالها الثلاثة.
ما لم يستطع ان يقوله الزوج، قاله ممثل النيابة العامة القاضي فادي عقيقي في مرافعته، فهي"لم تفقد وعيها بإرادة إلهية انما ثمة إهمال أفضى الى هذه النتيجة"، في وقت رمى كل من المدعى عليهم التهمة على الآخر، خلال مرحلة الاستجوابات في جلسات سابقة.
واعتبر عقيقي في مرافعته انه كان يفترض على الطبيب الجراح(العقيد) الذي اجرى العملية، التثبّت مع فريقه الطبي من الآلات قبل اي عمل جراحي والبقاء الى جانب المريضة. ورأى ان على طبيب البنج والنعاش(الطبيب المتعاقد) مسؤولية كبيرة بمغادرته قبل انتهاء العملية فضلا عن مسؤولية المساعدين العسكريين، منتهيا الى ادانة المدعى عليهم وفقا لمواد الادعاء.
وكانت المحكمة قد استمعت الى مرافعات الدفاع الذين اجمعوا على طلب كف التعقبات بحق موكليهم واستطرادا اعلان براءتهم لعدم ارتكابهم اي خطأ او مخالفتهم التعليمات العسكرية بالنسبة الى الضابط والعسكرييَن، وذلك قبل ان تققر المحكمة إعادة فتح المحاكمة من جديد.