صحافة بيروت

ضوء أخضر لأموال "سيدر".. حرص فرنسي على إستقرار لبنان

تم النشر في 21 أيلول 2019 | 00:00

ساعة ونصف الساعة بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيس الحكومة سعد الحريري، كانت كافية لإعادة تصويب الأمور في اطار مؤتمر "سيدر" والاتفاق على البدء بتحويل الأموال الى لبنان، هذا فضلاً عن تأكيد فرنسا وقوفها الدائم الى جانب لبنان على جميع الصعد.


وأشارت صحيفة "النهار" نقلاً عن مصادر فرنسية ولبنانية إلى ان الخلوة التي جمعت الرئيس ماكرون والرئيس الحريري "كانت ناجحة بامتياز" عرض خلالها الطرفان الواقع السياسي والأمني اللبناني وسادت المحادثات أجواء ود وتوافق بين الجانبين على التنسيق من أجل ان يظهر جميع اللاعبين ضبط نفس كاملاً حتى لا تتحول الصراعات الاقليمية الى لبنان. واكد الرئيس ماكرون أمام ضيفه التزام فرنسا الكامل وحرصها على الأمن والاستقرار في لبنان بعد المخاوف من تمدد الوضع الاقليمي الهش الى ربوعه.


وبدا واضحاً ان لقاء ماكرون والحريري وفر جرعات قوية لاعادة ادراج مقررات "سيدر" كرأس حربة اساسية في الحماية الاقتصادية للبنان، علماً انه يمكن اختصار موقف ماكرون الذي أبلغه الى الحريري بأنه يرتكز على الحماية الاقتصادية والأمنية والسياسية للاستقرار في لبنان. وبرز ذلك من خلال البيان الذي تلاه ماكرون قبل خلوته مع الحريري إذ جاء فيه أن "فرنسا ستبقى ملتزمة أمن لبنان واستقراره، ضمن إطار قوات "اليونيفيل"، كما في إطار التعاون الوثيق الذي أطلقته والذي يربطها بالجيش والقوى العسكرية اللبنانية. كما سنثير أيضاً الأجندة التنفيذية للالتزامات التي اتخذناها معاً في روما في آذار 2018 لتزويد الجيش اللبناني العتاد اللازم".


وعلم من مصادر مطلعة لصحيفة "الديار" ان الرئيس الحريري ابلغ الرئيس الفرنسي عن ان الحكومة بالتعاون مع المجلس النيابي وفي ضوء اجتماع بعبدا الاخير عازمة على القيام بورشة اصلاحات فعالة في اطار العمل على معالجة الازمة الاقتصادية والمالية.


وقد أثنى ماكرون على هذا التوجه مؤكداً على اهمية اولوية اجراء الاصلاحات المطلوبة.


ووصفت مصادر الرئيس الحريري اجواء اللقاءات التي اجراها مع الرئيس ماكرون ومسؤولين في الحكومة بانها ممتازة، وانه سمع تأكيدات على ان باريس ماضية ومستمرة في مساعدة ودعم لبنان واستقراره على الصعد كافة.


وعلم انه جرى الاتفاق على عقد اجتماع للجنة الاستراتيجية لمؤتمر "سيدر" في منتصف تشرين الثاني المقبل في باريس للمباشرة عملياً تنفيذ القرارات التي صدرت عنه، بحيث يكون لبنان قد باشر بخطواته الاصلاحية وانجز الموازنة، وبالتالي اعطى رسالة واضحة للمجتمع الدولي في سبيل تسهيل تنفيذ كل قرارات "سيدر" وتحقيق المزيد من الدعم والمساعدات له على غير صعيد.


وقالت المصادر ان الرئيس الحريري خرج بانطباع جيد عما دار بينه وبين ماكرون وانه يمكن القول ان العجلة بدأت تتحرك لانطلاق عملية تنفيذ سيدر.


رقابة دولية


الاّ أنه وعلى الرغم من تأكيد الرئيس الفرنسي التزام بلاده القرارات التي اتخذت في مؤتمر "سيدر" في نيسان 2018، والاتفاق على عقد اجتماع لهيئة الاستراتيجية الخاصة بـ "سيدر" في تشرين الثاني المقبل في سياق تقييم الإصلاحات الجديدة، التي ستتضمنها موازنة 2020، التي يفترض ان تحال إلى مجلس النواب في أقرب فرصة خلال بدء العقد العادي في أوّل ثلاثاء، بعد 15ت2 المقبل، بما يشبه الوصاية الدولية على الإصلاحات التي طلبها مؤتمر "سيدر"، لتقديم قروض مالية للاستثمار في البنى التحتية اللبنانية، كشف مصدر مطلع عبر "اللواء" ان تحديد موعد اجتماع الهيئة الاستراتيجية جاء بناء لطلب رئيس الحكومة اللبنانية.


وقال المصدر: ان الجانب اللبناني لمس التزاما فرنسياً تجاه لبنان وحرصاً على عدم زجّه في صراعات المنطقة، أو تعرضه لانهيار اقتصادي.


ولم يشأ المصدر الخوض في تفاصيل إضافية، لكنه قال ان باريس على اتصال مع طهران من أجل تحييد لبنان وعدم زجه بأي مواجهة تحصل في المنطقة، فضلا عن تكليف السفير الفرنسي في بيروت بإجراء اتصال مع حزب الله لابلاغه عدم موافقة فرنسا على إقحام لبنان بأي مواجهة قد تحصل في المنطقة.


