صحافة بيروت

هذا جديد حادثة قبرشمون.. هل تحال على المحكمة العسكرية؟

تم النشر في 18 تموز 2019 | 00:00

قالت مصادر إن وزارية ل"الحياة" إن عقد جلسة لمجلس الوزراء بات متوقفا على المنحى الذي ستسلكه معالجات كبار المسؤولين لذيول حادثة قبرشمون - البستين في الجبل، في ظل استمرار الخلاف على مطلب اجتماع مجلس الوزراء من أجل اتخاذ قرار بإحالة الحادثة التي أودت بحياة اثنين من محازبي النائب طلال أرسلان وجرح ثلاثة من مناصري رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط في 30 حزيران (يونيو) الماضي، على المجلس العدلي.


وكان اشتباك بالأسلحة حصل أثناء اعتراضات أنصار جنبلاط على زيارة رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل إلى منطقة الشحار الغربي في قضاء عاليه، والتي أيدها ورحب بها مناصرو أرسلان ومعه وزير شؤون النازحين صالح الغريب.


وكررت المصادر التأكيد أن رئيس الحكومة سعد الحريري الذي ينيط الدستور به دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد، على موقفه الامتناع عن هذه الدعوة إذا لم يحصل توافق مسبق على المعالجات، في ظل الانقسام الواضح حول اقتراح إحالة الحادثة على المجلس العدلي، الذي أيده الفريق الوزاري لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون و"التيار الحر" و"حزب الله" وحلفاءه بحجة أن كمينا أقيم لاستهداف الوزير الغريب، مقابل نفي "الاشتركي" ذلك، وتأييد الحريري وحزب "القوات اللبنانية" موقف جنبلاط ضرورة استكمال التحقيقات في الحادثة عبر تسليم أرسلان المطلوبين من حزبه ليتقرر على ضوء نتائجها إذا كانت توجب إحالة القضية على المجلس العدلي أم لا. فالإحالة إلى المجلس العدلي تعني أن حكمه مبرم لا يقبل المراجعة والاستئناف أو التمييز، ويمكن أن يخضع لاعتبارات معينة.


وفيما سلم "الاشتراكي" المطلوبين لديه منذ مطلع الشهر الجاري، وأبدى جنبلاط الاستعداد لتسليم من تطلبه شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، امتنع أرسلان عن تسليم المطلوبين من حزبه بحجة عدم ثقته بشعبة المعلومات، مشترطا اعتبارهم شهودا لا مشتبه بهم، والحصول على ضمانات من عون بتوقيت الإفراج عنهم، قبل أن يجري تسليمهم.


الحريري يقبل ما يقبل به جنبلاط


وقالت المصادر الوزارية ل"الحياة" إن الحريري رفض وضع اقتراح إحالة الحادثة على جدول أعمال أي جلسة لمجلس الوزراء، إذا لم تأخذ المعالجات المنحى القانوني الذي يفرض أصلا تسهيل استكمال التحقيقات، بتسليم أرسلان المطلوبين لديه. وأبلغ الحريري من يلزم أنه يوافق على ما يقبل به جنبلاط، ولن يسير بأي اقتراح لا يوافق عليه رئيس "الاشتراكي".


وبادر الأخير نهاية الأسبوع الماضي إلى إبلاغ رئيس الحكومة أن تسلسل خطوات المعالجة القانونية والمنطقية يقضي بداية بتسليم جميع المطلوبين ثم استكمال التحقيق، والمرحلة الثالثة صدور نتائج هذا التحقيق التي في ضوئها يتقرر إذا يتوجب إحالة الأمر على المجلس العدلي بدل القضاء العادي.


وكشفت مصادر واسعة الاطلاع ل"الحياة" عن أن الحريري أبلغ الرئيس عون أنه إذا من دعوة لعقد جلسة مجلس الوزراء في القصر الرئاسي أي برئاسة عون، فهو لن يضع على جدول أعمالها اقتراح الإحالة على المجلس العدلي، وإذا أصر الرئيس عون على طرح الاقتراح من خارج جدول الأعمال (يحق له دستوريا ذلك) فإنه، أي الحريري، سيتجنب الدخول بخلاف مع الرئيس ويغادر الجلسة. وهذا يعني نهاية الاجتماع.


