عرب وعالم

منظمة "العفو": قنابل إيرانية تقتل متظاهرين بالعراق

تم النشر في 8 تشرين الثاني 2019 | 00:00

كشفت منظمة العفو الدولية بعد أبحاث وتحقيقات أجرتها على الأرض، وتواصلها ‏مع عدة مصادر عراقية، أن بعض قنابل الغاز المسيل للدموع، التي استخدمتها ‏قوات أمن في العاصمة بغداد، خاصة قوات مكافحة الشغب، والتي كان الهدف منها ‏قتل المحتجين بدلا من تفريقهم، مصدرها إيران وبلغاريا‎.‎

وكان تقرير سابق نشرته المنظمة في الحادي والثلاثين من أكتوبر الماضي، قد ‏كشف عن حالات وفاة "شنيعة" تعرض لها المحتجون بسبب هذه القنابل، التي ‏تخترق جماجمهم‎.‎

وأوضح التقرير السابق أن هناك نموذجان من "القنابل الفتاكة" التي استخدمتها ‏القوات العراقية، هما "40 مم" من طراز "إم 99 إس‎" (M99s) ‎الصربية، التي ‏صنعتها شركة "بلقان نوفوتيك ‏‎" (Balkan Novotech)‎، وقنابل "40 مم" من نوع "إل في ‏سي إس‎" (LV CS)‎، التي من المحتمل أن تكون من تصنيع شركة أرسنال‎ (Arsenal) ‎البلغارية‎.‎

وتزن قنابل الغاز المسيل للدموع النموذجية المستخدمة من قبل الشرطة، والتي ‏يبلغ قطرها 37 ملم، ما بين 25 و50 غراما، وتتكون من عدة عبوات أصغر ‏تنفصل وتنتشر على مساحة ما‎.‎

في المقابل، تتألف القنابل العسكرية الصربية والبلغارية المستخدمة من قبل قوات ‏الأمن، والتي يبلغ قطرها 40 ملم، والموثق استخدامها في بغداد، من سبيكة ثقيلة ‏واحدة، وهي أثقل وزنا ما بين 5 و10 أضعاف، وتزن 220 إلى 250 غراما‎.‎

ويتم إطلاق كل من قنابل الشرطة والقنابل العسكرية بسرعة اندفاع مماثلة، مما ‏يعني أنها تسير في الهواء بنفس السرعة، فالقنابل التي تزن 10 أضعاف القنابل ‏الأخرى تصل قوتها 10 أضعاف عندما ترتطم بأحد المحتجين، ولهذا تسببت في ‏مثل هذه الإصابات المروعة‎.‎

قنابل إيرانية

أما التحديث الجديد للتقرير، الذي نُشر بعد إجراء المزيد من التحقيقات ومعاينة ‏مقاطع فيديو لإصابات المحتجين والقنابل التي استهدفتهم، أكدت منظمة العفو الدولية ‏أنه بالإضافة إلى القنابل الصربية، فإن "جزءا كبيرا من المقذوفات الفتاكة، هو في ‏الواقع قنابل غاز مسيل للدموع‎ M651 ‎وقنابل دخان‎ M713 ‎صنعتها منظمة الصناعات ‏الدفاعية الإيرانية‎ (DIO).‎

وأشارت إلى أن شركة "أرسنال" البلغارية باعت قنابل وأسلحة أخرى للعراق، من ‏بينها قنابل الدخان التي يتم إلقاؤها باليد، والتي استخدمت خلال الاحتجاجات ‏الأخيرة في بغداد‎.‎

ونوهت المنظمة في الوقت نفسه، إلى أنها لا تمتلك معلومات بشأن هوية مطلقي ‏القنابل الإيرانية في بغداد‎.‎

ودعت المنظمة في تقريرها، السلطات العراقية إلى "ضمان أن تتوقف شرطة ‏مكافحة الشغب وقوات الأمن الأخرى في بغداد على الفور عن استخدام نوعين من ‏القنابل المسيلة للدموع، لم يسبق استخدامهما من قبل، لقتل المحتجين بدلاً من ‏تفريقهم؛ وذلك بعد أن خلصت تحقيقاتها إلى أنهما تسببا في وفاة ما لا يقل عن 5 ‏محتجين خلال 5 أيام‎".‎

وقالت مديرة البحوث للشرق الأوسط، في منظمة العفو الدولية، لين معلوف: "تشير ‏جميع الأدلة إلى قيام قوات الأمن العراقية باستخدام هذه القنابل العسكرية ضد ‏المحتجين في بغداد، مستهدفة، على ما يبدو، رؤوسهم أو جسدهم من مسافة قريبة ‏وبصورة مباشرة‎".‎