هذا في الشق السياسي- الدبلوماسي، اما من الناحية الاقتصادية، عدم ترك لبنان ينهار اقتصادياً، وذلك عبر تأليف لجنة خبراء فرنسية- دولية- لبنانية للاشراف على تنفيذ مقررات "سيدر" بعد تقييم الاحتياجات ودراسة الأولويات المطلوبة.


وعليه، يعتبر المصدر ان محادثات الساعة والنصف كانت "ناجحة" بكل المعايير، السياسية والاقتصادية.


نتائج إيجابية في المدى البعيد


وبحسب هذه المصادر، فإن النتائج العملية السريعة سواء في محادثات القمة التي أجراها الرئيس الحريري مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، أو مع وزيري المال والخارجية الفرنسيين، في حضور رؤساء الشركات الفرنسية الكبرى، يُمكن تلخيصها بالآتي:


1 - إعلان الاتفاق بين لبنان وفرنسا على انعقاد لجنة المتابعة الاستراتيجية لمؤتمر "سيدر" في 15 تشرين الثاني في باريس، وهي اللجنة المخولة بإطلاق استثمارات "سيدر" بموجب تعهدات الدول المانحة التي بلغت في حينه نحو 11 مليار دولار. وقد عمل الرئيس الحريري خلال ساعات المساء مع السفير المكلف بمتابعة أعمال هذا المؤتمر بيار دوكان، على تشكيل اللجنة والتي ستكلف مواكبة وتيرة الإصلاحات التي يفترض ان تكون قد تبلورت بعد إقرار موازنة الـ2020.


2 - ضمان فرنسي جديد للحصول على قرض بشروط سخية يصل إلى 400 مليون يورو، لشراء معدات فرنسية لتعزيز القدرات الدفاعية والأمنية للجيش اللبناني، وسيتم استخدام الجزء الأكبر من هذا القرض لتجهيز القوات البحرية وتزويدها بقدرات النقل الجوي- البحري، بهدف ضمان سلامة الحقول النفطية والغازية البحرية، التي سيجري تدشينها في السنة المقبلة.


وأوضح الرئيس الحريري، في مؤتمر صحفي عقده بعد محادثاته مع ماكرون ان هذا القرض، هو جزء من مقررات مؤتمر روما الذي انعقد في العام الماضي، وتقرر فيه دعم الجيش اللبناني بحوالي مليار دولار، لافتا إلى أن القرض سيكون على 10 أو 15 سنة للتمكن من شراء سفن فرنسية يحتاجها سلاح البحرية اللبنانية بهدف حماية الحدود البحرية.


3 - ضمان رسمي فرنسي بأن تضمن الحكومة الفرنسية الاستثمارات الفرنسية في لبنان ما يشجعها على الاستثمار، وهي النقطة التي كانت موضع بحث في محادثات الحريري مع وزير المال والاقتصاد الفرنسي برونو لومير والتي شارك فيها عدد من أصحاب الشركات الفرنسية الكبرى على فطور عمل، حيث أكّد رئيس الحكومة اللبنانية بأن لبنان لا يزال محطة أساسية للاستثمار داخله وفي محيطه، على رغم الصعوبات التي يمر فيها والمنطقة، عارضاً مع أصحاب الشركات فرص الاستثمار الحالية على صعيد برنامج الانفاق الاستثماري والنفط والغاز والمشاريع المشاركة.


وقالت مصادر مرافقة للرئيس الحريري ان هذا الاجتماع اتى في إطار التواصل مع القطاع الخاص الفرنسي المهتم بالعمل على إعادة تأهيل البنى التحتية في لبنان، لا سيما وان مؤتمر "سيدر" يلحظ دوراً للقطاع الخاص بحدود 5 إلى 8 مليارات دولار على مدى السنوات الثماني المقبلة.


4 - وفي مقابل هذه المحصلة العملية للزيارة، أكّد الرئيس الحريري مجدداً التزامه باصلاحات "سيدر" متعهداً بتحقيق هذه الإصلاحات خلال مهلة شهرين، وهي المهلة المحددة لاحالة مشروع موازنة الـ2020 إلى المجلس النيابي، وهو اعترف، بعد محادثاته مع ماكرون، بأن فرنسا أخذت على الحكومة اللبنانية تباطؤها في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، مشيرا إلى انه أخذ الملاحظات الفرنسية بالاعتبار، لكن المهم هو الإسراع بهذه الإصلاحات، فلم يعد لدينا المزيد من الوقت، ولو قمنا بهذه الإصلاحات قبل تقارير "فيتش" و"ستاندر اند بورز" لما كنا هنا، لذلك يجب ألا نتقاعس أو نتأخر.


ولم يأتِ الجانبان على ذكر التسهيلات المالية التي يحتاج اليها لبنان في أجل سريع من جراء أزمة السيولة التي يعانيها البلد وامكان عرض اليوروبوند في الأسواق العالمية بفوائد مخفوضة. وفي هذا السياق يبدو ان المنظمات الدولية والاقليمية كما الدول التي يمكنها ان تشارك في الاصدار تنتظر إقرار موازنة ٢٠٢٠ لإعطاء جواب نهائي عن مشاركتها.