سعد الحريري

الحريري رد على مداخلات النواب: الرؤية الاقتصادية موجودة ومفصلة في البيان الوزاري

تم النشر في 18 تموز 2019 | 00:00

رد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري مساء على اليوم على مداخلات النواب في ختام مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة في المجلس النيابي، وقال:





شكرا دولة الرئيس،





شكرا للزملاء الكرام وللمجلس النيابي الكريم على مناقشة مشروع الموازنة.





أنا طبعا، لا أريد أن أدخل بردود تفصيلية على كلمات الزملاء النواب. ولا أريد أن أدخل بسجالات ومزايدات، لأن الهدف هو سلامة البلد والأمان الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين. 





وهنا أريد أن ألفت نظر الزملاء الذين كانوا يرفعون الصوت لاجتذاب الجمهور، أن الإحصاءات الرسمية تبيّن أن أقل من ثلاثة بالمائة من المشاهدين كانوا يتابعون النقل المباشر على محطات التلفزة. وتفسير ذلك الوحيد أن الناس ملّوا من السجالات والمزايدات.





دولة الرئيس، الزملاء النواب:





بعيدا عن أي سجال، هناك نقطة أساسية ومركزية أريد أن أوضحها. لأننا سمعنا على مدى أيام، ومن كتل نيابية مختلفة، أنه ليست هناك رؤية اقتصادية، وأنها موازنة أرقام فقط، من دون رؤية اقتصادية إلخ...





الرؤية الاقتصادية، دولة الرئيس، موجودة، ومعلنة، ومفصلة في البيان الوزاري. الرؤية الاقتصادية أساسها هو ما عرضناه في مؤتمر "سيدر"، وباتت معروفة في البلد، وأكد عليها البيان الوزاري لحكومتنا، الذي أخذنا على أساسه الثقة من الزملاء الكرام.





ومشروع الموازنة الذي هو أمامكم هو ركيزة أساسية من ركائز الرؤية الاقتصادية. للتذكير، هذه الرؤية لها 4 ركائز:





أولا: الإصلاح المالي، أي تخفيض العجز الذي نحققه بخطوة أولى واضحة، بالموازنة.





ثانيا: برنامج الاستثمار الوطني، الذي أمنّا له التمويل في مؤتمر سيدر والذي سيكون على طاولة مجلس الوزراء في أول جلسات بعد إقرار الموازنة.





وهنا أقول لكل من ينتقدون "سيدر"، ما هو سيدر؟ هو المشاريع التي يفترض بنا كدولة لبنانية أن نقوم بها. في الكهرباء، المياه، الطرقات، الثقافة، الزراعة، الطاقة وكل القطاعات. وبدلا من أن نستدين بفوائد 14 و15%، قدمنا كل هذه المشاريع في مؤتمر "سيدر" وفي الخطة التي وضعناها، فآمن العالم بنا ونحن لم نؤمن بأنفسنا، نحن نجيد فقط أن نصرخ على بعضنا البعض.





ثالثا: برنامج الإصلاحات الهيكلية والقطاعية، الذي باشرنا به بالتعاون مع مجلسكم الكريم، وأقررنا سلسلة من القوانين لنحدّث ونطور اقتصادنا (قانون الإطار للنفايات الصلبة، قانون إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، قانون المياه، قانون التجارة، إلخ).  وهذه ورشة التزمنا بها أمام اللبنانيين، والأصدقاء الداعمين للبنان. وإذا كنتم لا تريدون أصدقاء قولوا لنا. نقوم بها وحدنا إن كان باستطاعتنا.





رابعا: تحفيز القطاعات الإنتاجية لتفعيل النمو وتكبير حجم الاقتصاد وزيادة قدرة لبنان التصديرية. وهناك 150 مبادرة تم تحديدها بهذا الشأن بدراسة ماكينزي الموجودة بين أيدي جميع اللبنانيين.





هذه الرؤية باشرنا بتنفيذها، ومشروع الموازنة خطوة أساسية أولية فيها. فلا يخبرنا أحد مجددا أنه ليست هناك رؤية اقتصادية. إذا كان غير موافق على الرؤية؟  أو لديه رؤية بديلة للبلد؟ فليتفضل ويطرحها على اللبنانيين. نحن عرضناها على اللبنانيين، وعلى المستثمرين، وعلى الأصدقاء والأشقاء، وسجلناها في البيان الوزاري، وأخذنا الثقة على أساسها!  فإذا كان هناك من لديه خطة أخرى فليتفضل ويخبرنا ويقول لنا ويعلمنا ويفسر لنا، نحن نرغب بالتطوير. نحن في الحكومة عملنا على موازنة، واعتبرنا أنفسنا أننا قمنا بإنجاز، مع بعض الخلافات السياسية داخل الحكومة. بعد ذلك انتقل مشروع الموازنة إلى لجنة المال والموازنة فعمل النواب وحسّنوا فيه. ربما كان لدي انتقاد لهذا الموضوع لم يكن في مكانه، فعدت وذهبت إلى لجنة المال والموازنة لكي أثبت رأيي في أن هذا واجب على النواب أن يقوموا به، لكن أحدا لا يريد أن يسمع. الكل يريد أن ينتقد ويتهجم.





