أخبار لبنان

هذه حقيقة الصراع بين روحاني و"الحرس الثوري"

تم النشر في 7 آذار 2019 | 00:00

بعد أن وصف الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أمس الأربعاء الوضع السائد في بلاده بأنه "حالة حرب اقتصادية ونفسية"، مؤكداً أنه يقودها بتفويض من المرشد علي خامنئي، حاول روحاني اليوم إيضاح الصورة أكثر خلال حديثه في مدينة لاهيجان شمال إيران عن التحديات الاقتصادية وعن المؤسسات المالية المفلسة و"الذين يقفون وراءها"، وعن مشكلة تهريب السلع والبضائع، والتي يُعتبر الحرس الثوري المتهم الأول فيها.


وقال الرئيس الإيراني: "أوكلنا مهمة مكافحة تهريب البضائع إلى الحرس الثوري، لكنه يضبط حالة واحدة فقط من بين كل 10 حالات تهريب، الأمور تفلت من أيديهم بعض الأحيان، الأمر ليس سهلا".


ويمكن تفسير هذه التصريحات بأنها تلميحات من الرئيس الإيراني إلى فشل الحرس الثوري، المُتهم بالتهريب، في مساعيه لمكافحة التهريب.


ويبدو أيضا أن الصراع بين روحاني والحرس الثوري اقتصادي قبل أن يكون سياسياً، خاصةً أن الحرس يُعد أكبر مؤسسة اقتصادية غير خاضعة للسلطة التنفيذية ويدير مؤسسات موازية لاقتصاد الدولة والتي تضم حوالي 5000 شركة تنشط في مختلف المجالات، حسب بعض التقارير.


ومن ناحية أخرى، أشارت الحكومات الإيرانية المتعاقبة في السنوات الأخيرة إلى تورط الحرس الثوري في عمليات التهريب. وكان الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد تحدث عن "الأخوة المهربين"، في إشارة إلى الحرس الثوري.


وكانت حكومة روحاني ألقت الكرة في ملعب الحرس الثوري عندما أوكلته العام الماضي مهمة محاربة التهريب، والتي كانت سابقاً من مهام "مركز مكافحة تهريب البضائع والعملة".


وتطرق روحاني، الذي كان يتحدث في "مجلس إدارة محافظة جيلان" (شمال إيران) إلى قضية المؤسسات المالية "غير المرخصة" التي أثارت الاحتجاجات الشعبية، فقال: "إنهم نزلوا إلى الشوارع ورفعوا هتافات، وعلى وزارة الاستخبارات أن تكشف من كان وراء تلك الأحداث". ولم يعطِ روحاني مزيدا من التفاصيل، لكنه من الواضح إنه كان يشير إلى المتشددين من حلفاء الحرس الثوري الذين تتهمهم الحكومة بإثارة الاحتجاجات في نهاية 2017 وبداية 2018 بغية ممارسة الضغوط على روحاني، لكن الأمور فلتت من يدهم فتحولت إلى احتجاجات واسعة عمت 75 مدينة إيرانية وتحدت النظام بمجمله.


وفي تلميح آخر إلى الحرس الثوري، قال الرئيس الإيراني دون أن يفصح عن أسماء أو يشير إلى أشخاص: "يصدّر البعض بضائع إلى العراق. وحينما نسألهم: أين الإيرادات بالدولار؟ يقولون: إننا نبيع بالدينار على الحدود، ولا نستلم دولارات"، مضيفاً: "لكننا نعلم أنهم يستلمون بالدولار، وهذا الأمر غير صحيح".


وكان روحاني قد انتقد في السابق دور المؤسسات الخارجة عن سيطرة الحكومة (مؤسسات الحرس الثوري) وعدم خضوعها للرقابة. وتبادل روحاني والمحافظون، خلال فترة الانتخابات الرئاسية الإيرانية، الانتقادات حول الأمور الاقتصادية، وركز منافسوه على إخفاقاته في القطاعات الاقتصاد بشكل خاص.


وفي الوقت الذي تحدث روحاني عن دور القوات المسلحة في الحفاظ على أمن البلاد، قال إن "الهواجس الاقتصادية هي التي تبعد القوات المسلحة عن القيام بمهامها الحقيقية"، داعياً إلى "الانسجام الداخلي بما يحقق استقرار إيران"، على حد قوله.


وتعتبر مؤسسات الحرس الثوري، الاقتصادية والمالية والتجارية، المهيمنة على قطاعات واسعة من اقتصاد البلاد، قوة اقتصادية موازية للحكومة، وتعمل في أغلبها باستقلالية خارج إطار القوانين وبعيدا عن الشفافية.


ولإظهار دور الحرس وقدرته وإمكانياته في اقتصاد البلاد، كان قائد الحرس الثوري، محمد علي جعفري، صرح في وقت سابق أن قواته مستعدة لمساعدة حكومة روحاني وتطبيق ما سمَّاه بـ"الاقتصاد المقاوم" الذي يدعو إليه المرشد خامنئي لمواجهة العقوبات الأميركية المشددة.


ويدعم المتشددون وآخرون من المحافظين دور الحرس ومؤسساته الاقتصادية والسياسة في إدارة البلاد. بينما تدعو الجهات الحكومية وأطياف معتدلة بينهم الإصلاحيون، إلى كف يد المؤسسة العسكرية عن مشاريع الاقتصاد ومنحها إلى الشركات الخاصة المتخصصة.


ويمتلك الحرس الثوري، الذي يسيطر بحسب تقديرات على ثلث اقتصاد البلاد، مؤسسات وشركات عديدة، أهمها "خاتم الأنبياء" وهي أكبر شركة تقوم بمشاريع صناعية وإنشائية وكانت تأسست خلال الحرب العراقية – الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي.


وتنشط هذه المؤسسة في مجالات عدة من قبيل الهندسة الكهربائية والطاقة والاتصالات وبناء السدود وسكك الحديد وغيرها. لكن الشركات التابعة للحرس تواجه حاليا مشاكل مالية بسبب العقوبات المفروضة عليها وتدهور الوضع الاقتصادي وانهيار قيمة العملة الإيرانية.


وعلى الصعيد السياسي، كتب الصحافي والباحث الإيراني، أکبر کنجی، مقالا تحت عنوان "انقلاب الحرس الثوري على المؤسسات المنتخبة"، أكد فيه أن "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري له الدور الرئيسي في تعيين سياسات إيران الإقليمية، ويقوم بتهميش دور وزارة الخارجية، وهذا ما كان جليا في زيارة بشار الأسد إلى طهران دون علم محمد جواد ظريف مما أدى إلى استقالته من منصبه ولكن سرعان ما تراجع عنها.


ويُعتقد أن الحرس الثوري له حضور من خلال عناصر تابعة له في السفارات الإيرانية وأن هذه العناصر تقوم بعمليات استخباراتية وجمع المعلومات حول المعارضين في الخارج، كما تساهم في تقديم الدعم للعناصر الموالية والتابعة لحلفاء إيران في الخارج، مثل النظام السوري وحزب الله وجماعة الحوثي وتقوم أيضا بكسب وتجنيد عناصر من بين مواطنين لدول أخرى.