أخبار لبنان

الراعي دشن كنيسة في غرفين: لتوحيد الرؤية والكلمة ‏

تم النشر في 30 حزيران 2019 | 00:00

دشن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، كنيسة مار اسطفان في بلدة ‏غرفين قضاء جبيل، التي بنتها رئيسة ومؤسسة جمعية القربان المقدس منى نعمة على نفقتها ‏الخاصة، وذلك في قداس احتفالي تم خلاله تكريس مذبح الكنيسة، وعاونه فيه راعي الابرشية ‏المطران ميشال عون، المطران بولس مطر، رئيس دير مار مارون عنايا الاباتي طنوس نعمة ‏وكاهن الرعية الخوري رينيه جعارة، وخدمته جوقة الصوت العتيق بقيادة ايلي حردان.‏


العظة ‏


وبعد الانجيل المقدس ألقى الراعي عظة بعنوان "أنت الصخرة، وعلى هذه الصخرة أبني ‏كنيستي" (متى 18:16) قال فيها :"على صخرة إيمان بطرس بنى الرب يسوع كنيسته، ويواصل ‏بناءها جيلا بعد جيل على صخرة إيمان المؤمنين به على أن يكون إيمانهم سليما، كهبة من الله، ‏يغذيها كلامه في الكتب المقدسة كما تعلمه الكنيسة بسلطتها الرسمية.‏


إستحق بطرس أن يكون "صخرة الإيمان" بفضل الجواب السليم، الصحيح، الذي أعطاه على ‏سؤال يسوع: "وأنتم من تقولون إني هو؟"، إذ أجاب: "أنت هو المسيح إبن الله الحي". وهو ‏جواب يختلف عما يملي العقل البشري على الناس. ولذا قال له يسوع: "طوبى لك يا سمعان بن ‏يونا، لأن لا لحم ولا دم أظهر لك ذلك بل أبي الذي في السماوات" (راجع متى16: 16-18)".‏


وتوجه الى ممثل رئيس الجمهورية بالقول: "نود مع سيادة راعي الابرشية ان نضيف شكرنا ‏وشكر هذه الرعية والابرشية على حضوره معنا من خلالكم ونطلب ان تنقل اليه محبتنا وصلاتنا ‏بشفاعة الطوباوي الاخ اسطفان الذي يكرم في هذه الكنيسة الجديدة لكي يعضضه الله في قيادة ‏سفينة وطننا العزيز وسط الصعوبات المعروفة، وان يشدد ايمانه لكي يثبت شعبنا اللبناني في ‏الايمان بالوطن والذات".‏


وتابع: "يسعدنا أن نحتفل مع سيادة راعي الأبرشية ومعكم بهذه الليتورجيا الإلهية ونحن ندشن ‏كنيسة الطوباوي الأخ اسطفان نعمه، ونكرس مذبحها، ونبارك مجمعها الراعوي. وقد أنجزتم ‏الأعمال بفضل المحسنين والمحسنات، وكنا احتفلنا معا بوضع حجر الأساس للمشروع في 29 ‏آب 2011، بعد أن قدم لنا خرائطه كاهن الرعية عزيزنا الخوري رنيه جعاره ووافقنا عليها، ‏عندما كنت راعيا للأبرشية. ثم بتوجيه من سيادة أخينا المطران ميشال عون، راعي الأبرشية ‏الغيور، إنطلقتم في العمل منذ سنة 2012 متكلين على العناية الإلهية وعناية الطوباوي الأخ ‏أسطفان، مدركين كلمة المزمور: "إن لم يبن الرب البيت باطلا يتعب البناؤون" (مز1:127)، ‏فأنهيتم كل شيء سنة 2018، مع الكنيسة التي بدأتم العمل بها منذ سنة 2014. فنهنئكم على هذا ‏الإنجاز الكبير، وليكافئكم الله، بشفاعة الطوباوي الأخ أسطفان، بفيض من نعمه وخيراته ‏وبركاته".‏


واردف الراعي: "يطيب لي أن أشكر معكم، ونذكر في هذه الذبيحة الإلهية، كل الذين ساهموا ‏بمالهم وذات يدهم ووقتهم وجهودهم وصلاتهم، وكل المحسنين من قريب أو بعيد، لإنجاز المجمع ‏السفلي الذي يضم ثلاث قاعات، وغرف اجتماعات، وقاعة "بيت مريم" المخصص للنشاطات ‏الروحية والكشفية، وكابيلا القديس شربل وبيت القديس وهي كنيسة مفتوحة دائما للصلاة، وقاعة ‏محاضرات قرب ضريح والد القديس، كما أوجه كلمة شكر خاصة للسيدة منى عارف نعمه التي ‏تبرعت ببناء هذه الكنيسة الجديدة على اسم الطوباوي الأخ أسطفان نعمه، وهي تحيي اليوم ذكرى ‏وفاة ابنها الشاب شهيد، واليوبيل الذهبي الخمسيني لمسيرة "أصدقاء القربان". تتضمن الكنيسة ‏رسم الأخت الطوباوية ماريا تيريزا ‏Casini‏ من راهبات عبادة قلب يسوع، وقد تم الاحتفال ‏بتطويبها في 31 تشربن الأول 2015، وهي نسيبة الشيخ ميشال الضاهر، والد السيدة منى".‏