عملت لجنة المال والموازنة، فعقدت 31 اجتماعا، بعد أن كنا قد عقدنا نحن 19 اجتماعا، فنأتي بعد كل ذلك إلى جلسة ندمر فيها أمام الرأي العام كل هذا المشهد الذي حصل والعمل الذي أنجز، بسبب مزايدات سياسية لا أعرف هدفها ولا هي لمصلحة من؟ ولا أعرف ما هو مفهومنا للديمقراطية؟ أنا مع أن يقول كل شخص رأيه، لكن ليعطونا مشاريع بديلة أو قوانين بديلة أو إيرادات مختلفة. إن كنتم لا تريدون الضرائب فحسنا، لكن من أين نزيد الإيرادات؟ كيف نسد الدين؟ كيف نقوم بعمل الحكومة؟ اليوم وزير المال يقول أن إيراداتنا تصل إلى 18 ألف مليار ليرة، وعلينا أن ندفع 8 آلاف مليار، فمن أين نأتي بها؟ تتحدثون عن الهدر، ونتحدث عن الفساد، ليست هناك كتلة نيابية في هذا المجلس إلا وتحدثت عن الفساد، لكن كل شيء بالعموم. فإ    ذا كانت كل هذه الكتل الموجودة في المجلس تتحدث عن الفساد ولا نستطيع أن نكافح الفساد فإن هذا يعني أننا جميعا فاسدون. قالوا عن الحكومة أنها فاسدة، وهذا الجهاز فاسد وتلك الوزارة فاسدة وغيرها الكثير. لماذا نجرح بأنفسنا؟ لدينا مشاكل؟ نعم لدينا. هناك هدر؟ نعم هناك هدر ونحاول محاربته ومكافحة الفساد، لكن لا يمكن أن نطلق النار على كل جهد نقوم به. دائما لدينا فرص ذهبية نهدرها. ذهبنا إلى سيدر وكانت لدينا فرصة ذهبية هناك، فأطلقنا النار على قدمينا بالخطابات والبيانات ضد سيدر. ما الذي أنتم ضده؟ هل أنتم ضد أن تستدينوا بفائدة 1% بدل فائدة 15%؟





عدا عن ذلك، دولة الرئيس، ليس هناك وزارة إلا وهي بحاجة إلى المشاريع المدرجة في "سيدر".





اليوم، نقر موازنة 2019.  ومشروعنا خفض العجز 4 نقاط من الناتج المحلي، وهذه، بكل المقاييس الدولية، خطوة جدية كبيرة، يجب أن نكمل بها بالسنوات الثلاثة المقبلة.





تخفيض العجز إلى 7،6 بالمائة في موازنة 2019 خط أحمر لا نستطيع أن نتخطاه. لكن الأهم في موازنة 2019 إنها أرست المبادئ الأساسية للإصلاح، الذي نريد أن نستكمله في موازنات 2020 و2021.





وهنا أريد أن أكون صريحا: ليست هناك عملية إصلاحية من دون كلفة، ونحن مبدؤنا هو أن الجميع يجب أن يتحمل الكلفة. لا يتهربن أحد من تحمل الكلفة: لا نستطيع أن نجري إصلاحا على قياس المزايدات السياسية. الإصلاح يكون على قياس التحديات التي يواجهها البلد.





لأكون صريحا أكثر: لا نستطيع أن نكمل بقطاع عام منتفخ، بمؤسسات وإدارات لا تعمل. اليوم رب العمل الأول في لبنان هو القطاع العام. هذا أمر غير طبيعي وغير صحي.





الدور الأكبر هو دور القطاع الخاص. هناك مؤسسات تشغّلها الدولة، بينما هي باتت في كل العالم بإدارة القطاع الخاص. فهل بإمكاني أن أفهم لماذا يجب علينا أن نكون غير كل دول العالم؟ لماذا علينا أن نتمسك بمؤسسات يجب أن يبقى القطاع العام يديرها، بينما انتقلت في كل دول العالم إلى إدارة القطاع الخاص لأن يديرها بطريقة أفضل؟





توجهنا الواضح هو تقليص حجم القطاع العام وتكبير حجم القطاع الخاص، ليأخذ دوره الذي هو الدور الأكبر في الاقتصاد.





هذا توجه ليس هناك غنى عنه.  وهذه الرؤية الاقتصادية لن نتخلى عنها لأنها هي التي توصل بلدنا لشاطئ الأمان. لأنها هي التي تؤمن تخفيض العجز المالي، وتحقيق النمو وتكبير الاقتصاد. هي التي تؤمن فرص عمل للشباب، هي التي تعالج مشكلة الدين العام، وهي التي تنوع مصادر الإنتاج والنمو في المستقبل.





قبل أن أختم، دولة الرئيس، أريد أن أؤكد لكل الزملاء، أن بعض الكلام عن مصرف لبنان والقطاع المصرفي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار أنه ليس هناك تكبير لحجم الاقتصاد من دون استقرار نقدي، ولا استقرار نقدي من دون قطاع مصرفي قوي وسليم.





مناعة اقتصادنا، أساسها الاستقرار النقدي ومناعة القطاع المصرفي، وهذه مسؤولية.





من ناحيتنا، ومن مسؤوليتنا عن البلد، أريد أن أؤكد على التزاماتنا:





أولا: الالتزام بالحفاظ على الاستقرار النقدي.





ثانيا: تأكيد التزام لبنان الدائم باحترام جميع موجباته المالية.





ثالثا: التأكيد على دور مصرف لبنان بالمحافظة على سلامة القطاع المصرفي والتزام المعايير والقوانين الدولية.





شكرا دولة الرئيس، وشكرا للمجلس النيابي الكريم.