-شدد الرئيس فؤاد السنيورة، في كلمة له في افتتاح مؤتمر "تحدي تجديد العروبة"، الذي اقامه النادي الثقافي العربي لمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيسه، على "ضرورة إعادة الاعتبار إلى القضية العربية الأساس من خلال التركيز على ضرورة التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الأساس وهي القضية الفلسطينية".
وأكد السنيورة "أهمية الإنجاز الذي حققه لبنان مع نهايات القرن الماضي بإقرار اتفاق الطائف"، داعيا الى "تطوير موقف عربي واضح وثابت يستعيد التوازن الاستراتيجي في المنطقة العربية"، مشيرا الى "ان هناك دورا عربيا جامعا وهاما حيث ينبغي على جمهورية مصر العربية ان تستعيده وتقوم به بالتعاون والتنسيق الكاملين مع المملكة العربية السعودية".
ورأى "ضرورة تطوير موقف مبادر وواضح في آن من الجمهورية الإسلامية الإيرانية وهو بنظري الموقف القائم على الإدراك بأن لا مصلحة للفريقين العربي والإيراني من زيادة حدة الخصومة والتخاصم بينهما والتي لا ينجم عنها إلا الدمار والخراب على الفريقين. فالمصلحة المشتركة تقضي أن يكون هناك سعي لإنشاء علاقات صحيحة وندية بين الدول العربية وبين الدولة الإيرانية، تكون مبنية على أساس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة".
وقال: "لا مناص من العودة إلى إنجاح المشروع الحضاري للعروبة المستنيرة والجامعة والمحتضنة لشتى المكونات العربية الإثنية والدينية، والثرية بتنوعها، بعيدا عن دعوات التهميش او الاجتثاث والتشفي والثأر، والمتمتعة بشجاعة المصالحة والمغتنية بالمشروع العربي المعترف بكيانات الدول العربية المختلفة القائمة على أساس الحكم المدني وعلى أساس احترام حرية الفرد، وحيث يتساوى الجميع أمام القانون مواطنين كراما. المشروع العربي الذي يجعل من المصالح العربية المشتركة الأساس في جمع العرب وتوحيد كلمتهم وتكاملهم وذلك في إطار نظام مصلحة عربي. إن هذه العودة هي السبيل الوحيد لأن نبقى ولأن نكون ولأن نعطي شعوبنا ما تستحق من كرامة وعدالة وعيش مشترك وكريم، ومشاركة حقيقية في عالم العصر وعصر العالم. لقد آن الأوان لإعادة الاعتبار للعمل على إنجاح هذا المشروع العربي فالوقت يدهمنا، والفشل اليوم يعني عقودا جديدة من التشتت والحروب والصراعات والتبديد للموارد والفرص والتي يخسر فيها الجميع ولا يربح فيها أحد".
ورأى ان "عملية إعادة الاعتبار لهذا المشروع يكون من خلال العمل على " إعادة الاعتبار إلى القضية العربية الأساس من خلال التركيز على ضرورة التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الأساس وهي القضية الفلسطينية. حل يعيد الحقوق والكرامة للفلسطينيين وللعرب ويزيل أحد أهم تداعيات الاستعمار الاستيطاني من منطقتنا العربية ، العمل على تطوير موقف عربي واضح وثابت يستعيد التوازن الاستراتيجي في المنطقة العربية وذلك من خلال تطوير وإيجاد إرادة عربية واحدة بشأن القضايا والمشكلات والتدخلات والفتن التي تتعرض لها المنطقة العربية وذلك بديلا عما هو سائد حاليا من تعدد الإرادات المتناثرة والمتشاكسة والمتعارضة بشأنها. وفي هذا المجال فإن هناك دورا عربيا جامعا وهاما حيث ينبغي على جمهورية مصر العربية ان تستعيده وتقوم به بالتعاون والتنسيق الكاملين مع المملكة العربية السعودية.
ودعا إلى "ضرورة تطوير موقف مبادر وواضح في آن من الجمهورية الإسلامية الإيرانية وهو بنظري الموقف القائم على الإدراك بأن لا مصلحة للفريقين العربي والإيراني من زيادة حدة الخصومة والتخاصم بينهما والتي لا ينجم عنها إلا الدمار والخراب على الفريقين. فالمصلحة المشتركة تقضي أن يكون هناك سعي لإنشاء علاقات صحيحة وندية بين الدول العربية وبين الدولة الإيرانية، تكون مبنية على أساس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة. ويكون ذلك استنادا إلى أنه بين العرب وإيران ثلاثة جوامع أساسية تجمعهما وهي: التاريخ الطويل في العلاقة بين إيران والمنطقة العربية في حلوها ومرها. وهناك الجغرافيا المتصلة بين الدول العربية وإيران، وهناك المصالح الحقيقية والكبيرة للفريقين والتي يجب أن تكون مستقرة ودائمة بين إيران والدول العربية وفق سياسة حسن الجوار. إذ إن التخاصم ومحاولات بسط النفوذ والهيمنة وإثارة الخلافات والفتن واعتماد مبدأ مدمر قائم على تصدير الثورة عبر التلاعب بالمكونات العربية في عدد من الأوطان العربية ولاسيما في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين والكويت. وهذا فضلا عن كونه يتعارض مع القانون والشرعية الدولية فإنه يعود بالضرر الكبير على الفريقين بكونه يدمر المنجزات ويبدد موارد الحاضر والمستقبل".
