في الذكرى الـ 14 لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، كتب سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري في صحيفة "اللواء":
....أيها الأحبة،
الشهادة هي اتفاق الطائف والشاهد الشهيد هو رفيق الحريري.
أخذت الجريمة النكراء والغادرة ذلك الرجل الكبير لكن الجريمة لا تكتمل الا اذا تمكن المتربصون شراً بلبنان وأهله من النيل من الطائف بمعناه الأول والأساس .. أي باعتباره في نصه وروحه مساراً للحياة والسلام والمستقبل والإستقرار بدلاً من البقاء في الماضي المولِّد للتقاتل والباعث على العدم والموت والخراب .
وليس الربط تعسفياً أو افتعالياً بين الشهادة والشهيد .. بين اتفاق الطائف الذي صار بإرادة اللبنانيين دستوراً للجمهورية الناهضة من الرماد وحقول الموت والأسى وبين رفيق الحريري الذي دفع حياً وميتاً ثمن ترجمة تلك الإرادة وتحويل الرماد الى مادة من مواد البناء والإنشاء والعمران المادي والبشري على طريق إعادة لبنان الى سويّة الإنتظام المؤسساتي والدولتي والاجتماعي والاقتصادي بما يليق به وبأهله الكرام وبما يجعله مجدداً منارة للشرق ومقصداً للغرب وأيقونة للعرب ومثالاً عزّ نظيره للتعايش السلمي وثقافة العيش والتواصل والتراحم والإعتدال وبما يثبت ما قاله عنه بابا الفاتيكان الراحل يوحنا بولس الثاني في العام ١٩٩٧ من انه رسالة للإنسانية جمعاء بقدر ما هو وطن سيد حر مستقل .
أيها الأحبة، لعبت بلادي المملكة العربية السعودية، مهبط الوحي الإلهي وموئل البيت العتيق ودار الإسلام والسلام وبقيادة الملك الراحل فهد بن عبد العزيز رحمه الله دوراً كبيراً ومؤثراً في مسار اتفاق الطائف وانضاجه لكن اللبنانيين هم من ارتضوه واختاروه وجعلوا منه عنوان سلمهم الأهلي ونقطة فصل بين الانقسام والتقاتل من جهة أولى والوحدة والتعايش من جهة ثانية ... وهم المؤتمنون على دوام حفظه ورعايته والعمل بموجبه والدأب في السعي إلى إحياء دولته المركزية وأدوارها وقواها ومؤسساتها الشرعية وتثبيت ثقافة العيش والسلام والتنمية والعمران .. ومن نافل القول أن المملكة بقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله ورعاه وسمو ولي عهده الأمين الامير محمد بن سلمان لن تترك اللبنانيين وحدهم في هذه المهمة ولن تتراجع عن سياستها الثابتة بدعم وطن الأرز في كل مجال ومقام وفي كل ما من شأنه اعادة الألق الى دوره وزيادته .
أيها الأحبة والأهل، يُذكر اتفاق الطائف فيُذكر السلام ويُذكر اسم رفيق الحريري فيُذكر البناء والعمران وارادة تحريك الجبال ..ويُذكر الاثنان فيُذكر لبنان الدائم والباقي والمستمر وطناً لأهله وسيداً في قراره وعزيزاً في اقتداره ومنارة في إبداعه ورائداً في عروبته ومبدعاً في تطوره ورفعته ومنعته.
لا تبحث المملكة العربية السعودية في لبنان عن أمجاد وبطولات وأدوار كبرى بل تطلب للبنان تلك البطولات والأمجاد والأدوار. ولا تسعى بين اللبنانيين بحثاً عن نفوذ وغايات لها وخاصة بها بل تسعى بينهم لتعزيز وحدتهم وتعميق تعايشهم وترسيخ نفوذهم في بلادهم وتحقيق غاياتهم السامية في الأمن والأمان والسلم والإستقرار والبناء والعمران والسيادة والرخاء .
أيها الأعزاء والأفاضل، قبل أربعة عشر عاماً اغتيل الرئيس الشهيد رفيق الحريري بالجسد لكن إرثه باقٍ وإرادته حيّة مشعة وسيرته النقية تبقى المثال الذي يُحتذى ... ولبنان الجميل والغالي يتابع مسيرة النهوض مجدداً بهمة أهله ومساعدة أشقائه وأصدقائه ومحبيه ليعود مجدداً منارة ورسالة وعنواناً للسلام والإبداع والعيش المشترك .... دمتم بعون الله وحفظه ورحم الله الشهيد الغالي والحبيب رفيق الحريري وحمى لبنان من الشر والضيم وأعز أهله بالأمن والإستقرار والرخاء ."