وبينما راجت أنباء نهاية الأسبوع الماضي بأن جنبلاط مستعد للقبول باقتراح المجلس العدلي، نتيجة التباس في المعلومات بين دوائر القصر الرئاسي ورئيس البرلمان نبيه بري، علمت "الحياة" أنه حسما للجدل أبلغ جنبلاط الحريري أنه "إذا أفضى التحقيق إلى أن هناك ما يوجب إحالتها على المجلس العدلي، أنا مستعد أن أزور القصر الجمهوري وأعلن موافقتي على المجلس العدلي من عند الرئيس الرئيس عون"، لكن البداية من تسليم المطلوبين وثم استكمال التحقيق.


وكانت الضغوط التي مارسها حلفاء أرسلان، "حزب الله" ومعه "التيار الحر" دفعت الحريري إلى الإصرار على موقفه عدم وضع اقتراح الإحالة على المجلس العدلي في جدول أعمال أي اجتماع لمجلس الوزراء مقترحا فصل أعمال الحكومة عن تداعيات حادثة قبرشمون تجنبا لانتقال الاشتباك السياسي والتوتر السائد إليها.


وأوضحت مصادر وزارية ل"الحياة" أن الضغوط بلغت حد إبلاغ "حزب الله" بعض حلفائه وأصدقائه الذين كانوا أبدوا تعاطفا مع موقف جنبلاط في وجه مواقف الوزير باسيل التصعيدية ضده، بأن عليهم أن يختاروا أن يكونوا "إما ضدنا أو معنا". واعتبرت المصادر الوزارية أن "حزب الله" لم يكتف بذلك بتبني موقف أرسلان ودعم باسيل له بل ذهب حد خوض معركة الإحالة على المجلس العدلي على أنها معركته. ورأت المصادر الوزارية أن الحزب أحرج بذلك عددا من هؤلاء الحلفاء.





وفيما كان رئيس البرلمان نبيه بري بذل جهودا من أجل حلحلة الموقف في الأسبوعين الماضيين، من دون تجاوب أرسلان بتسليم المطلوبين لديه، عاد وانخرط في هذه الجهود بعد ظهر أمس، من خلال اجتماع حصل بالتنسيق معه، بين الحريري ووزير الأشغال يوسف فنيانوس (المردة)، وزير الصناعة وائل أبو فاعور، ومعاون بري وزير المال علي حسن خليل.


اقتراح جرصاتي


وانعقد الاجتماع بناء لاقتراح تقدم به وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، سبق لبري أن تداول به مع الرئيس عون الأسبوع الماضي، يقضي بإحالة الحادثة على المحكمة العسكرية كي تتولى متابعة التحقيق بعد أن تزودها شعبة المعلومات بنتائج التحقيق الأمني. وكانت الحجة وراء هذا الاقتراح أن المحكمة العسكرية أسرع من المجلس العدلي، على أن الأخذ بها يفترض أيضا تسليم أرسلان المطلوبين من حزبه.


وأوضحت المصادر الوزارية ل"الحياة" أن الحريري أبلغ جنبلاط بالاقتراح، فكان جوابه أن لا مانع لديه، ما أدى إلى اتفاق خلال الاجتماع الذي عقده الحريري مع الوزراء الثلاثة على هامش الجلسة النيابية، على إيفاد وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إلى دارة أرسلان لاقتراح إحالة القضية على المحكمة العسكرية بدل المجلس العدلي، وعلى مطالبته بتسليم المطلوبين لعل هذه الخطوة تساهم في حلحلة العراقيل أمام اجتماع مجلس الوزراء، وهو ما دفع الحريري إلى التبشير بأن جلسة للحكومة قد تعقد الأسبوع المقبل.


أضافت المصادر الوزارية ل"الحياة": "إلا أن اللواء ابراهيم عاد فالتقى الحريري ليلا في البرلمان أثناء استكمال الجلسة النيابية لمناقشة الموازنة وأبلغه جوابا سلبيا من أرسلان".


ولفتت المصادر الوزارية أن المتابعين للجهود الحثيثة من أجل حلحلة الموقف افترضوا أن طرح جرصاتي لاقتراح المحكمة العسكرية بدل المجلس العدلي يعني أن مصدره الرئيس عون، وهذا سبب كاف لتجاوب أرسلان، لكن هذا لم يحصل.


ولا تستبعد مصادر سياسية منخرطة في الاتصالات الجارية أن يقود الخلاف على معالجة ذيول حادثة قبرشمون إلى تجميد انعقاد مجلس الوزراء لمدة غير قصيرة، إذا لم يحصل اختراق ما في جدار التصلب.