وأكد السنيورة "ان تفعيل العمل العربي المشترك بشقيه السياسي، الأمني والاقتصادي يقتضي تطوير موقف عربي جماعي واضح وحازم يستعيد التوازن الاستراتيجي في المنطقة العربية مع تركيا ويتصدى للتمدد والتدخل الإيراني للدول والمجتمعات العربية".وأعلن ان "التحدي والخطر الأساس الذي ينبغي على العمل العربي المشترك التصدي له فيتمثل بالاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني ولاستمرار عدم وجود حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية على أساس المبادرة العربية للسلام".".
واعتبر "إن التحدي الكبير والمتزايد الذي يواجه دولنا العربية الآن يكمن في كيفية الانصات إلى مطالب شعوبنا ولا سيما إلى شبابنا الساعي والمتحفز للمشاركة في نهوض بلاده وفي صنع مستقبله". وقال: "ان من اهم التحديات التي سوف تواجه مجتمعاتنا العربية في العقد القادم هي في إيجاد 50 مليون فرصة عمل جديدة لاستيعاب المنضمين الجدد إلى سوق العمل العربية خلال السنوات القليلة القادمة".
وشدد السنيورة على "ان التعاون يجب أن يكون مركزا وواضحا في التصدي للحركات الإرهابية المتطرفة وعلى ضرورة المبادرة الى القيام بجهود مصممة لخوض غمار الإصلاح الديني، وذلك بهدف إنقاذ الاسلام من هذه الآفات والجرائم والبدع التي ترتكب باسمه. وكذلك في العودة إلى إعادة الاعتبار لقيم العمل الجاد والتركيز على أهمية الاعتدال والحرص والحفاظ على احترام حقوق الإنسان وحرياته العامة والخاصة".
ولفت إلى ان "هناك حاجة ماسة لتكوين موقف عربي يعيد للعرب احترامهم بداية لأنفسهم ولدى غيرهم ويستعيد بموجبه المواطنون العرب بعض الأمل في المستقبل، ويعيد إليهم احترام العالم لهم ولقضاياهم. وهذا ما يمكن أن يساعد عليه التقدم على مسار بناء قوة عربية مشتركة للحفاظ على الأمن القومي العربي على الأرض وفي الجو والبحر وهو ما يمكن أن يشكل الخطوة العملية الأولى في إنتاج موقف عربي يخرج الأمة من حال التقاعس والتواكل ويوقف حالة الانحدار العربية نحو الانقسام والتشرذم والتصادم".وقال: "لا بد لي هنا من التأكيد على اهمية الإنجاز الذي حققه لبنان مع نهايات القرن الماضي بإقرار اتفاق الطائف الذي أكد على ان لبنان هو وطن عربي الهوية والانتماء معيدا بذلك إبراز مفهوم الدولة الوطنية اللبنانية ونهائية الكيان اللبناني وتأكيد انتساب لبنان الى الهوية العربية. وهذا الاتفاق يؤكد وحدة اللبنانيين ومبدأ المواطنة ومفهوم الدولة اللبنانية المدنية المحتضنة لكل مكوناتها على قواعد العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمييز او تفضيل. لكنه وبسبب تصاعد حدة الخطاب السياسي والمناكفات السياسية فإن الحال التي وصلنا اليها تؤكد الحاجة الماسة للابتعاد عن اثارة النعرات الطائفية والمذهبية العنصرية والى وقف دعوات الكراهية واثارة الضغائن والاحقاد".
وختم: "إنها الذكرى الخامسة والسبعين للنادي الثقافي العربي. وهي ذكرى لها حق علينا نحن ابناء النادي. كما أن لها حقا ينبع من قوميتنا ومن امانتنا لهذه الفكرة ولتلك الرسالة. العروبة ما تزال المدخل الصحيح لما فيه صالح الأمة العربية والدول العربية وللعالم وللإنسانية. لقد كانت هذه هي رسالة النادي الثقافي العربي، وآمل أن تبقى قائمة في اصولها وإن اختلفت سياقاتها".