رأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، لمناسبة عيد القدسية صوفيا وبناتها الثلاث، قداسا احتفاليا في كنيسة القدسية صوفيا في الصفرا، بمشاركة السفير البابوي جوزف سبيتري، وعاونه لفيف من المطارنة والكهنة، ومن بينهم كاهن الرعية الأب جوني النوري، وخدمته جوقة الرعية، بمشاركة موسيقى قوى الأمن الداخلي.
وبعد الإنجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان "يشبه ملكوت السماوات حبة خردل تزرع فترتفع وتصير أكبر المزروعات (مر 4: 31-32)"، قال: "نحن في بداية الإحتفال بالمئوية الأولى لإعلانه دولة مستقلة في أول أيلول 2020. بعد مسار تاريخي طويل لعب فيه البطاركة الموارنة الدور القيادي منذ أواخر القرن السابع مع البطريرك الأول القديس يوحنا مارون، وصولا إلى المكرم البطريرك الياس الحويك الذي ترأس الوفد اللبناني الرسمي إلى مؤتمر الصلح في فرساي بفرنسا في سنة 1919، بعد انهيار السلطنة العثمانية. فقد وضع الحويك في مذكرته الرسمية لمؤتمر الصلح مطالب اللبنانيين، وهي:
1- إعلان لبنان دولة مستقلة مع إعادته إلى حدوده التاريخية والطبيعية، بإرجاع الأجزاء المقتطعة منه على يد العثمانيين.
2- التعويضات من المتسببين بالقتل والتجويع وارتكاب الفظائع.
3- تكليف فرنسا بفترة الانتداب، من دون أن ينال من السيادة المطلقة للبنان، فكان "إعلان دولة لبنان الكبير" في أول أيلول 1920 في قصر الصنوبر ببيروت بحضور ممثل الدولة الفرنسية الجنرال غورو الذي تلا قرار الإعلان الدولي، بحضور البطريرك الحويك.
6 - لقد وضع البطريرك الحويك وخلفه المباشر البطريرك أنطون عريضه ملامح وجه لبنان الظاهرة في دستوره الأول سنة 1926، وفي الميثاق الوطني سنة 1943، وقد تجددا في مضمونهما الأساسي بوثيقة الوفاق الوطني سنة 1989 في مؤتمر الطائف. أما وجه لبنان الذي يميزه عن مختلف بلدان المنطقة فهو إحلال المواطنة المدنية مكان المواطنة الدينية، واعتماد النظام الديموقراطي الليبرالي، وإقرار التعددية دينا وثقافة بدلا من الأحادية، وجعل العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين بالمساواة وروح التعامل والتكامل أساسا شرعيا للسلطة السياسية، والاعتراف بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان مع كامل الحريات العامة، وفي مقدمتها حرية المعتقد.
7 - إننا نتطلع إلى الجماعة السياسية في لبنان، بمناسبة هذه المئوية، وانطلاقا من حالة اللاإستقرار السياسي والاقتصادي والمعيشي والاجتماعي، ونناشدهم بأمرين: الأول، اعتماد نهج حبة الخردل أعني القيام بعملية النهوض بلبنان من الحالة التي ذكرت، بتجردهم من مكاسبهم الخاصة وحساباتهم الضيقة، لكي يتمكن لبنان من النمو بفضل قدراته وقدرات شعبه وشبابه؛ الثاني، العودة إلى خصوصيات لبنان التي تميزه عن غيره وعدم تشويه ملامح وجهه التي جعلت منه رسالة ونموذجا على المستويين العربي والدولي".
وختم الراعي: "هذه المناشدة المزدوجة نرفعها صلاة إلى الله، بشفاعة القديسة الشهيدة صوفيا وبناتها الشهيدات الثلاث، راجين قبولها مع نشيد المجد والتسبيح للثالوث القدوس، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".