كتبت صحيفة "الشرق الأوسط": يهدد التجاذب السياسي المستمر على خلفية حادث الجبل قبل 4 أسابيع، الذي أودى بحياة مرافقَين لوزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، جلسة مجلس الوزراء والمرجح عدم انعقادها للأسبوع الرابع على التوالي، إثر فشل الوساطات في التوصل إلى تسوية للأزمة. ولم توزع الأمانة العامة لمجلس الوزراء أمس جدول أعمال جلسة الحكومة، ما يعني أنها لن تعقد هذا الأسبوع، فيما تستمر الاتصالات، وكان آخرها لقاء بين الرئيس ميشال عون ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم استكمالاً للبحث في مخارج من الأزمة.
ولم تخفِ مصادر مواكبة للجهود المبذولة أن مسلك الحل لا يزال مقفلاً، في ظل التجاذب القائم حول إحالة الحادث إلى المجلس العدلي، وهو واحد من أعلى المحاكم في لبنان، وتعد أحكامه مبرمة، وتُحال إليه الملفات التي تهدد أمن الدولة. ويصرّ «الحزب الديمقراطي اللبناني» الذي يترأسه النائب طلال أرسلان وينتمي الوزير صالح الغريب إليه، على إحالة الملف إلى المجلس العدلي، وهو ما يرفضه «الحزب التقدمي الاشتراكي» قبل إنجاز التحقيقات القضائية واتخاذ القرار بالإحالة من عدمها، بناء على التحقيقات، كما يطالب بتسليم المسؤولين عن مطلقي النار أيضاً والذين ينتمون إلى «الحزب الديمقراطي».
وفي ظل هذا التجاذب، ومناشدة الحريري حكمة الطرفين للتوصل إلى حلّ، لا يزال مجلس الوزراء معلقاً، وبسبب هذا التعليق، تتأخر التعيينات الإدارية، والقرارات اللازمة بعد إقرار الموازنة، فضلاً عن اتخاذ القرارات التي تساهم في انتظام عمل المؤسسات.
وينطلق الحريري من معطيين يدفعانه لتأخير انعقاد الحكومة. ويوضح عضو «كتلة المستقبل» النائب محمد الحجار لـ«الشرق الأوسط» أن الحريري «يريد في المقام الأول أن ينتظم عمل المؤسسات والحكومة وتتحيد عن الصراعات والسجالات ما دام أنها تُعنى بشؤون المواطن اليومية، خصوصاً بعد إقرار الموازنة ومواكبتها بقرارات تؤمن الانطلاق بالمشاريع الاستثمارية في البنى التحتية» بحسب مقررات مؤتمر «سيدر». أما في المقام الثاني، فلا يريد أن يكون اجتماع الحكومة قبل التوصل إلى حل «مناسبة لتفجرها»، وعليه يتحرك بين «هذين الحدين»، كما «يبذل محاولات ومساعي لحل المشكلة السياسية الناتجة عن أحداث الجبل». ويرى الحجار أن تأخير الحل «يؤدي إلى تشتيت عمل الحكومة، وينطوي على مخاطر كبيرة»، مشدداً على أن «المكاسب السياسية الناتجة عن تأخير التوصل إلى حل تبقى ضئيلة وأقل من تداعياتها التي تأخذ البلد إلى شفير الانهيار».
ويبدو أرسلان مصراً على مطلب إحالة الملف إلى المجلس العدلي، وهو ما تنظر إليه مصادر سياسية مواكبة على أنه «يوصل الأمور إلى طريق مسدود»، بالنظر إلى أن أرسلان «لا يستجيب لأي محاولات لتدوير الزوايا من خلال التصلب في موقفه». وأظهرت تصريحاته الأخيرة هذا الإصرار، حين أشار في تغريدة له عبر «تويتر»، إلى أنه «لا يمكن أن يكون تحقيق القضاء مرجعاً للإحالة إلى المجلس العدلي، بل يقول القانون إن قرار الإحالة للمجلس العدلي هو قرار سياسي يستند فقط إلى تقييم مجلس الوزراء لخطورة الجريمة وما كان سينتج عنها من ضرب الاستقرار والتعايش والأمن الوطني».
وأوضح أرسلان أن «جريمة قبر شمون التي استهدفت وزيراً وموكبه ينطبق عليها توصيف المس بالأمن الوطني لو لم نضبط أنفسنا لمنع الحريق في الجبل ولبنان، وهي أكبر حجماً وتأثيراً من الجريمة الفردية التي حصلت مع الزيادين في المصيطبة والجريمة الفردية التي حصلت في بتدعي، (وكلا) الجريمتين أحيلتا فوراً إلى المجلس العدلي بقرار من مجلس الوزراء ولم يشترط المجلس يومها تقييماً من القضاء العسكري أو المدني». وسأل: «لماذا هذا التحايل اليوم؟ إلا إذا أردتم أن تدفعوا بالدروز إلى لعبة الثأر وإغراق الجبل في فتنة دموية لا يعرف أحد نتائجها». وعليه، أكد أرسلان الثقة الكاملة بالرئيس ميشال عون ودعا «الجميع إلى التعقل ووضع الأمور في نطاقها الصحيح والمتعارف عليه في مجلس الوزراء»، مؤكداً أن «أي مناورة خارج إطار هذا الحل ستكون لها نتائج وخيمة داخل مجلس الوزراء وخارجه».