اختتم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، اليوم الثاني من زيارته الراعوية الى ابرشية صيدا، بزيارة بلدة كفرقطرة - الشوف حيث ترأس الذبيحة الالهية في كنيسة القديسة تقلا، عاونه فيها راعي الابرشية المطران مارون العمار والنائب العام المونسنيور مارون كيوان، كاهن الرعية الخوري طانوس طانوس ولفيف من الكهنة والرهبان.
وبعد تلاوة الانجيل المقدس ألقى الراعي عظة وقال: "إننا ندعم توجهكم إلى توطيد الوحدة في الجبل والتضامن والتعاون من أجل إعادة الحياة الاجتماعية والاقتصادية إليه بشكلها الفاعل. ومن الملح بمكان الإفساح في المجال للجميع ليجدوا وظيفة سواء في مؤسسات الدولة العامة، أم في مؤسسات خاصة. وهذا عنصر أساسي لحفظ الاستقرار في الجبل، ميزان الاستقرار في البلاد".
بعد القداس التقى الراعي ابناء الرعية ووفدا من المشايخ الدروز ثم كانت كلمة لرئيسة بلدية كفرقطرة قالت فيها: "كفرقطره هي ارض "الشركة والمحبة"، وايقونة المصالحة ولا احد مثلنا يدرك معنى المصالحة وكلفة الخلاف. ان الاحداث الدامية التي عصفت بنا اصبحت للعبرة والذكرى. فما يجمعنا مع اخواننا من طائفة الموحدين الدروز اكثر بكثير مما يفرقنا".
ثم كانت كلمة للراعي شكر فيها كل من شارك في تنظيم الزيارة الراعوية الى جانب راعي الابرشية المطران مارون العمار مؤكدا للجميع "صلاته والتواصل معهم من خلال الكهنة خدمة الرعايا من اجل تعزيز الحضور والحياة في الجبل".
بعد ذلك زار البطريرك الراعي والوفد المرافق كنيسة السيدة للروم الكاثوليك حيث كان في استقباله كاهن الرعية الاب وسام فرح وابناء الرعية. وبعد الصلاة قال الراعي: "انها لفرحة كبيرة ان نزور كنيسة السيدة في عيدها ونبارك اعمال بناء الكنيسة الجديدة مجددين التهاني والتمنيات لكم بالعيش بطمأنينة بالرغم من كل الصعوبات المعيشية والاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها. ولكن نحن جماعة الرجاء لا نخاف لان ايماننا يبدد الصعوبات. وكلمة يأس لا توجد في قاموسنا المسيحي. وانتم اختبرتم المحنة في الجبل لتعودوا فتعيشوا القيامة. وكونوا على ثقة ان شفعاءنا وقديسينا لن يتركونا يوما".
ولفت الى "اننا نؤكد على المصالحة التي اجراها المثلث الرحمة البطريرك صفير ووليد بك جنبلاط. واصبح علينا اليوم ان نصونها ونواصلها. تلك المصالحة وضعت الأساس ونحن علينا بناء المداميك كما في كل بناء. الجميع يعلم ان الحياة تبدأ بولادة طفل وحتى قبل ولادته يبقى تسعة أشهر في بطن امه. وعندما يولد لا تتوقف القصة هنا، فهو يحتاج الى عناية ورعاية، ثم الى تعليم. وفي كل المراحل يحتاج الى صحة. ما يعني ان هناك كينونة وهناك صيرورة. الحياة الزوجية تبدأ لكن صيرورتها تحتاج الى بناء يومي والا يحكمها التنافر. الامر عينه ينطبق على حياتنا الوطنية. وبالنسبة لكلامنا عن المصالحة، فانها حصلت ولكن صيرورتها اصبحت بين أيدينا. علينا ان نبنيها كل يوم كمواطنين صالحين، وعلى الدولة ان تساعدنا كي يتمكن اهل الجبل من العيش فيه. يجب على الدولة أن تقوم أيضا بتأمين فرص عمل لهم ونحن أيضا نتأمل من المؤسسات الخاصة أن توجد ظروف عمل ووظائف لشعبنا حتى يبقى هنا وأن لا يضطر للنزول إلى بيروت ويعود كل يوم أو لفتح بيت آخر في بيروت. هذا ما اعنيه بالصيرورة التي على كل واحد منا ان يعمل ويحافظ عليها من جهته".
وتابع: "نحن فيما يختص بنا ككنيسة، وكما ترون، حافظنا على كل مؤسساتنا، مدارسنا وجامعاتنا ومستشفياتنا وهيكلياتنا في الجبل. وهذا واجب اساسي بالنسبة لنا كي يشعر الشعب برجاء وأمل بأنه ليس متروكا، ولذلك نحن بحاجة لان تبقى أيدينا مشبوكة لكي يشعر الجميع بفرح العيش معا من جديد".
وختم الراعي: "كما تفضلتم، بلدة كفرقطرة كانت السباقة في عيش المصالحة والعيش معا. أود ان اتمنى لكم كل التوفيق مع الدعاء إلى الله لكي يستمر هذا العيش معا في هذا الجبل الذي نعتبره العمود الفقري للحياة اللبنانية. فاذا كان الجبل بخير يكون لبنان كله بخير لان الجبل هو قلب لبنان النابض. هو العامود الفقري الذي علينا ان نحميه معا. ولدينا مع أخواننا الموحدين الدروز، بني معروف، تاريخ طويل من التعاون من أيام فخر الدين. وهذا التعاون ادى الى تأسيس الكيان اللبناني واعلان دولة لبنان الكبير 1920. لذلك نحن معنيون موحدين الدروز ومسيحيين بالمحافظة على هذا الوطن ليبقى وطن التعددية، وطن التنوع الديني والثقافي والحزبي والسياسي كي يبقى وطن الديموقراطية ووطن الحريات العامة، وطن الإنسان."