وتابعت: "كان لهذا نتائج مدمرة، في حالات متعددة اخترقت جماجم الضحايا، مما ‏أدى إلى جروح مروعة وموت، بعد أن تنغرس القنابل داخل رؤوسهم‎".‎

وأجرت المنظمة مقابلات مع 9 شهود عيان – من بينهم محتجون ومتطوعون ‏طبيون - الذين وصفوا استخدام الشرطة لقنابل الغاز المسيل للدموع بالقرب من ‏ساحة التحرير في بغداد، في الفترة من 25 إلى 29 أكتوبر‎.‎

ووصف الشهود كيف استخدمت شرطة مكافحة الشغب، في وقت سابق من شهر ‏أكتوبر، قنابل الغاز المسيل للدموع التي تلقى باليد، لكنها بدأت تطلق القنابل في 25 ‏أكتوبر تقريبا، وتزايدت حالات الوفيات والإصابات منذ ذلك الحين بشكل ملحوظ‎.‎

وأوضح العديد من الشهود أن ما يصل إلى 10 قنابل، التي يشير إليها المحتجون ‏باسم "الدخانية"، يتم إطلاقها في الوقت نفسه على المناطق المزدحمة، وينبعث منها ‏نوع من الدخان رائحته مختلفة عن أي قنابل غاز مسيل للدموع سبق أن شاهدوها‎.‎

وقالت إحدى المحتجات لمنظمة العفو الدولية: "إحداها (الدخانية) هبطت بالقرب ‏مني، وكنت بالكاد أستطيع التنفس. شعرت وكأنه صدري قد تحطم. أعطاني ‏المتطوعون الطبيون جهاز تنفس. أعتقد أنني كنت سأموت. لقد تعرضت للغاز ‏المسيل للدموع من قبل ولكن لم أشعر بالأمر نفسه‎".‎

وقال محتج آخر لمنظمة العفو، إن صديقه قُتل بعد إصابته في رأسه بإحدى القنابل ‏في 28 أكتوبر، وشهد شخصيا حالة وفاة أخرى، وإصابةً بسبب استخدامها من قبل ‏قوات الأمن في 26 أكتوبر‎.‎

أضاف: "رأيت (الدخانية) تصيب رجلا في وسطه، وقد احرقت ومزّقت ملابسه. ‏القنبلة جاءت من حوالي 150-200 متر. لقد هوى في مكانه وسحبناه إلى عربة ‏التوك توك. رأيت رجلا آخر أصيب في الكتف. لم أر لحظة الارتطام لكنه كان ‏يصرخ بشدة‎".‎

ووصف محتج آخر كيف سقط رجل أصيب بإحدى القنابل اخترقت جمجمته، فورا ‏على الأرض، وانبعث الدخان من رأسه‎.‎

كما وصف متطوعون طبيون كيف تم إطلاق القنابل مباشرة على المناطق المكتظة ‏بالمحتجين السلميين، مما تسبب في إغماء أو اختناق الناس، من بينهم أطفال‎.‎

وقال أحد المشاركين: "لقد أطلقوا النار مباشرة على الحشود. وليس في الهواء، بل ‏مباشرة على الناس. إنه شيء وحشي‎".‎

الى ذلك، أعلنت منظمة العفو الدولية أنها عثرت على عدة مقاطع فيديو عبر ‏الإنترنت، وتحققت منها وحددت مواقعها الجغرافية. وكانت هذه المقاطع قد صُورت ‏في الفترة ما بين 25 و29 أكتوبر، في مناطق بالقرب من ساحة التحرير بوسط ‏بغداد، وهي موقع رئيسي للاحتجاجات‎.‎

كما أظهرت أشرطة الفيديو هذه 5 رجال تعرضوا لإصابة حادة في الرأس بسبب ‏القنابل على ما يبدو، ففي مقطع فيديو تم تصويره في 25 أكتوبر، على الجانب ‏الشمالي الشرقي لجسر الجمهورية، يمكن رؤية محتج فاقد الوعي أو توفي، مع ‏جرح واضح في الجزء الخلفي من جمجمته ينبعث منه الدخان أو الغاز‎.‎

ويمكن رؤية الآثار نفسها في مقطع فيديو آخر تم تصويره في نفس اليوم وفي نفس ‏المكان - وهنا يوجد محتج آخر لديه جرح مماثل على يمين جمجمته‎.‎

كما تلقت منظمة العفو الدولية صور الأشعة المقطعية من عاملين في المجال الطبي ‏في بغداد، تؤكد الوفيات الناجمة عن ارتطام شديد بالرأس. والإصابات المروعة في ‏كل هذه الصور ناتجة عن القنابل الكاملة المنغرسة في جماجم الضحايا‎.‎