وأضاف: "وإذ نحيي جميع الحاضرين، أود توجيه تحية إلى الأجانب الذين جاؤوا خصيصا إلى ‏هذا الاحتفال وهم:أمين سر السفارة البابوية في لبنان ‏Mgr Ivan Santus، مستشار السفارة ‏البابوية في هولنداMgr Jain Mendez، المسؤول عن كنيسة ‏Sacré Coeur de ‎Monmartre‏ في باريس،Mgr Jean Laverto، مرشد ومؤسس أصدقاء القربان في ‏العراق المونسنيور بيوس كاش، والمهندس ‏Eric‏ ممثل المطران ‏Rey‏ أسقف تولون.‏


وقال: "الكنيسة هي جماعة المؤمنين، ومشبهة بمبنى حجري. فهي بالحقيقة بناء حجري يحتضن ‏الجماعة المسيحية المصلية والمحتفلة بالأسرار، وتسمى "بيت الله" حيث نلتقيه أفرادا وجماعة، ‏ويقدم لنا الطعام الروحي، أي كلام الحياة، وجسد الرب ودمه، وعطية الروح القدس، لتقديسنا. ‏ولذا، المكان مقدس لأن الله حاضر فيه. ويقتضي منا الخشوع والحشمة في اللباس والاحترام ‏للحضور الإلهي والصمت والاصغاء.‏


هذه الكنيسة الحجرية هي أيضا وبخاصة جماعة المؤمنين وهم حجارة روحية لهيكل الله الذي هو ‏الانسان المؤمن والجماعة. لهذه الجماعة رأس هو المسيح، وروح واحد يحييها ويشد رباط ‏وحدتها وهو الروح القدس، وشريعة واحدة هي المحبة، وغاية واحدة هي نشر ملكوت الله وبناؤه ‏في المجتمع البشري".‏


وتابع: "هذه الكنيسة تسمى "المسيح الكلي" بالنسبة إلى "المسيح التاريخي"، وقد أصبح متحدا ‏بالجنس البشري كله، بحكم التجسد والفداء. ما يعني أن الكنيسة، وهي بداية ملكوت الله على ‏الأرض، ملكوت القداسة والحقيقة والمحبة، ملكوت العدالة والأخوة والسلام، ملكوت الحرية ‏وقدسية الحياة البشرية وكرامة الإنسان، الذي أعلنه ودشنه الرب يسوع، مدعوة لتبني هذا ‏الملكوت في المجتمع البشري. وعندما نقول كنيسة لا نعني فقط الأساقفة والكهنة والرهبان ‏والراهبات بل كل مؤمن ومؤمنة. ذلك أننا جميعا أصبحنا أعضاء في الكنيسة، جسد المسيح ‏السري، بحكم المعمودية والميرون، وصرنا شركاء في رسالة المسيح الخلاصية".‏


واردف: "كم نود أن يدرك أبناء الكنيسة وبناتها المسيحيون هذه المسؤولية، فيبنوا ملكوت الله هذا ‏في عائلاتهم ومجتمعهم ووطنهم. وكم نود أن ينشر السياسيون قيم الملكوت في قضايا الشأن العام ‏الذي يتحملون خدمته. إن أولى هذه القيم العدالة الاجتماعية، والنمو الاقتصادي والانمائي، وتأمين ‏عيش كريم للمواطنين من خلال تأمين حقوقهم الأساسية، والاستقرار السياسي والأمني، واحترام ‏القانون وتطبيقه على الجميع، وفتح المجال لمشاركة القادرين والكفوئين في إدارة شؤون البلاد، ‏وتعزيز العيش معا على قاعدة التنوع والمساواة".‏


وقال: "ومن أهم الواجبات المحافظة على الثقافة الوطنية التي تميز لبنان، وهي ثقافة التنوع في ‏الوحدة. ما يقتضي توحيد الرؤية والكلمة في القضايا المصيرية الداخلية والاقليمية. فلا يمكن ‏القبول بالتوطين والتجنيس المقنعين بالمساعدات المالية، وقد سميا "صفقة القرن" التي هي في ‏الحقيقة أيضا وخاصة "صفعة القرن" للقضية الفلسطينية ولرجوع النازحين السوريين إلى وطنهم ‏من أجل إكمال كتابة تاريخهم على أرضهم والمحافظة على ثقافتهم، وتعزيز حضارتهم. كل هذه ‏الأمور المصيرية لا تباع وتشترى بالبخيس من المال. فإذا كانت نية المساعدة المالية سليمة، ‏فلتكن بالنسبة إلى الفلسطينيين مساعدة لإنشاء دولتهم وعودة اللاجئين، وبالنسبة إلى السوريين ‏مساعدة لعودتهم إلى أرضهم ولإعادة بناء بيوتهم وكيانهم ومؤسساتهم. ومعلوم أن ما يؤخذ قسرا ‏يمكن استرجاعه يوما، أما ما يعطى طوعا فنخسره إلى الأبد".‏


وختم الراعي: "مع الكنيسة التي هي عامود الحق وقاعدته (1طيم15:3)، نرفع نشيد المجد ‏والتسبيح للثالوث القدوس، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".‏