مهجوس وليد جنبلاط بالتاريخ. قدريٌّ إلى حدّ التماهي مع الأحداث والمصادفات التاريخية. على قدر زهوه متنقلاً بين ضيوفه، في استقبال الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند، كان قلقه بارزاً على محيّاه. والقلق سمة تاريخية لدى وارث البيت الجنبلاطي، لأنه يضطّر إلى التفكير بلا كلل بالمستقبل، فتراه منهمكاً باحتمالاته، باحثاً ومستنبطاً بصيص الأمل من جدران مقفلة. تنقّل جنبلاط بين مختلف الحاضرين والتعب بادٍ على وجهه. تعب السنين والسياسة. وتعب المستقبل غير متضح المعالم. لكن رمزية العلاقة الفرنسية اللبنانية ومع المختارة بالتحديد كان لا بد من إحياء مئويتها.
تعب السنين
قبل مئة سنة، كان لبنان الكبير، الذي "وُهب" من قبل الفرنسيين. اليوم ثمة ما أصبح مفقوداً من هذا اللبنان، وفق رؤية جنبلاط وقراءته. عام 2014، اعتبر جنبلاط أن اتفاق سايكس بيكو انتهى. واليوم يخشى جنبلاط على لبنان بحدوده المعروفة، متسائلاً إذا ما كان سيصبح لبنان الأكبر، أم الأصغر. لبنان الأكبر نسبة إلى ذوبان الحدود بين لبنان وسوريا، وسيطرة حزب الله على مناطق واسعة في الداخل السوري، بشكل مترابط مع الجغرافيا اللبنانية.
تعب السنين ينعكس على أداء جنبلاط مع الحاضرين، يحرص على إلقاء السلام على جميعهم، لكنّه "يضوج" في هذه الحالات، وهو أساساً كان قد استقال من الاستقبالات الشعبية، وأحالها إلى نجله تيمور، قبل سنوات، لأنه لم يعد يقوى على مجاراتها. في هكذا حالات، يصاب بضيق، على الرغم من الزهو بإحاطته من قبل كثيرين. يضيق ذرعاً بالجلوس طويلاً، والالتزام بقواعد البروتوكول، يخرج مشّاءً، يضع يديه وراء ظهره، ويطلّ من شرفة الدار على الشوف، أو على جبل لبنان، "أساس لبنان الكبير" كما تحادث مع هولاند، الذي كان يتصرّف كأنه في منزله، بلا أي تكاليف، يتجوّل بين الجموع وحيداً، يتناول طعامه بنفسه.
لقراءة المزيد.. انقر هنا